رغم معاناتها وقلة حيلتها واحتياجها إلى من يساعدها على سد جوعها ورعاية طفلها الرضيع، تأبى الشابة المطلقة أن تسلك طرقاً منحرفة، وتعتبر كل من يحاول استغلال وضعها شيطاناً رجيماً تستعيذ منه بإيمانها بأن الله لن يضيعها، حتى لو تخلى عنها إخوتها وقسى عليها زوجان سابقان وحاصرتها الذئاب. هي شابة عربية مطلقة، من مواليد السعودية، تحمل جواز سفر سعودياً، تعيش مع طفلها البالغ من العمر 6 أشهر حالة من التشرد التام الذي دفعها للاعتماد على تبرعات المحسنين. أما قصتها مع التشرد فقد سردتها ل " سبق " قائلة: "أنا من جنسية عربية، وأحمل جواز سفر سعودياً، ووالدي يعيش في المملكة منذ أكثر من 35 عاماً، وبدأت معاناتي مع التشرد بعد طلاقي من زوجي الثاني، وهو من أبناء جلدتي، بسبب مشاكل عائلية، وقد أنجبت منه الطفل الذي أحمله.. لدي ولد وبنت من زوج سعودي سابق، وهما يعيشان معه بعد أن حرمني من رؤيتهما منذ أكثر من عامين". وتضيف: "خرجت بطفلي الرضيع إلى منزل والدي الطاعن في السن، الذي يعاني أمراضاً أقعدته، وهناك تعرضت لأشد أنواع العنف الأسري على يد أشقائي، حيث اعتدوا علي عدة مرات وكسروا أنفي في المرة الأولى، وفي المرة الثانية كسروا أحد أصابع يدي، وقد تقدمت بشكوى للشرطة التي أصدرت قراراً بمنع أشقائي من الاعتداء علي أو الاقتراب مني، بعدها طلب مني والدي مغادرة المنزل رغم حبه الشديد لي، وأمرني بالبحث عن مأوى لي ولصغيري قبل حدوث كارثة في منزله". وتتوقف الشابة المطلقة عن الكلام لتجهش بالبكاء، ثم تواصل الحديث: "خرجت من منزل والدي ودموعي تسيل على خدي لفراقه وفراق والدتي التي كانت على فراش الموت، واللذين لا يطيقان فراقي لولا العنف الأسري الذي كنت أتعرض له ليل نهار، وكاد أن يودي بحياتي وحياة ابني، خرجت وأنا أعلم أن أشقائي لن يسمحوا لي بزيارتهما مرة أخرى أو رؤية والدتي قبل وفاتها، أو على الأقل التحدث إليهما عن طريق الهاتف، خرجت إلى العالم المجهول، وتعرضت للكثير من المضايقات من الذئاب البشرية التي لا ترحم امرأة تمشي بمفردها، والذين حاولوا إغرائي ولفت انتباهي بسياراتهم الفارهة وثرائهم الفاحش، ولم يعلموا أنني خرجت من أجل البحث عن توفير مأوى ولقمة العيش لي ولابني، ولولا قوة إيماني بالله لوقعت في الحرام ولحققت كل أمنياتي وأحلامي، ولكن أهون علي أن أعيش على الرصيف تحت حرارة الشمس الحارقة من أن أقع في المعصية". وتضيف: "تقدمت بشكوى للمحكمة الشرعية ضد طليقي الأخير، مطالبة بإحضاره وإجباره على دفع نفقة الطفل، وتوفير مأوى لي، وقد ذكرت في شكواي أن طليقي يتجاوز راتبه الشهري "7000" ريال ويملك أرصدة بالبنك واستراحة بأحد أحياء جدة، بالإضافة إلى قطع أراض وعقارات، إلا أنه حضر ووافق على دفع النفقة للطفل الرضيع، ورفض توفير السكن بحجة أن راتبه الشهري لا يتجاوز "2000" ريال فقط. مع العلم أنني لم أحصل على صك الطلاق رغم مرور عام كامل على وقوعه، ما حرمني من الحصول على سكن بإحدى الجمعيات الخيرية التي طرقت بابها". تتوقف الشابة لحظات لتداعب طفلها الرضيع، ثم تعود لتكمل: "عشت في تشرد تام لا مأوى ولا سكن ولا مأكل ولا مشرب، بعدها قدمت طلباً لمحافظ جدة الذي وجه بتسكيني في دار الحماية، لكن الشئون الاجتماعية رفضت في البداية بحجة جنسيتي، لكنها سرعان ما اقتنعت لوجود جواز سفر سعودي معي، معتبرين أنني حالة خاصة، عشت في دار الحماية ما يقارب الشهرين، بعدها حضر أشقائي يرغبون في تسلمي، لكنني رفضت، بعدها أجبروني على الذهاب معهم، وعدت لمنزل والدي وتعرضت للعنف الأسري من جديد، فما كان مني إلا أن خرجت وذهبت لأحد المساجد وشاهدني إمام المسجد وقد حن قلبه لصرخات طفلي فأواني مع أسرته لمدة ثلاثة أيام، وجدت خلالها العطف والشفقة من أسرته التي كانت تحيطني بعطفها وكرمها لدرجة أن ابني لا يكاد يجلس على الأرض من كثرة دلالهم له، بعدها أحسست أني أثقلت عليهم، فذهبت إلى المحكمة للمراجعة في صك الطلاق وتعرفت على إحدى المراجعات التي أخذتني لمنزلها وعشت معها عدة أيام ثم ذهبت لأعيش مع صديقة لي مطلقة حالتها أشبه بحالتي تقيم في إحدى الدور". وتقول: "ما زالت معاناتي مستمرة مع التشرد، حيث إنني أجد صعوبة بالغة في توفير ما أسد به رمق طفلي الذي يطلق صرخات بين الفينة والأخرى أقوى من دوي المدافع. لا أريد أكثر من مأوى لي ولصغيري الرضيع الذي لم أستطع إعطاءه جرعة التطعيم ضد شلل الأطفال لعدم قدرتي على دفع قيمتها، التي لا تتجاوز 150 ريالاً.