الحملة التي شنتها مجموعة من الحسابات «الإخوانية» المعروفة في شبكة التواصل الاجتماعي «تويتر» أخيرا ضد صحيفة «عكاظ» وكتابها وكادرها التحريري ليست مستغربة أبدا، فلطالما كانت عملية الصراخ الإلكتروني ملاذا أخيرا للمتألمين من الطرح الوطني الفاضح لممارسات أولئك الخونة المستترين خلف أجهزتهم بأسماء مستعارة، وقد اعتادوا طوال 5 سنوات مضت هي عمر ما يسمى ب «الربيع العربي» على تطوير أدواتهم الإلكترونية لإيهام الناس بعلو صوتهم عبر توظيف آلاف الحسابات الوهمية لتفعيل الوسوم التي تخدمهم وتهاجم من يعادي منهجهم، حتى باتت اللعبة مكشوفة للجميع ومحصورة في إطار ضيق مله أصحاب العقول، ومع ذلك ما زالوا يعتقدون بسذاجة متناهية أن الصراخ أكثر يطيل بقاء مشروعهم المنهار في المنطقة حتى وإن كان وهميا ومزورا ومفضوحا. في مقالة سابقة بعنوان «تزوير الرأي العام في السعودية» أشرت إلى أنه بات بإمكان أي شخص وبأقل من ألف دولار أن يصنع «هاشتاق» في شبكة تويتر يتصدر «ترند» السعودية ويعطي انطباعا للمتابعين بأن ما يتناوله هو أهم قضية من قضايا الرأي العام في البلد، فهناك مئات الشركات وحتى الأفراد الذين يقدمون هذه الخدمة وبشكل علني، إذ يمتلكون برامج بسيطة وبدائية ترسل مئات التغريدات من حسابات وهمية كل دقيقة للهاشتاق المطلوب تفعيله، وبالطبع هناك بعض المشاهير الحمقى الذين ينخرطون في اللعبة دون وعي لمجرد أن القضية صارت متداولة فيجرون وراءهم قطعانا من متابعيهم، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إن الشركات التي تقدم هذه الخدمة لديها عقود مع كثير من الحسابات الشهيرة، عقود تجبر أصحاب هذه الحسابات على المشاركة بالتغريد وإعادته، ولو أن أي متابع ل«الهاشتاق» الشهير أطل من شباك منزله وسأل أيا من المارة في الشارع عن القضية الساخنة في جهازه، لتم الإبلاغ عنه باعتباره مجنونا يضايق المارة الذين لا يعرفون شيئا عما يتحدث عنه. بعد تجريم جماعة الإخوان في السعودية وتصنيفها كمنظمة إرهابية وجد أتباعها ومؤيدوها أنفسهم تحت طائلة المساءلة والمحاكمة فتحولوا بين عشية وضحاها إلى كائنات إلكترونية متخفية ملعبها الوحيد «شبكات التواصل» وعلى رأسها تويتر، وهذا يعني أن أي رد منهم على سياط الطرح الوطني لن يكون إلا «صراخا تويتريا» فهو أقصى ما يمكنهم فعله، ومن الطبيعي أن تكون «عكاظ» التي اعتادت على تحطيم أعشاش الدبابير المعادية للوطن وتعرية ممارساتها ورموزها سببا لصراخهم ومقصدا أول لحملاتهم الوهمية وألاعيبهم الساذجة. قبل أيام نسفت «عكاظ» بتقرير مهم أحد أكبر أعشاش دبابير الإخوان في الفضاء الإعلامي العربي وفضحت عملية تلاعب القائمين عليه لجمع التبرعات بشكل غير نظامي.. كانت هذه ضربة مؤلمة جدا لفلول التنظيم ومناصريه، ولا أعرف شيئا يؤلم هذه الدبابير أكثر من قطع طرق جمعها للمال، ولذلك جاء «الصراخ الوهمي» على قدر الألم.