بعد معارضة استمرّت سنوات من المجلس البلدي للعاصمة الدنماركية، صدرت الموافقة على مخطّط تقدّمت به الجالية المسلمة لبناء مركز ثقافي إسلامي ومسجد، عبر رسوم هندسية قدّمها المهندس العالمي، هينينغ لارسن. "لارسن" ليس شخصية عادية في مجال التصميم الهندسي، فهو مصمّم بناء وزارة الخارجية السعودية في الرياض، ودار الأوبرا في كوبنهاغن. وبناء المسجد الجديد بتصميم عصري وحديث سوف ينهي استخدام الجالية المسلمة في كوبنهاغن أبنية قديمة (معمل زيت سابقاً) بدوريثاسفاي، حيث يقيمون نشاطاتهم وصلواتهم في منطقة تعاني من اكتظاظ ومشاكل اجتماعية عدّة. الموافقة الرسمية أخيراً على التصاميم التي قدّمت لبناء مسجد ومركز ثقافي، جاءت من دون الحاجة إلى التصويت داخل المجلس، كما كان يطالب يمين الوسط دائماً، وتعدّ تطوّراً في المواقف، وليونة طالب بها العديد من الخبراء والمتخصصين في شؤون المهاجرين سابقاً. وهم أشاروا دائماً إلى أنّ: "عدم الاعتراف بمساجد المسلمين سيبقيهم عرضة لاستخدام أقبية وأبنية غير مرخّصة كمساجد، وبتمويل ذاتي، تنتشر فيها أفكار متشددة". الموافقة الرسمية أخيراً على التصاميم التي قدّمت لبناء مسجد ومركز ثقافي، جاءت دون الحاجة إلى التصويت داخل المجلس، كما كان يطالب يمين الوسط دائماً، وبذلك يأمل هؤلاء أن يكون المركز الجديد جاذباً لأبناء الجالية المسلمة، بطوابقه الثلاثة وتصميمه الحديث، المازج بين التصاميم الإسلامية، بكثير من النوافذ الصغيرة والموزاييك، مع لمسة هندسية للتراث العمراني في اسكندنافيا. ويعترف مسؤول اللجنة التقنية في البلدية بأنّه: "لم يكن من الممكن الموافقة على أيّ تصميم لو لم يكن مناسباً من قبل مصمّم عالمي بوزن هينينغ لارسن". وفي بيان صحافي صادر عن الوقف الإسلامي، اعتبر الموافقة على بناء المركز "مهمة جداً للأجيال القادمة وللمجتمع عموماً؛ إذ يجب أن يسود الانفتاح والحوار؛ كي يستطيع أعضاء المجتمع الجدد التعبير عن أنفسهم". وتابع البيان: "أنّ المسلمين في الدنمارك سوف يعملون كل ما في وسعهم، ليردوا على هذه المساعدة التي يحصلون عليها بمزيد من التواصل. فقد أثمر الحوار مع المهندس هينينغ لارسن عن ثمرة تثري الثقافة، من خلال تصميمه لهذا المسجد". ويعتبر الوقف الإسلامي أن بناء مركز ثقافي ومسجد "مهم لمسائل الدمج وغيرها من المسائل المتعلقة بالمواطنين والباحثين والزائرين أسبوعياً، من بينهم 600 زائر أسبوعي من التلاميذ والطلاب، إضافة إلى 2500 متردّد على المسجد القديم أسبوعياً أيضاً". الناطق باسم الوقف الإسلامي في الدنمارك، عمران شاه، قال في حديث ل"العربي الجديد" إنّ: "طلب بناء المسجد مقدم منذ سبع سنوات، وقد أخذ وقتاً في الدراسة المتعلقة بمساحة البناء وقضايا بيئية مختلفة". وشدّد "عمران" على أهمية وجود مركز ومسجد: "لدينا سنوياً ستة آلاف زائر دنماركي، نقيم لهم أمسيات ثقافية وتعريفية بنا. ومن المهم أن يكون لدينا مكان لائق بالجالية المسلمة، والمسجد هنا ليس حكراً على المسلمين، بل هو مفتوح للجميع، للتعرف إلينا، ولنتحاور معهم". أما بالنسبة إلى التمويل، فيؤكد الناطق باسم الوقف: "نحن مستقلّون، وندفع بأنفسنا ثمن البناء، وغير مرتبطين بجهة أو تيار، بل نحن مواطنون من خلفيات متعددة: أوروبية، وعربية، وآسيوية؛ لذا من المهم المحافظة على الاستقلالية من أجل الأجيال التالية".