لم تكن هذه زيارتي الأولى لمعرض أبوظبي، فقد زرته في سنوات ماضية، لكن هذا العام وجدته مختلفا عن سنواته الماضية، فبداية من شعار المعرض «أبوظبي تقرأ»، إلى اللحظات الأخيرة في المعرض، والمعرض يسجل تفوقا غير مسبوق، ليس أجمل أن ترى في الصباحات جموعا غفيرة من طلاب وطالبات المدارس، يحملون قسائم الشراء التي توزع لهم مجانا في المدارس لشراء الكتب، ثم تسترق السمع لاختياراتهم، فهذا يطلب الخيميائي، وذاك يطلب هاري بوتر، وآخر يسأل عن شيء مناسب لسنه. رغم وجود قرابة 1200 دار ناشر في المعرض، إلا أن الأطفال يجدون في دور الأطفال ملاذا ساحرا لركضهم، وأصواتهم المرتفع، وضحكاتهم المتطايرة كعصافير ملونة فاتنة. تميز المعرض هذا العام بثلاثة أشياء تدل على نجاح المعرض: أولا: صحيح أن فترة الصباح كان الحضور الملفت للطلاب، لكن كان المساء دليلا على حضور ملفت من جميع الفئات، الصغار والكبار، المواطنين، والوافدين، وضيوف المعرض، فعلا تشعر أن «أبوظبي تقرأ» ليس هذا فقط، وإنما راعى المعرض أن يحوي ما من شأنه يساهم في الوعي، ليس الكتاب فقط، وإنما يرفد الكتاب أيضا، من اهتمام بالفنون البصرية، من سينما، وفن تشكيلي، ومنظمات توعوية، لدرجة أن هناك ركنا لفنون الطبخ، وقد حضرته واستمتعت به، وقد شعرت أن هذه طريقة حيوية في جذب جميع المهتمين في شتى الفنون لحضور هذه الفعالية التي تخص وعاء المعرفة الكتاب. ثانيا: هناك توافر في العناوين، فبعض الكتب كنت أبحث عنها منذ زمن طويل، وجدتها في المعرض، ووجدت عدة طبعات للكتاب الواحد أحيانا، وربما هذه أول أحصل على جميع ما أبحث عنه، وهذا لم يحدث معي من قبل. ثالثا: كانت أسعار الكتب معقولة جدا، مقارنة بالمعارض الأخرى، وهذه ميزة مهمة في المعرض، فما الذي يجعل الناس تزور المعرض إلا الرغبة في توفير الكتب بأسعار مقبولة مشجعة. من الأشياء الجميلة في المعرض، إقامة ورش للكتابة الإبداعية للطلاب، بطرق غير تقليدية. من أبرز الفعاليات التي تصاحب معرض أبوظبي للكتاب، الإعلان عن الجائزة العالمية للرواية العربية البوكر وما يواكبها من نقاشات وجدل صحي حول الجائزة، والأعمال المستحقة. والنقاشات الجانبية مع المنافسين والجمهور في المعرض. أيضا هنا جائزة الشيخ زايد رحمه الله في جميع العلوم والفنون الإنسانية، وهي جائزة وفعالية لها مكانة عالية في العالم العربي. صحيح أني ذهبت إلى المعرض بدعوة من هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، لكن هذا ما وجدته حقيقة في هذا العام في المعرض، الذي يعد من أفضل معارض الكتب تجهيزا، وأكثرها فعاليات، إنه مهرجان ثقافي رائع، وعرس ثقافي باذخ، الآن أستطيع أن أقول إن «أبوظبي تقرأ» حقا، وهذا لا يفتخر به أهل الإمارات فقط، بل مفخرة للعالم العربي، أن يجد الكتاب هذا الاحتفاء العظيم.