ما من جماعة كبرت أم صغرت، إلا كانت بين تأثر وتأثير. حقيقة يكاد الجميع يتفق عليها، بدءا من الأسرة الصغيرة، وحتى الشعوب العظيمة؛ ومردّ هذا إلى القوة، فمتى امتلكت المجموعة القوة كانت ذات سيادة وتأثير على الآخر، ومتى ضعفت كانت متأثرة مغلوبة على أمرها، وحول هذا المعنى عَنون ابن خلدون أحد فصوله ب: “إن المغلوب مولع أبدا بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيه ونحلته وسائر أحواله وعوائده”. والأمة العربية والإسلامية كبقية المجموعات، مرت بأطوار متعددة متباينة، منذ أزليتها إلى اللحظة الآنية، كانت في بعض منها ذات شوكة ومنعة وسلطة فأثرت في الأمم الأخرى، ثم ما لبثت أن أُصيبت – في أحايين أخَر بغير الحدَثان فكانت ضعيفة منهكة، مسلوبة الإرادة، قابعة تحت سلطة التأثير. والمتأمل في حال الأمة الآن يجد أننا بكل أسف – في حندس هذا الطور، مرحلة المتأثر المغلوب على أمره، المسلس لحكم غيره، الشيء الذي يضطرنا إلى الإذعان والتبعية للغرب، حذو القذة بالقذة، وهذا التأثير ليس مناطا بجانب واحد، بل يكاد يعم جميع مناحي الحياة؛ لذا يجب علينا أن نبحث في سبل النهضة لنرتقي بحال أمتنا، ولتعود إلينا القوة التي من خلالها نستطيع أن نؤثر في العالم من جديد، كما كان أجدادنا من قبل.