«البطالة أم المشاكل».. جملة لطالما تعاملت معها المجتمعات العربية، بواقع مغاير، فالبعض تبنى أسلوبا فعالا في المعالجات، فيما تكاسل البعض الآخر في توصيف المشكلة، الأمر الذي ربما أفرز الكثير من السلبيات التي يصعب علاجها لاحقا. وإذا كانت سوق المملكة، جاذبة لما يزيد على 7 ملايين وافد، يجدون العمل المربح، والجو الملائم لتنمية قدراتهم وإمكاناتهم، فضلا عن استثماراتهم، فإن المجال يصبح أكثر تفاؤلا لشباب المملكة في الوصول إلى المبتغى، الذي لم يكن يوما مجرد وظيفة بالقدر الذي يشكل العمل المناسب. ومع البرامج المتوالية للحد من بقاء الشباب خلف جدران ال«لا عمل»، تتسارع الخطى في توفير الأجواء المناسبة لانطلاقة مثالية في عمل الشباب، الأمر الذي أسفر عن وضع حد أدنى لرواتب المعينين الجدد، والذي ما زال التعامل معه من عدد كبير من شركات القطاع الخاص دون المأمول أو دون الطموح، الأمر الذي يشكل تناقضا بين رغبة الشركات في تلبية نداء السعودة، وخطواتها لترجمة هذه الرغبة إلى واقع عملي. ولأن خريطة التنمية التي تبنتها المملكة تعتمد على الشباب، مثلها مثل كثير من المجتمعات المتواصلة مع مواطنيها، وضعت البرامج العملية الشباب في مقدمة أولوياتها، إلى الدرجة التي اعتمد فيها «حافز» كبرنامج لا يعد بديلا عن العمل، لكنه يعد استكمالا لمنظومة العمل، من خلال توفير الدعم للباحثين عن العمل. ويوما بعد يوم يتمدد الشباب، الأمر الذي جعل برامج الاعتناء بالشباب سواء على المحيط المحلي أو الإقليمي عملا مشتركا لكافة البرامج الإنمائية. من هنا جاء عمل الخليج العربي للتنمية «أجفند»، الذي يرأسه الأمير طلال بن عبدالعزيز، الذي وجه أهمية قصوى للشباب، كون هذه الشريحة هي عماد المجتمعات والاستثمار الحقيقي في المستقبل. من هنا أيضا تولدت جائزة «برنامج الخليج العربي الدولية لمشروعات التنمية البشرية الريادية»، في هذا العام 2011، لقضية تنموية حيوية، حملت عنوان «تمكين الشباب من خلال المبادرات وتوسيع الفرص الوظيفية». «أجفند» والسعوديون فيما أعلن برنامج الخليج العربي للتنمية «أجفند» عن قرب إغلاق باب الترشح لجائزة «أجفند» الدولية لمشروعات التنمية البشرية الريادية، في 31 مايو الجاري، والتي حملت موضوعا لهذا العام 2011، باسم «تمكين الشباب من خلال المبادرات والفرص الوظيفية»، بقي السؤال: هل للشباب السعودي فرصة في هذه الجائزة، أم أنها تعني الدول الفقيرة، وهناك حجر لفئات أو جنسيات، أوليست مجالا معنيا بالإبداع، فأين السعوديون من «أجفند» والجائزة؟ استبعد مدير الإعلام في «أجفند» عبداللطيف الضويحي، وجود حجر لأي مبادرات شبابية، مؤكدا أن المشروعات السعودية الهادفة إلى دعم الشباب وفتح فرص العمل أمامهم تلقى ترحيب «أجفند»، ولها فرص كبيرة للحصول على التمويل، في حال استيفائها معايير «أجفند». وأعلن أن «أجفند» يتوقع أن تتنافس المشروعات السعودية على جائزة برنامج الخليج العربي الدولية المخصصة لهذا العام لمشروعات تمكين الشباب ومكافحة البطالة بينهم: «التنافس مفتوح، والجائزة تلزم الشفافية والحيدة في تحكيم المشروعات المرشحة». ولفت الضويحي إلى أن المملكة هي الداعم الأكبر ل«أجفند» وأنشطته التنموية، وذلك منذ تأييدها مبادرة الأمير طلال بن عبدالعزيز لتأسيس برنامج الخليج العربي للتنمية في ثمانينيات القرن الماضي: «لأجفند جهود تنموية مميزة داخل السعودية، مثل مشروع رياض الأطفال، الذي تطور إلى مشروع تنمية الطفولة المبكرة، وأدى نجاح المشروع إلى تعميمه عربيا، حيث ينفذ في 12 دولة، وكذلك الجامعة العربية المفتوحة». وأشار إلى أن فرصة الشباب في مشروعات «أجفند» دوما تتسع، وهناك جهود لتأسيس بنك لتمويل مشروعات الشرائح الفقيرة في المملكة في إطار المبادرة التي يقودها الأمير طلال لمكافحة الفقر في الوطن العربي من خلال إنشاء بنك يطبق آلية الإقراض متناهي الصغر: «الشباب من الجنسين لهم الفرص الأكبر في تمويلات بنوك الفقراء، كما أن من المبادرات البارزة التي للشباب فيها نصيب كبير، بل الأكبر، تلك المبادرة التي شاركت فيها «أجفند» في المملكة مع عدد من الجهات المعنية، وتعنى بمكافحة أمراض الدم الوراثية، وانتهى المشروع إلى استصدار قرار الفحص الطبي قبل الزواج، لتفادي انتشار الأمراض الوراثية». وبين الضويحي أن ل«أجفند» اهتماما بالعمل الأهلي والطوعي المنبثق من القواعد المجتمعية، ويكون للشباب فيه دور واضح، حيث يقيم «أجفند» علاقات تنموية جيدة مع الجمعيات الأهلية في المملكة، ويدعم أنشطتها، ويمول مشروعاتها، خاصة الجمعيات التي تخدم المرأة والطفل، وتعمل في مجال الرعاية الصحية. «أجفند» ترى أن توجيه جائزتها لمعالجة قضية بطالة الشباب، يعكس مدى قراءتها الواقعية لخريطة المجتمعات النامية، خاصة المجتمعات العربية، التي ترهقها وطأة البطالة. وكان تقرير صدر بالتعاون بين جامعة الدول العربية وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي، أشار إلى أن معدل بطالة الشباب في العالم العربي هو الأعلى على مستوى العالم، وأن الدول العربية الأقل نموا مهددة بجيل من المعاقين عقليا وبدنيا. وطالب التقرير الدول العربية الغنية بدعم مثيلتها الفقيرة، مبينا تحت عنوان «تحديات التنمية في الدول العربية.. نهج التنمية البشرية»، أن معدل البطالة بين الشباب في الدول العربية هو الأعلى في العالم، وأن شريحة الشباب تمثل أكثر من نصف العاطلين في معظم الدول العربية. البطالة 17 % نسبة البطالة في المجتمعات العربية تبلغ 17 %، وفق تقدير آخر الإحصاءات الراصد، وعلى الرغم من معدلات المتعلمين بين الشباب عن مستوياتها السابقة في الدول العربية، إلا أن معظم الخريجين عاطلون عن العمل، وبعضهم يمارس أعمالا هامشية ليست لها صلة بتخصصه الدراسي الذي أمضى فيه سنوات، حيث يشير المتابعون إلى معدلات النمو العربية إلى أن نحو مليوني شخص ينضمون سنويا إلى طابور العاطلين. ويقدر حجم الأموال اللازمة لتوفير فرص عمل في المجتمعات العربية بنحو 15 مليار دولار سنويا، ذلك أن حجم القوى العاملة في ازدياد مستمر، وقد ارتفع من 65 مليون نسمة عام 1993، إلى 89 مليونا عام 1999، وبلغ 123 مليونا عام 2010، فيما يقدر حجم الداخلين الجدد في سوق العمل العربية بنحو 3 ملايين عامل سنويا. رؤية «أجفند» رؤية «أجفند» في التعامل مع قضايا التنمية المجتمعية هي استباق المشكلات والحث على عدم إهمالها لتتراكم وتتعقد. ويؤكد هذه الرؤية الأمير طلال بن عبدالعزيز بالإشارة إلى أنه: «إذا لم تحل مشكلات الطفولة العربية والشباب فستظل طموحاتنا نحو المستقبل قاصرة، وخططنا متعثرة، لأننا دوما سنفاجأ بأناس لم نكن نضعهم في الحسبان، ولم نكن نقيم لهم وزنا، أصبح لزاما على المجتمع استيعابهم في مؤسساته التعليمية والصحية، وغيرها، ولذلك فخطط التنمية التي لا تخصص فيها مساحات معتبرة للطفولة والشباب تحمل أسباب إخفاقها». ويؤمن «أجفند» بأن البطالة المتفشية في أوساط الشباب العربي عرضة لخلل أكبر في بينية المجتمعات العربية: «ولذلك ينبغي أن يكون الحل شاملا ومدروسا، وبهذا الفهم المؤسس يتتبع «أجفند» مشكلات المجتمعات النامية من أساسها، وهي الطفولة والتعليم والصحة، ومكافحة الفقر، حيث خصص «أجفند» في إستراتيجيته موقعا مهما لتنمية الطفولة، لإعداد جيل من الأطفال المهيئين للالتحاق بالمدرسة، والمساهمة في تقدم مجتمعاتهم مستقبلا، والمشروع قوامه وضع استراتيجية وطنية على مستوى كل دولة لتطوير الطفولة المبكرة وتنميتها، وتبنى منهجا حديثا لرياض الأطفال، وتدريب معلمات مدربات، وتجهيز مراكز التدريب، وقد نفذ المشروع بنجاح في 11 دولة عربية». ويتعهد أجفند مشروعات التعليم في جميع المراحل بالدعم والتمويل وتقديم المشورة، وأوجد نموذجا للتعليم العصري، وهو الجامعة العربية المفتوحة، التي تسهم في استيعاب آلاف الشباب العربي، عبر فروع الجامعة السبعة في كل من: السعودية، الكويت، الأردن، البحرين، عمان، لبنان، مصر، وفروع أخرى ستفتح في فلسطين واليمن، حيث تقدم الجامعة مناهج دراسية تتواءم مع متطلبات سوق العمل، والإسهام في الحد من البطالة .