اختلفت وجهات نظر النقاد والمثقفين الحاضرين لمحاضرة الناقد الدكتور سعد البازعي «الحداثة السائلة.. متغيرات اجتماعية وثقافية» بنادي تبوك الأدبي، البارحة الأولى، فيما طرحه من رأي، منهم من رأى أن «الحداثة السائلة» خطر محدق بالمجتمعات العربية، وآخرون اطمأنوا إذا تمسكت المجتمعات بالثوابت الدينية والمجتمعية لنأي خطر «الحداثة السائلة» عن أبنائها. وكان الدكتور البازعي، قد أكد في محاضرته التي أدارها رئيس النادي نايف الجهني، أن التحول الكبير في الثقافات العالمية ألغى نظرة الحدود بين الدول والشعوب، مبينا مدى تأثير الأخلاق على معالجة الذوبان الثقافي في طوفان الحداثة، ونظرة الإنسان العربي بشكل خاص لمفهوم هذا التغيير وتغيير الهوية، مؤكدا خطورة ما يشهده العالم العربي والإسلامي من متغيرات فكرية واجتماعية وأخلاقية وتأثر بالثقافات الأخرى، راجيا أن يصل الإنسان العربي في يوم ما إلى حد التأثير الفعلي والإيجابي في الحضارات الأخرى وليس التأثر بها وبمحتواها الفكري في شتى المجالات. واستعرض البازعي العديد من الأفكار التي طرحها المفكر وعالم الاجتماع البولندي «زيغمونت باومان» حول مفهوم الحداثة السائلة في العديد من كتبه من أهمها كتاب «هل للأخلاق فرصة في عالم استهلاكي». وقال البازعي: يرى المفكر البولندي أن الضغط الذي يمارسه المجتمع الاستهلاكي أو اقتصاد السوق لإحداث تغيير ثقافي في الأوساط المجتمعية، وإذابة ثقافاتها، لا يقتصر على العلوم الإنسانية بل على المعرفة بشكل عام، غير أن العلوم الإنسانية تبدو المتضرر الأكبر فمع أنها مثل غيرها تحمل جوانب عملية ونفعية يمكنها التفاعل مع احتياجات السوق فإن تلك الجوانب أضعف من غيرها، فضلاً عن أن تلك العلوم في نهاية المطاف علوم أكثر انضواء تحت لواء الفلسفة والتفكر في طبيعة الإنسان والكون والمجتمع. وأضاف: إن السؤال الذي يحتاج القارئ غير الغربي بشكل خاص أن يطرحه ليس عن قوة حجة المفكر البولندي في سياقها الثقافي والاجتماعي والسياسي الذي ولدت فيه وإنما عن قوتها أو مصداقيتها في سياقات ثقافية أخرى، وإلى أي أحد يمكن القول بأن الحداثة السائلة هي بالفعل ظاهرة عالمية.