أقام النادي الأدبي بمنطقة تبوك ضمن مناشطه المنبرية مساء أمس الأول، محاضرة لعضو مجلس الشورى والناقد المعروف الدكتور سعد البازعي بعنوان «الحداثة السائلة متغيرات اجتماعية وثقافية» وذلك بقاعة محمد عرفه بمقر النادي الأدبي بتبوك. وانطلقت المحاضرة التي أدارها رئيس النادي الأدبي بمنطقة تبوك الدكتور نايف الجهني بكلمة رحب فيها بالضيف والحضور، شاكراً لهم تفاعلهم مع دعوة النادي، ثم عرف بالدكتور سعد البازعي سارداً سيرته الذاتية في الفكر والأدب. بعدها تحدث المحاضر عن عنوان ورقة عمله، والتحول الكبير الذي حصل في الثقافات التي ألغت من وجهة نظره الحدود بين الدول والشعوب، مستعرضا عديدا من الأفكار التي طرحها المفكر وعالم الاجتماع البولندي زيغمونت باومان حول مفهوم الحداثة السائلة في عديد من كتبه ومن أهمها كتاب «هل للأخلاق فرصة في عالم استهلاكي؟». وقال «يرى المفكر البولندي أن الضغط الذي يمارسه المجتمع الاستهلاكي أو اقتصاد السوق لإحداث تغيير ثقافي في الأوساط المجتمعية، وإذابة ثقافاتها، لا يقتصر على العلوم الإنسانية بل على المعرفة بشكل عام، غير أن العلوم الإنسانية تبدو المتضرر الأكبر فمع أنها مثل غيرها تحمل جوانب عملية ونفعية يمكنها التفاعل مع احتياجات السوق، فإن تلك الجوانب أضعف من غيرها، فضلاً عن أن تلك العلوم في نهاية المطاف علوم أكثر انضواء تحت لواء الفلسفة والتفكر في طبيعة الإنسان والكون والمجتمع». وأضاف «إن السؤال الذي يحتاج القارئ غير الغربي بشكل خاص، أن يطرحه ليس عن قوة حجة المفكر البولندي في سياقها الثقافي والاجتماعي والسياسي الذي ولدت فيه وإنما عن قوتها أو صدقيتها في سياقات ثقافية أخرى، وإلى أحد يمكن القول بأن الحداثة السائلة هي بالفعل ظاهرة عالمية وظاهرة تصف ما يحدث في الهند والصين والوطن العربي وأمريكا الجنوبية وأفريقيا لاسيما فيما يتعلق بالجوانب الاجتماعية والثقافية». وختم الناقد البازعي محاضرته بالحديث عن ما بعد الحداثة، ومدى تأثير الأخلاق على معالجة هذا الذوبان الثقافي في طوفان الحداثة، ونظرة الإنسان العربي بشكل خاص لمفهوم هذا التغيير وتغيير الهوية، مؤكداً خطورة ما يشهده العالم العربي والإسلامي من متغيرات فكرية واجتماعية وأخلاقية وتأثر بالثقافات الأخرى، راجياً أن يصل الإنسان العربي في يوم ما إلى حد التأثير الفعلي والإيجابي في الحضارات الأخرى وليس التأثر بها وبمحتواها الفكري في شتى المجالات. بعد ذلك فتح باب المداخلات مع الحضور التي أثرت المحاضرة من خلال عنوانها وما طرحه الدكتور البازعي من رؤى توضيحية فيما يخص الرؤية الحداثية والنموذج السعودي، وقد شارك عديد من الحضور في الحديث وإثارة السؤال الذي أعطى المحاضرة بعداً حوارياً بعد الورقة النقدية التي قدمها البازعي.