اتضح من الحلقات السابقة لمسلسل (طاش ماطاش) أن العمل السعودي هذا العام، سيكون أقل إضحاكا، مثلما صرح نجومه أثناء تصوير العمل في الأيام الماضية، وبغض النظر عن الحلقتين الأولى والثانية، فإن الحلقة الثالثة التي ناقشت قضية المناهج واليوم الوطني، استطاعت تحريك الراكد، والتعبير بصورة جلية عن شريحة كبيرة من المجتمع السعودي وتناولت المنهج التعليمي وما يدور في كواليسه من تصادم بعض التيارات الفكرية، وعدم تقبلها لمفهوم التطور في مواكبة العصر، وبناء جيل مثقف منفتح على المجتمعات الأخرى، هذا التوغل في الأرض التعليمية الذي كان في فترة سابقة منطقة محظورة، استطاعت فرقة طاش أن تدخل هذا الحقل بشكل كلاسيكي يتناغم مع الفكرة والهدف الرئيسي من توصيلها لصناع القرار، ونجح يحيى الأمير، كاتب حلقة (التطوير) في التوغل بدقة في المناطق الشائكة لدى البعض، وتعريتها بشكل شفاف اعتاده المشاهد في الطرح من (طاش ما طاش) خاصة إذا ما صارت المسألة تتعلق بجدل فكري، وهو ما تحقق من خلال قضية تطوير المناهج أو الاحتفال باليوم الوطني، وقد تنال الحلقة بعض الاعتراضات؛ خاصة أن الكاتب محسوب على تيار معين، ومادة سائغة لبعض الأطراف في الإنترنت. والمتابع لمسيرة هذين النجمين يدرك تماما حجم المعاناة والجهد الذي يبذلانه ويواجهانه طوال مشوارهما الفني، خصوصا من قبل بعض التيارات الفكرية المناوئة لخطهما الفني، إلا أنهما استطاعا أن يتجاوزا كل العراقيل التي وضعت في طريقهما بكل ثقة واقتدار لتوصيل رسالتهما المثالية في توعية المجتمع السعودي عبر الأطروحات التي يقدمانها في كل حلقة لمعالجة السلبيات في قالب كوميدي، عودة طاش هذا العام وبثوبه الجديد وبأفكاره الحديثة يؤكد أنه قد يمرض لكنه لا يموت، مادام هناك أسماء مهمة تقف خلف هذا المشروع الدرامي الناجح لإعادته إلى الحياة مجددا رغم ذلك، فهو حالة استثنائية، حتى لو اختلف معه البعض يبقى نموذجا فنيا لا يقبل المساومة عليه، فهو أحد أهم الشرايين الفنية التي تنبض داخل جسد الدراما السعودية دون منازع، قد يذهب مخرج ويأتي غيره، لكن لن يعوض القصبي والسدحان فيما لو خرجا من طاش، فبكل تأكيد سيكون هناك خلل واضح في العمل، فليس كل عمل يحمل أجزاء مشابهة لطاش؛ لأن الخلطة السرية لدى القصبي والسدحان. ويظل مسلسل (طاش ما طاش) رسالة المجتمع السعودي الحقيقية الذي يجسد فيه هموم ومشاكل وقضايا الشارع تحت رؤية درامية تحمل قيمة فنية، تلامس الجميع، بعيدا عن الإسفاف والاستخفاف بعقل المشاهد، ولعل الخبرة الممتدة لأكثر من عشرين عاما للنجمين ناصر القصبي وزميله عبد الله السدحان، جعلتهما أكثر نضجا ووعيا يستطيعان من خلاله خلق روح جديدة تحمل أفكارا متنوعة، يتم طرحها بشكل راقٍ يصل لكافة شرائح المجتمع .