«طرد مشبوه» يثير الفزع في أحد أكبر مطارات بريطانيا    شقيقة صالح كامل.. زوجة الوزير يماني في ذمة الله    هل يعاقب الكونغرس الأمريكي «الجنائية الدولية»؟    «الأرصاد»: أمطار غزيرة على منطقة مكة    «الزكاة والضريبة والجمارك» تُحبط 5 محاولات لتهريب أكثر من 313 ألف حبة كبتاجون في منفذ الحديثة    باص الحرفي يحط في جازان ويشعل ليالي الشتاء    الرعاية الصحية السعودية.. بُعد إنساني يتخطى الحدود    فريق صناع التميز التطوعي ٢٠٣٠ يشارك في جناح جمعية التوعية بأضرار المخدرات    الكشافة تعقد دراسة لمساعدي مفوضي تنمية المراحل    الذهب يتجه نحو أفضل أسبوع في عام مع تصاعد الصراع الروسي الأوكراني    خطيب المسجد الحرام: ما نجده في وسائل التواصل الاجتماعي مِمَّا يُفسد العلاقات ويقطع حِبَال الوُدِّ    المنتخب السعودي من دون لاعبو الهلال في بطولة الكونكاكاف    الملافظ سعد والسعادة كرم    استنهاض العزم والايجابية    المصارعة والسياسة: من الحلبة إلى المنابر    "فيصل الخيرية" تدعم الوعي المالي للأطفال    الرياض تختتم ورشتي عمل الترجمة الأدبية    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    لبنان يغرق في «الحفرة».. والدمار بمليارات الدولارات    حلف الأطلسي: الصاروخ الروسي الجديد لن يغيّر مسار الحرب في أوكرانيا    «السقوط المفاجئ»    حقن التنحيف ضارة أم نافعة.. الجواب لدى الأطباء؟    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    ترمب يستعيد المفهوم الدبلوماسي القديم «السلام من خلال القوة»    إطلالة على الزمن القديم    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    فعل لا رد فعل    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    ترمب المنتصر الكبير    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    ندوة "حماية حقوق الطفل" تحت رعاية أمير الجوف    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    استضافة 25 معتمراً ماليزياً في المدينة.. وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة    «المسيار» والوجبات السريعة    وزير العدل يبحث مع رئيس" مؤتمر لاهاي" تعزيز التعاون    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تمثيل أدوار الصحابة .. جدل الفقهاء يتجدد
عكاظ تفتح الملف الشائك
نشر في عكاظ يوم 04 - 02 - 2010

حيرة كبيرة استحوذت على المنتج الكويتي محمد العنزي إزاء ردة الفعل السلبية تجاه إنتاجه لمسلسلات وأفلام درامية تحكي سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام والخلفاء الراشدين والصحابة الكرام رضوان الله عليهم بعد موجه الاعتراضات التي طالت مشروعه منذ مسلسله الأول (خالد بن الوليد).
ورغم أن العنزي قد دعم مشروعه بمجموعة من فتاوى العلماء المعتبرين لإنجازه أولى ثمار مشروعه، إلا أن بعض الفتاوى المخالفة لظهور الصحابة رضوان الله عليهم وبعض الرؤى الشرعية وقفت حجر عثرة في إكمال هذه الأعمال.
العنزي يعترف أن توجهه للإنتاج كان دافعه نشر قصص الرسل والصحابة رضوان الله عليهم ليكونوا قدوة إيجابية لأبنائنا في زمن أصبحت فيه القدوة لنجوم السينما وأفلام الكرتون وكرة القدم.
ولو توقفت في الشارع وسألت طفلة أو طفلا عن أحد مشاهير الصحابة رضوان الله عليهم لكانت الإجابة صفرية لا تحتوي على أية معلومة أو فائدة بينما لو كان السؤال عن سيرة أي من نجوم كرة القدم أو الفن أو الإعلام لكانت الإجابة حاضرة على رأس لسانه.
هذا السبب جعل الكثير من المنتجين من أصحاب التوجهات الملتزمة الإيجابية الوسطية ينحون نحو إنتاج دراما وسينما تتناول سير أعلام الأمة من الخلفاء الراشدين والصحابة رضوان الله عليهم ملتزمين بالفتاوى الشرعية ولو كان ذلك على حساب أرباحهم فمتوسط تكلفة إنتاج عمل درامي تاريخي على مستوى عال يقدر بمليونين إلى ثلاثة ملايين دولار وأحيانا يصل إلى سبعة ملايين دولار كما في مسلسل (الأسباط) الجاري إنتاجه حاليا وهو رقم عال من الصعوبة بمكان تعويضه ولو تحقق الربح لكان ضئيلا قياسا بالأعمال الاجتماعية.
وعلى المستوى السينمائي تصل تكلفة بعض الأفلام السينمائية إلى 150 مليون دولار إذا تم بمواصفات عالمية في عاصمة السينما العالمية هوليود، خصوصا أن نسبة تأثيره في الغرب تعتبر كبيرة وهي إحدى الفرص التي يجب استثمارها لنشر الإسلام وتصحيح صورته في الغرب ولا يخفى علينا أنموذج فيلم الرسالة الذي كان وسيلة دعوية فعالة في وقت نحن أحوج فيه إلى هذه السبل الأكثر وصولا وإقناعا من مئات الخطب والمواعظ والمؤتمرات والحورات.
وتبقى الفتوى حيال مسألة تجسيد أدوار الخلفاء الراشدين وأمهات المؤمنين والصحابة رضوان الله عليهم عائقا أمام تقديم هذه المشاريع، والأمل معقود على المؤتمر الدولي الذي سيعقد في جمهورية مصر العربية برعاية مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر الشريف في 27 فبراير المقبل لمناقشة موضوع «أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ودورهم في الدعوة الإسلامية» بحضور 200 عالم ومفكر من العالم الإسلامي.
«عكاظ» فتحت ملف القضية واستعرضت آراء كبار العلماء والفقهاء في العالمين العربي والإسلامي وموقف الطرفين المعارض والمؤيد بشروط وحجج كل طرف، ووقفت أيضا عند آراء الجهات الإنتاجية والكتاب والفنانين والمخرجين والمنتجين والفضائيات حيال ما يدور حول هذه المسلسلات والأفلام وأهمية وجودها؟ وواجهتهم ببعض المحظورات التي أفسدت بعض الأعمال وأساءت للكل في سياق هذا التحقيق:
التوسع في التحريم
أجاز رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور يوسف القرضاوي تجسيد أدوار الصحابة بضوابط شرعية مستثنيا الأنبياء وأمهات المؤمنين والخلفاء الراشدين وثلاثه فقط من العشرة المبشرين بالجنة هم أبو عبيدة عامر بن الجراح وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام لما لهم من منزلة خاصة بين الصحابة والمسلمين، وأجاز تمثيل الثلاثة المبشرين بالجنة وهم سعيد بن زيد وعبدالرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص رضوان الله عليهم وباقي الصحابة الكرام، وعلل القرضاوي فتواه بالجواز بقوله: «إن ما استقر عليه الفقه المعاصر من مدة طويلة أنهم لم يحرموا تمثيل جميع الصحابة وإنما حرموا تمثيل الخلفاء الراشدين والعشرة المبشرين بالجنة وأمهات المؤمنين»، واستدل القرضاوي بظهور فيلم عن سيدنا خالد بن الوليد قبل خمسين سنة في مصر مثله وأخرجه الممثل حسين صدقي ولم يعترض عليه أحد من علماء الأزهر كما تم من فترة تجسيد دور حمزة بن عبدالمطلب عم الرسول صلى الله عليه وسلم وجسد الدور ممثل إنجليزي ولم يعترض العلماء على تمثيله، وشدد القرضاوي على أنه لا يجوز أن نتوسع في تحريم التمثيل، ولم ير حرجا في ظهور أصوات الخلفاء الراشدين من خلف ظهورهم بحيث لا تعرف وجوههم، موضحا أن لهذه التمثيليات دور كبير في التعريف برموز الأمة ونشر الدعوة والقدوة.
لا يجوز إطلاقا
لكن مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء خالف القرضاوي مفتيا بعدم جواز تجسيد الصحابة بشكل نهائي بصورة تمثيلية أو كاريكاتورية عبر بعض القنوات التلفازية وقال: هذا لا يجوز ويثير المسلمين على هذا الأمر، فالمسلمون إذا سمعوا من يسيء إلى دينهم ونبيهم ويستهزئ به يقفون من الجهات التي تعرض ذلك موقف عداء، فالواجب على منتجي هذه الأعمال أن يتقوا الله في أنفسهم.
وكان الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله حرم تجسيد أدوار الصحابة معللا ذلك باستلزام تنقص ذوي الفضل رغم تجويزه للتمثيل بشكل عام.
تمثيل بالإشارة
وفضل نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ووزير العدل الموريتاني السابق عضو المجمع الفقهي الدكتور عبدالله بن بيه أن لا يظهر الصحابي بصورته ولا يتكلم بل يتكلم عنه عن طريق سياق المسلسل أو وجود شخص يحكي عنه وذلك عن طريق الإشارة دون وجود شخصية الصحابي نفسه، مبينا أنه لا مانع من تمثيل دور الصحابة إذا كان بطريقة محترمة شكلا ومضمونا وتقديم الصحابي بصورته الأصلية دون تزوير للتاريخ، واستدرك ابن بيه: «أما إذا قدم العمل بطريقة غير محترمة شكلا ومضمونا وتسيء لصحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فإنه لا يجوز عندئذ تمثيل الصحابة وهذا أمر مرفوض ومحرم».
كراهية التجسيد
ورأى عضو المجمع الفقهي أستاذ الفقه وأصوله في جامعة دمشق الدكتور وهبة الزحيلي كراهية تمثيل أدوار الصحابة خصوصا كبارهم، وقال: «الأولى البعد عن تمثيلهم والاستعاضة عن ذلك بالبدائل»، واستدرك: «لكننا لا نحرم تمثيل أدوار الصحابة ولا نجيزه في نفس الوقت» مبينا أنه كنوع من احترام هؤلاء الأشخاص وتقديرهم وإجلالهم فإنه يوضع هذا الأمر موضع الكراهية، وأشار الزحيلي إلى احترامه لاجتهاد العلماء الذين أجازوا تجسيد أدوار الصحابة واصفا هذا الاجتهاد بالمحمود الذي يرى أصحابها مصلحة الإسلام والمسلمين، وشدد الزحيلي على ضرورة أن يقدم الصحابي في صورة مشرفة وصحيحة دون إساءة أو تهكم بالشخصية وهذا أمر مهم جدا وخطير، ودعا الزحيلي القائمين على الأعمال إلى التنبه وعدم وضع الصحابة في مواضع لا تليق بهم، مؤكدا على أن التمثيل كرأي شخصي ينظر إلى كراهته.
ترجيح الأغلبية
لكن رئيس مجمع فقهاء الشريعة في أمريكا وعضو المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث الدكتور حسين حامد حسان أفتى بعدم جواز تمثيل الصحابة أو تجسيدهم بأدوار في مسلسلات درامية لأن هذا لا يليق بهم وهو تعد عليهم، وأضاف: «قبل عدة سنوات عقدت ندوة التأصيل الفقهي والتي حرمت تمثيل الصحابة رضوان الله عليهم خصوصا الخلفاء الراشدين والعشرة المبشرين بالجنة وأمهات المؤمنين وكبار الصحابة ووقع عليها حوالى 200 عالم وفقيه» ، وتساءل حسان عن مصير هذه الفتوى، مؤكدا أنه اتفق على عدم الجواز وهو الأرجح عند معظم العلماء.
ودعا الخبير الأول في مجمع الفقه الإسلامي في جدة والأستاذ في جامعة محمد الخامس في الرباط سابقا الدكتور أحمد الريسوني إلى اجتناب تمثيل الصحابة رضي الله عنهم كونه يثير جملة من الإشكالات والمحاذير التي ينبغي اجتناب تمثيل أصحابها على التعيين والتحديد والتشخيص، وبين الريسوني أنه حين يتعلق الأمر بتمثيل أشخاص معينين، كان لهم وجود حقيقي معروف لا بد أن نستثني بلا تردد تمثيل أنبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام، موضحا أن تمثيلهم مهما كان فيه من تعظيم وإجلال، ومن تحر واحتياط لا يمكن إلا أن يكون فيه مساس بمقامهم وقدسيتهم وعصمتهم، مفيدا أن هذا أمر لا يحتاج إلى تطويل، وأفاد الريسوني أن نفس الكلام ينطبق في حق الملائكة فلا يجوز الإقدام عليه، سواء كان لمعنيين، أو لمجرد الصفة والمقام.
تمثيل الأنبياء والأئمة
فيما أجازت بعض المراجع الدينية تمثيل جميع الأئمة في فتاوى اصدرت جاء فيها: «يجوز تمثيل شخصياتهم لكن بشرط أن لا يسئ ذلك»، محددا شروطا للممثل الذي سيجسد الشخصية بقوله: «ولعل لصفات الممثل الذي يؤدي دورهم وخصوصياته بعض الدخل في ذلك».
ولم يجد السيد محمد حسين فضل الله أي مانع من ناحية إظهار وجوه الأنبياء والأئمة والصحابة عند تمثيل الأدوار الخاصة بهم، مشترطا أن لا يكون في الدور ما يوجب الإساءة إليهم سواء أكان ذلك في ما يعود إلى طبيعة وثاقة النص التاريخي أو النص التمثيلي أو طريقة التمثيل أو طبيعة الشخص المؤدي للدور في الحياة العامة.
وحدد مفتي سوريا الدكتور أحمد بدر الدين حسون ضوابط محددة لتجسيد أدوار الصحابة منها عدم التعرض لهم واحتواء النص على الصلاة والسلام على رسول الله وإجلال الرموز الإسلامية، والابتعاد عن لعن الأشخاص أيا كان اللاعن، والتخفيف ما أمكن من مشاهد المعارك بين المسلمين ويكون الحديث عنها حوارا.
وطالب حسون بأن يلامس العمل القضايا الإنسانية التي تجمع أبناء الأمة ولا تفرقهم ويكون التصوير والتمثيل على مستوى المضمون.
غير لائق
واعتبر أستاذ الفقه في جامعة قطر ونائب رئيس مجلس إدارة موقع إسلام أون لاين الدكتور علي محيى الدين القرة داغي أنه من غير اللائق تمثيل الصحابة الكرام خصوصا كبارهم، معلا ذلك بأن عملية التمثيل زائفة وغير حقيقية ويكثر فيها الكذب، موضحا بأن هؤلاء الصحابة الكرام الذين وصفهم الله سبحانه وتعالى بأنه رضي عنهم ورضوا عنه لا يليق بنا أن نمثلهم، واقترح القرة داغي الاستعاضة عن ذلك بوسائل أخرى مثل استبعاد تمثيل هؤلاء الصحابة والاكتفاء بما يقولون وذلك بإيجاد مشاهد درامية أخرى تقوم بهذا الواجب، إضافة للاستفادة من المؤثرات الضوئية والصوتية الحديثة التي لا تخفى على أهل الفن، مشددا على أن تمثيلهم بالاستعانة بفنان لتجسيد الصحابي أمر لا يليق والأولى البعد عنه.
ورغم اعتراف الداعية الدكتور سلمان العودة المشرف على موقع الإسلام اليوم بوجود اختلاف بين الفقهاء حيال هذه القضية، لكن العودة يرى أنه يجب النظر إلى العمل فإذا تم تجسيد الصحابي بشكل مقبول وحسن دون تزوير أو إساءة له ودون وجود مشاهد فاضحة فإنه أمر حسن، لكنه يؤكد أن تمثيل أدوار الصحابة يعتبر محرما ومذوما والأولى تركه والابتعاد عنه في حالة كون المسلسل مسيئا للصحابي المراد تمثيله وفيه تزوير للتاريخ، ودعا العودة أصحاب الفضائيات والممثلين والمخرجين أن يتقوا الله ويسعوا لإظهار هذه الشخصيات كما هي دون زيادة أو نقصان حتى تتحقق الفائدة المرجوة من العمل.
المجامع الشرعية
وكان عدد من أعضاء مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر قد وجهوا اعتراضا على ظهور عدد من الصحابة الكرام وبعض المبشرين بالجنة في المسلسلات التاريخية حيث صدرت فتاوى من الأزهر تحرم تصوير الصحابة أو تجسيد شخصياتهم في أعمال فنية.
هذه الفتوى المعارضة من قبل مجمع البحوث واجهتها فتوى مؤيدة من قبل وزارة الأوقاف الكويتية التي أجازت ظهور سائر الصحابة دون الأنبياء والخلفاء الراشدين وزوجات الرسول والعشرة المبشرين بالجنة في المسرح أو السينما أو التلفزيون وحتى الرسوم الكرتونية للأطفال.
متاجرة بالرموز
واتجهت بعض الفتاوى نحو تحريم تجسيد أدوار الصحابة من باب استثمار سيرة الصحابة في مكسب درامي مادي وفق رؤية أستاذ الشريعة في جامعة القاهرة الدكتور عبد الصبور شاهين، مبينا أن من ينتجون هذه الأعمال ليسوا من المؤمنين الصادقين، ولكنهم جماعة من المرتزقة الذين يريدون استثمار سيرة الصحابة من أجل مكاسب مادية في ظل الهجمة التي يتعرض لها الإسلام ورموزه.
لكن المنتج الكويتي محمد العنزي رفض هذه التهمة قائلا: «لو أردنا أن نحقق رباحا من وراء عملنا في الدراما لاتجهنا لإنتاج أعمال اجتماعية كونها أقل إنتاجا وأكثر ربحا وبيعا للفضائيات بخلاف الأعمال التاريخية التي ترهق الميزانية واحتمال الخسارة أكبر فيها بكثير من هامش الربح».
وأوضح العنزي إلى أن توجهه لإنتاج دراما تاريخية بدءا من مسلسل خالد بن الوليد مرورا بالأسباط انتهاء بمشروعه الآتي عمر الفاروق وفيلمه في هوليود عن النبي محمد رسول الله يعتبر جزءا من واجبه كمسلم، مبينا أن كثيرا من الأجيال يجهلون سيرة رموز أمتهم ومن الضروري الاستفادة من التقنية الحديثة لبيان هذه الرموز وما قدمته من تضحيات لنشر الإسلام ورفع كلمته عاليا في كل مكان.
ولم يفارق رأي منتج مسلسل السيرة النبوية والخلفاء الراشدين عماد ضحية رأي سابقه إذ قال هدفنا سام من إنتاج هذه الأعمال ونحن نعتمد على الفتاوى الشرعية المؤصلة ونعرض النص قبل إنتاجه على لجنة شرعية لمراجعته قبل توزيع الأدوار ونحرص على اختيار الممثلين الأكثر ملاءمة لهذه الأدوار، وأوضح ضحية أن أبناءنا والأجيال الجديدة تسمع وتقرأ عن سير الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) والصحابة (رضوان الله عليهم) لذلك لابد لنا كمنتجين أن نوثق هذه المرحلة المهمة من تاريخنا الإسلامي بشكل دراما تلفزيونية كأنموذج إيجابي لما يجب عليه أن تكون الأمة من تقدم وتطور وتنمية، مؤكدا أن هدفهم هو تقديم عمل درامي راقي إيجابي.
دفاع عن الشخوص
وتبرأ الفنانون العاملون في هذه المسلسلات من ازدواجية الشخصية مؤكدين أن الفنان يمكن أن يجسد أي دور دون أن يسيء له، حيث قال الفنان سلوم حداد الذي يستعد لأداء دور القعقاع بن عمرو التميمي في رمضان المقبل: «نحن حريصون على تقديم فن راق هادف من خلال استنادنا على الفتاوى الشرعية، فمثلا لانظهر صور الرسول أو العشرة المبشرين بالجنة»، ولفت حداد إلى أنهم حريصون على ظهور الشخصية بأفضل صورة ضمن إطار الشرع والقانون، مشددا على أنه من الظلم حرمان الأجيال القادمة من التعرف على سير الصحابة، ومشيرا إلى أن مسلسل تلفزيوني أكثر تأثيرا من مئات الدروس والقصص التي تلقى على الأبناء صباحا ومساء.
واعتبر الفنان باسم ياخور الذي جسد دور الصحابي خالد بن الوليد أن ظهور هذه المسلسلات ساهمت في تصحيح الصورة السلبية عن الإسلام، كونها أظهرت الإسلام بصورته الحقيقية الوسطية المعتدلة، وموضحا أنه لايكترث كثيرا بما قيل عنه وأنه لديه رسالة كفنان يجب أن يؤديها للمجتمع، واصفا من هاجموه بأنهم بعيدون عن الدين الإسلامي الوسطي المعتدل.
ورأى الفنانان جمال سليمان ورشيد عساف أنه من غير المعقول إخفاء تاريح الأمة بسبب بعض الفتاوى التي تحرم تمثيل الصحابة طالما هناك التزام بالضوابط الشرعية والفتاوى المعتدلة التي تظهر حقيقة الإسلام من خلال شخصيات رجاله الأوائل.
وتحفظ الفنانان عابد فهد وياسر المصري على الهجوم الذي يتعرض له الفنانون بحجة أنهما غير كفأين لأداء هذه الشخصيات أو بسبب عدم انتمائهما للدين الإسلامي مكتفين بالقول: «إننا نحرص على مراجعة أدق المراجع وأكثرها رجاحة حتى نستطيع أداء الدور بالشكل الأمثل ومعرفة الخطوط العريضة للشخصية كونها تختلف عن كل الشخصيات التي تعرض على شاشات التلفاز».
رؤية موحدة
وطالب المخرج المخضرم نجدت إسماعيل أنزور برؤية شرعية موحدة تجاه هذه الأعمال مؤكدا أن المشكلة الأساسية في الجهات الممولة والفاضئيات التي تركن إلى بعض الفتاوى مما يجعلها معرضة لهجوم من الجهات الأخرى المعارضة وهو مايسبب إرباكا في هذه الأعمال والتي قل الطلب عليها على المستوى الفضائي لكثرة مشاكلها، ورأى أنزور أن تاريخ الأمة يحجب ويقتل بسبب بعض الفتاوى المتشددة والمتطرفة التي تحرم تجسيد أدوار الصحابة بشكل نهائي لايقبل النقاش وهو ما فوت على الأمة ضرورة استثمار الفن في خدمة قضايا الأمة وتصحيح صورتها بعد أن تحولت لغة العالم إلى لغة بصرية تؤثر أكثر من أي شيء آخر، وتبرأ أنزور من الصور الخادشة في هذه الأعمال وقال : «لم أر مخرجا يظهر الصحابة بصور سلبية فكلنا ننتمي إلى هذه الأمة وندرك قيمة هولاء الصحابة».
ولم يكترث مخرج الجزء الأول من مسلسل خالد بن الوليد الأردني محمد عزيزية بهذه الفتاوى قائلا : «كل يخدم أمته بالطريقة التي يرها وأنا شخصيا ضد هذه الفتاوى التي تحجب تراث الأمة وتزيد من سوداوية نظرة الأمة لنا»، مؤكدا أنه عاقد العزم على إنتاج فيلم عن المسيح ليشير بالدليل القاطع إلى أن المسلمين يؤمنون ويحترمون المسيح أكثر من أي فئة أخرى، مبديا عدم اهتمامه بكم التهديدات التي تصله من الطرفين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.