أكدت الهيئة العالمية للتعريف بالرسول الكريم ونصرته أن تمثيلَ الصحابة أو أحداً منهم، وبخاصةٍ الخلفاء الراشدون، عملٌ محرَّم، وإن ظنَّ بعض الناس أن فيه مصلحة. مؤكدة أنَّ ما يؤدي إليه مسلسل الفاروق عمر من المفاسد أشد وأرجح، وموضحة أنه يُعتبر مخالفةً صريحةً وعدم مبالاة بما أفتى به جمهور علماء المسلمين. ودعت الهيئة في بيان لها اليوم علماء اللجنة، الذين استند منتجو المسلسل إلى إجازتهم له، واحتجوا بهم على جمهور العلماء المانعين، إلى بيان موقفهم نحو هذا المسلسل، موضحة أنَّ الرجوع إلى الحق خيرٌ من التمادي في الباطل، وبخاصةٍ بعد تكشُّف كثيرٍ من مفاسده ومحاذيره.
وفيما يأتي نص البيان: بيان من الهيئة العالمية للتعريف بالرسول - صلى الله عليه وسلم - ونصرته حول تمثيل الصحابة في الأفلام والمسلسلات: الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على المبعوث رحمةً للعالمين، نبيِّنا مُحمَّد وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، أما بعد: فإنَّ من مجالات الاهتمامِ والمتابعة للهيئة العالمية للتعريف بالرسول - صلى الله عليه وسلم – ونصرته، انطلاقاً من رسالتها في التعريف بالرَّسول صلى الله عليه وسلم ونُصرته، الاهتمامَ بمن أوصى بهم النبي صلى الله عليه وسلم من آله الطيبين، وأزواجه الطاهرات، وأصحابه الكرام، رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين.
وفي ضوء ذلك، تابعت الأمانة العامة للهيئة منذ تأسَّست ما يقترفه بعض الناس من إساءات نحو آل النبي صلَّى الله عليه وآله وسلم، ونحو أزواجه وصحابته الكرام رضي الله عنهم، وسعت لتفنيد هذه الإساءات وردِّها، مقدِّرةً لعلماء المسلمين في العالم الإسلامي مواقفهم الكريمة في استنكار كل ما يؤذِي النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم، أو يؤذي آلَه أو أزواجَه أو صحابته رضي الله عنهم جميعاً.
ومما لوحظ، ولاسيما في الآونة الأخيرة، ما توجهت إليه بعض القنوات الفضائية من إنتاج أفلام ومسلسلات يجسِّدون فيها الصحابة الكرام، غير مبالين بما صدر من فتاوى مانعة ومحرِّمة لهذه الأعمال.
وكان من آخر هذه المسلسلات ما أعلنت عنه ونشرت بعض مقاطعه مجموعة MBC، المؤسسة القطرية للإعلام، تحت اسم مسلسل الفاروق عمر، وهو ما يُعتبر مخالفةً صريحةً وعدم مبالاة بما أفتى به جمهور علماء المسلمين من منع ذلك وتحريمه؛ حيث صدرت الفتوى من هيئة كبار العلماء بالسعودية، وعن مشيخة الأزهر بمصر، وعن المجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي، وعن كثيرٍ من علماء المسلمين بتحريم تمثيل الصحابة.
وتأكيداً لما اتفق عليه علماء الأمة، فإن الأمانة العامة للهيئة العالمية للتعريف بالرسول صلى الله عليه وسلم تؤكد أن تمثيلَ الصحابة أو أحداً منهم، وبخاصةٍ الخلفاء الراشدين، عملٌ محرَّم؛ لما فيه من الامتهان لهم، والاستخفاف بهم، وتعريضهم للنَّيل منهم، وإن ظنَّ بعض الناس أن فيه مصلحة فإنَّ ما يؤدي إليه من المفاسد أشد وأرجح، وما كانت مفسدتُه أرجح فهو ممنوعٌ ومحرم، إضافةً إلى ما يصحب هذه المسلسلات والأفلام من إظهارِ نساءٍ متبرِّجاتٍ سافراتٍ بزعم أنهن يُمثِّلنَ صحابياتٍ كريماتٍ من زوجات كبار صحابة النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم.
كما أنه لا يجوز التعاون على نشر هذا المسلسل وغيره مما يتم فيه تمثيل أحدٍ من الصحابة بشخصه، ولا المشاركة في رعايته أو دعمه بأي نوع من أنواع الدعم المادي أو المعنوي.
كما أن الأمانة العامة للهيئة تدعو علماء اللجنة الذين استند منتجو المسلسل إلى إجازتهم له، واحتجوا بهم على جمهور العلماء المانعين، إلى بيان موقفهم نحو هذا المسلسل؛ فإنَّ الرجوع إلى الحق خيرٌ من التمادي في الباطل، وبخاصةٍ بعد تكشُّف كثيرٍ من مفاسده ومحاذيره؛ إذ المسألة ليست متوقفة عند نَصٍّ يُكتب ويُراجع فيُطبع، ولكن المحذور كامنٌ في تمثيل أشخاص الصحابة، وما يترتب عليه من الإساءة والتشويه؛ ذلك أن العبرة بالمقاصد والمآلات، لا بمجرد الوسائل والاحتمالات؛ فهذا بابُ شَرٍّ تتابع العلماء على إغلاقه والتحذير من وُلُوجِه؛ فعلى هذه اللجنة التي أجازت نصوص المسلسل، مع علم الجميع أنه سيُمثَّل، أن يتقوا الله من أن يلقوه سبحانه وقد فتحوا هذا الباب على الناس، وحملوهم على التساهل فيه.
وتذكِّر الأمانة العامة للهيئة بأن مجالات تقريب سِيَر الصحابة ممكنةٌ - بحمد الله - عبر وسائل عديدة بعيدة عن المحاذير الشرعية، وبخاصة من خلال التقنيات المعاصرة. وتدعو عموم المسلمين إلى مجانبة تلك الأفلام والمسلسلات المسيئة لآلِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وإلى أصحابه الكرام، وأن يحذروا من الاغترار بما تشيعه تلك الأفلام والمسلسلات عن الصحابة مما هم منه بَراء؛ حتى يحظوا بالبشارة العظيمة في قول الله جلَّ وعلا: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة: 100]. ونسأل الله أن يهدينا والمسلمين سواء السبيل، وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد وآله وصحبه والتابعين. حُرّر في الرياض 22 شعبان 1433ه
الأمين العام للهيئة العالمية للتعريف بالرسول صلى الله عليه وسلم ونصرته أ. د. عادل بن علي الشدي