سيطرت العمالة الصومالية في المنطقة الغربية على مهنة غسيل السيارات، إلى درجة تثير الريبة، حيث يستحوذون على 85 في المئة من المغاسل في الوقت الذي يبحث فيه السعوديون عن فرصة للعمل أو مجال للاستثمار لكنهم يجدون الباب أمامهم مغلقا. وهذه السيطرة ليست مزعجة فقط للسعوديين إنما أيضا للعمالة الإفريقية الأخرى التي ترى أن هؤلاء أصبحوا أباطرة، اتهموهم ب(اللعب في الممنوع)، وممارسة العمل غير الشريف بالاتجار في الممنوعات، فيما يصر آخرون على أن التكتلات الصومالية تعتبر السبب المباشر في طرد أي جنسية أخرى من الاستثمار في مغاسل السيارات. طريق مسدود عائض الشهري شاب حاول استئجار مغسلة على موقع متميز، وافق في البدء على مبلغ 70 ألف ريال ورغم إغراء صاحبها بمبلغ يصل إلى 90 ألف ريال إلا أنه لم يوافق، لأن عددا من الصوماليين عرضوا مبلغا خياليا، وقال لشمس” انسحبت كُرها، وما باليد حيلة، ولا أعرف أهُم أحق منا؟”. ويصر محمد الرحيلي على أنه إذا كانت هناك رقابة من الجهات المختصة لما سيطر الصوماليون على المغاسل، أو سيطر الوافدون الآخرون على مهن أخرى، مضيفا: “أليس من الواجب أن تبقى تلك المشروعات للشباب الباحث عن الاستثمار في بلاده، بدلا من محاربتنا في أرزاقنا”. ويؤكد سعد الفرحان أن العمالة الصومالية تسيطر على مغاسل الأحياء الشمالية في جدة ويشكلون تكتلا مكثفا على ألا يشاركهم أحد وذلك من أجل أن يعملوا في الممنوع بشكل كبير، ويضيف: “أغلب عمالة المغاسل مخالفة للإقامة ولا تحمل هوية أو تحت كفالة سعودي، لذلك تجد الذين بالواجهة واحدا إلى اثنين ممن يحملون إقامة ولكن البقية والذين قد يتجاوزون الخمسة إلى عشرة أشخاص من مخالفي الإقامة بدليل أنهم حينما يكون هناك تفتيش يهربون ولا نجد لهم أثرا”. الرزق مفتوح ويرفض محمد بخاري (صومالي) الذي يعمل في مغسلة سيارات حي الروابي جنوبجدة الحديث عن سحب الرزق من (أولاد البلد)، ويعتبره أمرا لا داعي له، لأن “باب الرزق مفتوح، ولن نخطف رزق أحد، وليس هناك أي استيلاء، وإذا وجدت حالة أو اثنتان فهما فردية ويجب ألا نعممها على الجميع، لأنه ليس لنا نفوذ، ونحن مساكين وعلى باب الله”. ويوضح أن هناك صوماليين يستأجرون المغاسل من بعض السعوديين من الباطن، ويتقاسمون الربح، وهي تعد حالات نادرة، وليس فيها أي نفوذ. وأضاف أن تميز أدائنا السبب في كثرة وجود الصوماليين في مغاسل السيارات، “ولو لم يكن عملنا نظيفا ما وافق كفلاؤنا على كفالتنا في هذا العمل”. ونفى كل ما يتردد حول أن عمال المغاسل أرباب سوابق في بلادهم، وقال: “أغلب العمال الصوماليين ربما لا تكون لديهم صنعة في البلاد، وما إن وصلوا إلى السعودية حتى بدؤوا البحث عن عمل، فلم يجدوا ضالتهم إلا في المغاسل التي تعتبر أسهل عمل”. الحرفة الأسهل ولا يتردد الصومالي شيخات أن يعترف بأن الإقبال الجارف من أبناء جلدته على مهنة مغاسل السيارات، لأنها (المهنة الأسهل)، وليس سيطرة على هذا المجال، وقال: “ليس لدينا أي تخطيط جماعي في احتكار المهنة، لكننا بصراحة لا نعرف لنا عملا نمتهنه، سوى هذه المغاسل، فهي عمل رغم مشقته، إلا أنه سهل، ونحن فئة لا نجيد إلا الأعمال السهلة وليست المعقدة”. ويشدد نصر الدين الذي يعتبر نفسه متعلما عطفا على ما يحمله من شهادة أشبه بالكفاءة، على أن التهم ضدهم بأنهم أصحاب سوابق وجرائم (كذب) وافتراء، وقال: “يريدوننا ألا نعمل، ولا نسترزق، لكننا نحمد الله نصوم ونصلي ونخاف الله”. ويعترف بأنه يقاسم صاحب المغسلة السعودي الربح، “وأحيانا نسلمه مبلغا مقطوعا شهريا، ويتراوح من أربعة إلى ثمانية آلاف حسب الدخل، ثم يتقاسم العاملون في المغسلة الأرباح”. ويشرح زميله الذي يقاسمه العمل في مغسلة شرق جدة، ولا يزال يدرس في الصف الثاني المتوسط، كيف وفر له والده فرصة العمل لمساعدته على مصاريف المنزل، مبينا أن الأب يعمل صباحا، وهو ورفاقه يعملون مساء. ميراث الأجداد على الجانب الآخر لم يكن الصوماليون يهنؤون وحدهم بالعمل في مغاسل السيارات، لأن هناك من الأفارقة ممن يحاولون منافستهم في هذا المجال، وإن كانوا يعترفون بأنهم لا يستطيعون سحب البساط من تحت أقدامهم. ويعتقد التشادي حاكي البشير أن الصوماليين يسيطرون على 85 في المئة من المغاسل، ولم يتركوا للجنسيات الأخرى سوى الفتات، لكنه يربط بين السيطرة الصومالية على المغاسل وقدم وصولهم إلى السعودية، وقال: “توافدوا إلى هنا منذ أكثر من أربعة أو خمسة قرون، وورثوا العمل في هذه المغاسل من الآباء والأجداد حتى سيطروا عليها، الأمر الذي يعطي لهم الأغلبية، وهناك بعض الصوماليين استفادوا من هذا العمل، وأصبحوا تجارا”. لكن رفيقه محمد يرى أن الصوماليين سدوا عليهم كل المنافذ في المغاسل، ويذهب إلى أبعد من ذلك ويتهمهم بتشكيل (جماعات) للسيطرة على كل المغاسل، وقال: “عملت في مغسلة، لكنني لم أستمر، حيث طردوني منها واتهموني بسرقة سيارة زبون، والهدف معروف”، مشيرا إلى أنه يعرف فئة من الغسالين أصبحوا أغنياء من هذه المهنة”. تجار الممنوع أما التشادي الذي فضل عدم ذكر اسمه والذي يعمل غسال سيارات على أرصفة الشارع فيزعم أن الصوماليين يتاجرون في الممنوع، وقال: “استولوا على المغاسل بتجارتهم المخالفة، وسبق أن طردوني من العمل بسبب أنانيتهم”. لكن عدوت الصومالي لا يخجل من الاعتراف باحتمالية وجود مثل هذه الأعمال المخالفة في المغاسل، على الرغم من يقينه أن (الجزء لا يعيب الكل)، ويكتفي بالقول: “قد يكون بعض ضعاف النفوس يستغلون السيارات في ممارسة الممنوع”.