الدمام – سحر أبوشاهين المحيا: بحثي يهدف إلى تقوية اللُحْمة بين أبناء الوطن وحمايتهم من الفتنة. هناك كثير مما يشتمل عليه «تويتر» يحتاج لمزيد من الدراسات لنفهمه على نحو واضح وعميق. الحسابات الوهمية تغرق «الهاشتاق» الحيوي بأفكار ذات اتجاه واحد من حسابات عديدة. عمار بكار: يستحيل التحكم في رأي أربعة ملايين سعودي يستخدمون «تويتر». الجحلان: التحكُّم في تكوين الرأي في مواقع التواصل حرب مستترة لا يُعرف مَن وراؤها. الذكاء يكمن في مواجهتها بالتوعية من قِبل مثقفين ومفكرين. مستخدمو مواقع التواصل شباب في سن تشكُّل الوعي والفكر.. وهنا الخطورة. «هل يُدار الرأي العام أو يُصنع؟» ليس هذا بالسؤال الجديد، فبحسب الخبراء أن التحكم في الرأي العام ومحاولة تغييره أو تجييره لصالح جهة دون أخرى بدأ منذ القدم وازداد بانتشار وسائل الإعلام بأنواعه، ومع دخول مواقع التواصل الاجتماعي ضمن الوسائل الأكثر تأثيراً في رأي الناس ومعتقداتها وآرائها تجاه قضية دون أخرى، بدأت حرب منظمة غير معلنة من أفراد، ومؤسسات، وجهات معينة، أو حتى استخبارات دول، للاستفادة من هذه المواقع بما يخدم مصالحها واتجاهاتها، وهو الأمر الذي كشفته دراسة بحثية حديثة أجراها طالب الدراسات العليا في مجال الإعلام أسامة المحيا، ونشرها على مدونته، عن أن 6000 حساب وهمي سعودي في تويتر تحاول التأثير في الرأي العام عن طريق إغراق الهاشتاقات بتغريدات متتابعة ومتنوعة تدور حول فكرة واحدة واتجاه واحد، وإعادة تكرارها خلال اليوم والأسبوع من حسابات مختلفة ومتنوعة بإشراك حسابات وهمية هائلة، ويذكر المحيا في ورقته البحثية أن خطورة ذلك تتمثل في إيهام متصفحي الهاشتاق عبر الإغراق بهذه التغريدات أو إعادة ريتويت لتغريدة بعينها بوجود رأي يحمله عدد كبير من الناس، ما يتسبب في إحجام المغردين عن التغريد بآراء تخالف الرأي السائد، ويوهمهم بوجود توزان بين المؤيدين والمعارضين، فيخرج كثير من المغردين من الهاشتاق كونه لا يناسب توجهاتهم فيتشتتون وينشئون هاشتاقات أخرى وهو أحد أهداف الإغراق، ويؤكد المحيا أن هذه الحسابات تنشئ هاشتاقات في قضايا معينة وتغرد فيها بأعداد كبيرة لإشغال المغردين عن هاشتاقات قضايا أخرى، ويؤكد المحيا على أن هذا المنحى خطير، وقد يسهم عدم وعي الناس بذلك في تغيير مستقبل الشبكات الاجتماعية التي أصبحت تحظى باهتمام كبير جداً كونها وسيلة لتبادل الآراء والمعلومات والأخبار حول قضايا المجتمع. أنواع الحسابات يشير المحيا في بحثه إلى أن القائمين على الحسابات الوهمية صنفوها لمجموعات صغيرة بواقع ثلاثين حساباً للمجموعة، وهي ثلاثة أنواع: حسابات مهمتها الريتويت فقط، ولا توجد لها أي تغريدة، وعددها 4000 حساب، حسابات تتجه للرأي العام وتدرج تغريدات إخبارية من حسابات إخبارية محددة لتعطيها زخماً ولتشتت الانتباه عن أنها حسابات وهمية تم إنشاؤها لتخدم قضايا معينة فقط، وعددها التقديري 1000 حساب، حسابات مخصصة فقط للمشاركة في الهاشتاقات السعودية الساخنة وعددها 2000 حساب. معايير التصنيف ويذكر المحيا أنه لجأ إلى معايير معينة للحكم على حساب بأنه وهمي، ومنها التشابه والتقارب في عدد التغيرات، وتشابه مضمون التغريدة، وعدم وجود نبذة للتعريف بصاحب الحساب في جميع هذه التغريدات، وتقارب عدد من تتابعهم الحسابات الوهمية، ومشاركة الحسابات الوهمي في نوعية محددة من الهاشتاقات وليس لها تواصل مع المغردين الآخرين، ولا يوجد للحسابات الوهمية متابعون (عددهم صفر) وأعلى رقم للمتابعين لأي حساب وهمي لا يزيد على ال6، وهو رقم ضعيف بمقاييس عالم تويتر، جميع الحسابات الوهمية أنشئت في شهر أغسطس من عام 2012م، تصدر تغريدات الحسابات من ربوتات bot وتستخدم خدمة yoono التي تتيح إدارة أكثر من حساب في نفس الوقت، كما تتيح إغراق الهاشتاق بكم هائل من التغريدات في وقت واحد، تتوحد هذه الحسابات في متابعة حساب واحد، تنشر تغريدة متطابقة من حسابات مختلفة في وقت واحد وهي طريقة قديمة، والطريقة الحديثة تتمثل في الإغراق الذكي بطريقة غير مكشوفة بإرسال تغريدات متنوعة ومختلفة في اليوم الواحد، وفي حال نشر تغريدة من حساب لا يُعاد إرسالها من حساب آخر إلا في اليوم التالي. مسح معلوماتي ويؤكد المحيا أنه انتهج في دراسته طريقة المسح لجمع المعلومات، وهي وصفية تعتمد المنهج الكيفي الذي يعنى بتحليل ظاهرة مدروسة دون قياسات محددة للمتغيرات، وذلك عبر الملاحظة العلمية المقننة الدقيقة المتجردة، مبيناً أن العدد الكبير للهاشتاقات فرض تحديد الرصد بفترة زمنية بين 26/2/2013 و1/3/2013، ثم اختار عينة عشوائية طبقية لعدد من الهاشتاقات الأكثر مشاركة مراعياً التنوع بينها، وذلك لأن العينة الطبقية لا تعتمد على الصدفة في اختيار عدد كافٍ من العينات، حيث ينبغي أن تؤخذ في الحسبان المجمعات ذات الخصائص المتفاوتة، وتراعى في اختيار الهاشتاقات عدة جوانب. إدارة حسابات عديدة يقول المحيا إن إدارة هذه الحسابات العديدة عن طريق شخص واحد ممكنة باستخدام أحد المواقع الشهيرة التي تتيح إدارة حسابات متعددة في اللحظة نفسها، إذ يقوم صاحبها بتغذيتها بتغريدات متعددة يطلقها في اللحظة التي يريد باستخدام ربوتات وسيرفرات مجهزة مسبقاً، وتستغل هذه الحسابات الوهمية صور شخصية لأعضاء حقيقيين في مواقع التواصل الاجتماعي، أو صوراً لأشخاص مألوفين أو مشهورين، مع تغيير أسمائهم، مستغلين تركيز الناس على الصورة أكثر من الاسم، كما لوحظ على الحسابات الوهمية بعض الأخطاء الواضحة، ما يوهم أنها وهمية كاستخدام ذات الصورة الشخصية لحسابات عديدة، واختلاف اسم الظهور عن اسم المستخدم، الاسم لرجل وسياق التغريدة يدل على أنها لأنثى أو العكس، تكرار ذات التغريدة من حسابات عديدة، وغير ذلك من الملاحظات. نتائج الدراسة ويخلص المحيا في دراسته إلى أن هذه الحسابات الوهمية تسعى لإغراق تويتر بمحتوى ذي اتجاه واحد وفقاً لنظرية التأطير التي تتناول تشكيل وسائل الإعلام معارف الجمهور واتجاهاته تجاه قضية معينة تتسق مع ما يسعى له من أهداف، ولهذه الحسابات الوهمية القدرة على إشغال الهاشتاق بأفكارهم، والتركيز على جوانب من القضية دون الجوانب الأخرى، ويوهمون مرتادي الهاشتاق بوجود عدد كبير من الناس يتبنى هذا الرأي أو الاتجاه، وإيجاد توازن وهمي بين الرأي والرأي الآخر في قضية بعينها. مؤكداً أن البحث وبحوثاً أخرى تبين لصانع القرار في مؤسسات الدولة المختلفة أن هناك كثيراً مما يشتمل عليه تويتر يحتاج لمزيد من الدراسات حوله لنفهمه على نحو واضح وعميق، وأن البحث يهدف لتقوية اللحمة بين أبناء الوطن، وحمايتهم من الفتنة. أربعة ملايين مستخدم الدكتور عمار بكار من جهته، يقول خبير الإعلام الإلكتروني الجديد الدكتور عمار بكار، في إجابته عن سؤال هل يمكن لجهة ما التحكم في رأي مستخدمي تويتر «عدد السعوديين المستخدمين لتويتر يبلغ أربعة ملايين، وهم يشكلون 50% من مجموع مستخدمي تويتر، فلا يمكن لجهة واحدة أن تؤثر في آراء هذا العدد الكبير من الناس، وربما كان هذا ممكناً قبل عامين، عندما كان عدد المستخدمين أقل، أما الآن فذلك غير ممكن منطقياً، إلا إذا رُصدت له ميزانية ضخمة»، مشدداً على أن الصراع موجود، وكل جهة تريد أن يتبنى الناس آراءها ومعتقداتها، ولكن ذلك صعب جداً من الناحية العملية. تكوين رأي عام الدكتور عبدالله الجحلان وقال أمين عام هيئة الصحفيين الدكتور عبدالله الجحلان، «إن مواقع التواصل الإعلامي الاجتماعي (الإعلام الجديد) ليست منفصلة عن وسائل الإعلام التقليدية من حيث قابليتها للاستغلال من قِبل قوى معينة لتكوين رأي عام تجاه قضية معينة، إلا أن مواقع التواصل الاجتماعي أكثر خطراً كونها أكثر وأسرع تأثيراً، وتستخدمها أطراف معلومة وغير معلومة، وتستخدم شعارات معينة، وتقوم بذلك بجهد منظم ومنسق، وقد يكون القائمون بذلك أناساً من الخارج أو الداخل يتبنون فكراً مغايراً ويريدون جذب الناس لهذا الفكر، وقد يهدفون لإثارة الطائفية والنزاعات والقلاقل بين فئات المجتمع أو المدن»، مشدداً على أنها حرب مستترة لا يمكن معرفة الأعداد فيها، وأن الذكاء يكمن في التنبه لها ومواجهتها ليس بالموعظة المباشرة التي قد لا تكون لها جدوى، بل بالتوعية من قِبل مثقفين وأكاديميين ومفكرين، وأن يكون للدولة دور في ذلك ولجميع مؤسسات المجتمع، لأن المواجهة والوقاية المسبقة أقوى وأجدى نفعاً من انتظار حدوث الضرر، لأن إزالته ستكون صعبة جداً، كون مستخدمي تويتر من فئة الشباب ممن هم في مرحلة بناء الوعي والفكر، وترك الأمر على غاربه سيجعلنا نضيع في خضم عمل منظم خُصص له أناس متفرغون. لافتاً إلى إمكانية استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بطريقة إيجابية للصالح العام.