ثلاث محكيات عن خيانة الذاكرة. المحكي الأول يعود إلى لحظة اكتشاف الكاتب هكتور أبادي قصيدة موقعة من طرف الكاتب الأرجنتيني الشهير خورخي لويس بورخيس، عثر عليها في جيب والده مباشرة بعد مقتله. سيحاول الراوي خلال الحكاية أن يتحقق من أصالة القصيدة ونسبتها إلى بورخيس أما المحكيان التاليان فهما سرد عن سنوات المنفى في إيطاليا بعد مقتل والده. ثلاث سير ذاتية استعادية تشترك في تأملات عن الذاكرة والأدب. يقدمها لنا الكاتب الكولومبي هيكتور أباد. في روايته «خيانات الذاكرة» الصادرة أخيرا عن دار غاليمار في 173 صفحة. ينغمس فيها الكاتب بإيقاع ترحالي جغرافي وأدبي محاولا بناء ذاكرة شخصية وأدبية عن مراحل سياسية وثقافية حاسمة من تاريخ أمريكا اللاتينية. ولكن ما هي الذاكرة إن لم تكن ضربا من الخيال، كما كتب بورخيس؟ قصص هذه السيرة الذاتية لها هذا التشكل المختلط: إما إعادة بناء الماضي بمؤشرات لا يتذكر منها الكثير، أو العجب أمام مستقبل سينفلت منا وإلى الأبد.. مشترك بين النسيان وازدهار «الأنا»، وبين الشعور بالضيق وجوديا وتعدد الاحتمالات يسعى هكتور أباد في أعقاب أب أحبه كثيرا وورث عنه مبدأ العدالة، والصدق، والحنان والعاطفة السخية، الذي كان دائم البحث عن الحقيقة العليا، التي تعتبر أساس الأدب نفسه. يسرد الكاتب حياة والده حتى ذلك اليوم المشؤوم من عام 1987 عندما أرسلت ميليشيات عسكرية بذريعة سياسية، وتدعمها المخابرات في الجيش.