طريب منذ النكسة الأولى نكسة طريب ليست كنكسة الدول العربية في حروبها مع جارتها الصغيرة إسرائيل ، القوية بحلفائها الكبار. ونكسة طريب الأولى كانت عندما صدر أمراً في الثمانيات الهجرية بترقية نقطة الخويا الأمنية بطريب إلى مركز(إمارة) ، فعقد أهل الحل والربط من أعيان طريب اجتماع عاجل وطارئ تم بموجبه الاتفاق على رفض الفكرة جملة وتفصيلا ، وتعددت الحجج والتي كان أبرزها رفض (الجنبا)،الذين سيعيثون فساداً في طريب ويجلبون ورائهم المزيد من الغرباء مثل الشرطة والمحكمة والسجن. لا يخفى على عاقل في ذلك الوقت والآن أن الخوف الأوحد هو خسارة المكانة والقوة والتأثير لمجموعة من الأشخاص لا يتعدون أصابع اليد الواحدة . فما كان من جيراننا الحريصين على النهوض بقريتهم إلا أن انتهزوا الفرصة وقد تلتها فرص أخر كثيرة ، فرحبوا بمركز الإمارة وبذلوا كل جهودهم لتذليل كل الصعاب وهو بطبيعة الحال حق مشروع لهم . النكسة الثانية دخل فيها طرف آخر جعل من أصابع اليد ست أصابع أو كما يقول العامة "ستان". وكانت هذه النكسة رسمية بحضور قضاة وشهود وعدول ، تم بموجبها إصدار صك شرعي يبين حدود طريب وقراه القائمة في ذلك الوقت . لقد كان هذا الصك مثل الصاعقة على الرؤوس ، إلا أنه جعل أهل الرأي والحزم يعيدون حساباتهم ، وبدأت النظرة تتسع ، وبدأ الديمقراطيون الجدد في هز القنا بدون أن يكسروه. بدأ الأهالي في التفكير بمركز الإمارة وأخذوا يبرقون البرقيات ويرسلون الأعيان إلى الرياض وأبها ، فقد أضناهم السفر يومياً إلى المركز المجاور ورغبوا في أن يكون التوقيف حول بيوتهم ، وساءهم أن يجعل طريب اسماً مرادفاً لقرية أخرى. لقد بدئوا في التفكير الصحيح ولكنه متأخراً ، تفكير لم يأتي إلا بعد صدمة النكسات وشدتها ، تفكير لم يسلم حتى من التعنت في طلب الكهرباء عام 1399ه تقريباً ، عندما قام حوالي عشرة من أعيان وكبار طريب بمقابلة وزير الكهرباء /غازي القصيبي فأمر كحل سريع بتزويد طريب بمولدات كهرباء حتى يتسنى ربطها بكهرباء عسير لاحقاً ، فقوبل هذا الحل بتعنت من قبل البعض أسفر عن انقسام بين صفوف الأعيان وفوز للجناح المتشدد الذي رفض المولدات بحجة أنها ستحرمهم من الكهرباء العامة ، وهي حجة واهية حرمتهم من الكهرباء لحوالي عشرين حولاً. ذهب هؤلاء الأعيان وأتى بعدهم جيل آخر أشد خطراً ، جيل يبدوا متعلماً ولكنه خلط مع العلم عنصرية مقيتة ، جيل له ابتسامة عرضها شبر تخبئ ورائها وجه عابس كفيل بقتل كل طموحات البلد. لم تكن الانتخابات البلدية التي جرت بالأمس إلا بمثابة النكسة الثالثة ، نكسة كبيرة سبقها الكثير من الجدل والقيل والقال والألفاظ المشينة والاحتقار والتهميش لأسر ولقبائل ولمراكز مجاورة . نكسة صاحبها فهم خاطئ من الناخب والمنتخب، مفاهيم كلها عنصرية وللأسف الكبير. نتيجة الانتخابات في طريب لم تكن مفاجئة على الإطلاق، والفائزون الآخرون ليسوا بمنزهين عن الأخطاء ولكنهم على اقل تقدير كانوا أكثر احتراما لمشاعر الآخرين ، ارتفعوا عن سقط الكلام وتوافهه ، فكانت النتيجة احترام الناخب لهم . لن نتوقع من الفائزين أكثر مما توقعنا من أسلافهم ، والفائزون ليسوا بأكثر كفاءة ممن لم يحالفهم الحض، فالعملية تخضع لأمور كثيرة. لم نجني من هذه الانتخابات البلدية إلا الرجوع إلى مطالع الثمانينات والسبعينيات الهجرية ، وإلى مزيد من النكسات المتعاقبة . فهل تكون النكسة الثالثة هي الأخيرة ؟ هل تكون هذه الانتخابات ونتائجها حافزاً لإعادة الأمور إلى مسارها الصريح؟ إلى متى والبعض يفكر بعقلية القرن الماضي؟ إلى متى ونحن نزرع في رؤوس أطفالنا ، مقولة :هذا من أهل طريب وهذا دخيل عليه؟ إلى متى والعنجهية هي ديدن البعض في زمن يتحتم على الجميع أن يتبوأ الأصلح فيه المكان المناسب؟ إلى متى والغالبية الصامتة تمتهن الركون إلى الزاوية؟ إلى متى وبعض الأهالي يعتبر بلدية طريب ملك لطريب فقط؟ نأمل أن تكون هذه التجربة القاسية او النكسة الثالثة حافزاً للتفكير من جديد لصالح طريب ولصالح أهالي طريب وزواره ، وأن يترك البعض شيئاً من ترسبات الماضي وأحقاده ، وأن يغلبوا لمصلحة العامة.