كشفت الأمطار والسيول الأخيرة التي ضربت بعض المناطق ومنها الباحة وعسير وجازان عن أننا لا نستفيد كثيرا من تجاربنا، فبعد كارثة جدة كان من المفترض أن تكون هناك مراجعات شاملة لأعمال الطرق وبناء العبارات والجسور والسدود وصيانة القائم منها بطرق تضمن سلامتها وأداءها لدورها المنوط بها، وكذلك في سلوكنا في التعامل قبل وبعد الكوارث، إلا أنه ما زال هناك تقصير كبير في هذا الجانب. إننا نحتاج إلى تغيير مفاهيمنا في التعامل مع الأشياء، وخاصة في الأمور التي قد تفضي بنا إلى كوارث، فبعض المواطنين ما زالوا يتعاملون بسلبية فيما يتعلق بالالتزام بتعليمات السلامة، فتجدهم يعبرون الأودية بسياراتهم ذات الدفع الرباعي ظنا منهم أنهم قادرون على تجاوزها، وبعضهم يحاول ذلك حتى بسيارات صغيرة، وبعضهم لا يزال يسكن بجوار مجاري السيول والأدوية ظنا منهم أن الأمور قد لا تصل إلى مرحلة الخطر. الطبيعة لا دخل لها بكل هذه الفرضيات، فقد يتدفق المطر فجأة لساعات طويلة، وتفيض تلك الأودية، وتجري السيول كاسحة، لا تبقي أمامها شيئا، حتى الصخور فإنها تقتلعها، ولهذا فإن من الحكمة أن نبتعد بقدر الإمكان عن أسباب الخطر. كما أننا نجد بعض المواطنين يحاولون خوض المغامرات دون إدراك عواقبها والاستعداد الكافي لها؛ فالشاب الذي أنقذته فرق الإنقاذ بالدفاع المدني في المدينةالمنورة بعد أن تاه في الجبال أثناء تسلقه لها مع بعض زملائه يؤكد هذا الأمر، فأؤلئك الشباب خرجوا دون أن تكون معهم الأدوات اللازمة لتسلق الجبال، أو الخرائط اللازمة، أو وسائل الاهتداء الليلي، أو الإنذار، أو أدوات الإسعاف، وغيرها. وهناك الكثير من الأمثلة. وأعتقد أن نسبة كبيرة من الحوادث سببها إهمال أو تقصير من الإنسان، وهذا ما يدعونا إلى أن نكون حذرين في كل شيء، فمعظم النار من مستصغر الشرر.