أوضح عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز آل الشيخ أن المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما حرم الله عليه، والمجاهد من جاهد نفسه وهواها، قال تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ). وقال الدكتور آل الشيخ في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بجامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض إن التشريعات الإسلامية والوصايا الربانية جاءت أول ما بدأت بحق الله تعالى وتوحيده ثم بحسن عبادته ومتين العلاقة لقوله تعالى (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) مشيراً إلى أن الله سبحانه وتعالى بين حقه وحق عبادة فبدأ بحقه ثم حق الوالدين لعظم فظلهما ولجليل منزلتيهما ثم بالقريب الملاصق وهو الجار القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب ثم بدأ بالضعيف لبدنه وهو اليتيم ثم الضعيف بماله وهو المسكين. وأضاف أن من فضل الله سبحانه وتعالى أن نظم العلاقة بين المسلمين في دوائر متكاملة تتسع شيئاً فشيئاً فتبدأ بحق الوالدين ثم بحق الأقارب ثم بحق الجيران وتمتد إلى الغرباء وغير المسلمين. وقال لنقف وقفة مع أحد هذه الدوائر وهي دائرة الجوار العظيمة لأن الجيران يعرف بعضهم بعضاً ويطلعون على أخبار بعض ويعرفون الأسرار ولا تغاب عنهم الأخبار لا يخفى عليهم أي أمر مبيناً أن الجار بمعناه العام هم ما عظم حقه شرعاً وعقل. وبين الدكتور آل الشيخ أن الجيران مراتب، قال ابن حجر رحمه الله والجيران من هم الجار الكافر والجار المسلم والجار التقي والجار الفاسق ومنهم القريب ومنهم البعيد ومنهم الأقرب دار والأبعد دار تتفاوت منزلتهم بحسب درجتهم فمن كان فيهم الصفات الأولى كلها فإنه يقدم وكل يعطى بحسبه. وأشار إلى ربط النبي صلى الله عليه وسلم حق الجوار بالإيمان بالله واليوم الآخر فقال صلى الله عليه وسلم (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره)، وقال صلى الله عليه وسلم (خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره)، مبينا أن من حقوق الجار إكرامه وكف الأذى عنه وتحمل أذاه، مشيراً إلى أن إكرام الجار عظيم وباب واسع بحسن السلام ولين الكلام وإرشاده إلى الخير، مشيراً إلى حديث أبي ذر رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا طَبَخْتَ مَرَقَةً فَأَكْثِرْ مَاءَهَا وَتَعَاهَدْ جِيرَانَكَ) ففي هذا بيان أن الإنفاق لا يكون إلا من الميسور ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم أكثر ماءها ولم يقل أكثر لحمها لأن اللحم لا يقدر عليه بعض الناس, وهذا من مكارم الأخلاق فعلى المسلم أن يهدي إلى جاره الطيب. وقال إنه حينما ضحى النبي صلى الله عليه وسلم قال هلا أعطيتم جارنا اليهودي، وذبحت شاة في بيت عبدالله بن عمر فقال هل أعطيتم الجار اليهودي ثلاث، قال صلى الله عليه وسلم مَا زَالَ جبريل يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ) وفي هذا أن حق الجار عظيم ولا فرق بينه وبين القريب إلا بحق الميراث، وفي حديث جامع عن حقوق الجار كما يرويه معاذ رضى الله عنه قيل للنبي صلى الله عليه وسلم ما حق الجار قال (إذا استقرضك أقرضته وإن سالك أعطيته وإن مرض عدته وإن مات تبعت جنازته وإن أصابه خير سرك وهنأته وإن أصابته مصيبة ساءتك وعزيته ولا تؤذيه بقتال قدرك إلا إن تغرف له منها وإن اشتريت فاكهة فأهدي له وإلا فادخلها سراً ولا تخرج بها ولدك ليغيض ولده ولتستقل عليه بالبناء فتمنع عنه الريح إلا بإذنه) , وجاء في الحديث إذا كان لك أرض وأردت أن تبيع فلا تبع حتى تعرض عليه, وليبدأ الجار الأقرب فالأقرب، سألت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم أن لي جارين أريد أن أهديهما قال ابدئي بأقربهما دار, قال أهل العلم إذا كان ليس للإنسان إلا شيء واحد وإن كان عنده أكثر من شيء فإن الأفضل أن يهدي لكلا الجارين حتى تعم المحبة والرخاء، كما أن من حق الجوار إعانته بما تستطيع فإن كنت معلم فعلمه وإن كنت طبيب فعالجه وكذا الحال في المهندس والنجار. وأضاف عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أن حق الجار يعظم إذا كان محتاج إلى هذا الأمر فليحذر كل مسلم أنعم الله عليه بنعمة المال ونعمة الجاه أن يؤذي جاره، مشيراً إلى وجوب تربية الأبناء على حب الجوار وحب الجار وحقوق الجار حتى ينشأوا حابين لجيرانهم ومتعودين على الإحسان عليهم.