حين يدعو أستاذ جامعي لحز رؤوس من يختلفون معه، فما هو الوصف المناسب الذي يمكن أن نطلقه على هذه الحالة؟!، وجهة نظر؟!!.. حرية تعبير؟!!.. ما أحلانا ونحن نستمتع بحرية التعبير وقد حزت رؤوسنا!!.. نتناقش عبر الترقوة!.. هذا أفضل كي تكون النقاشات مثمرة وعملية، فالرؤوس تصبح (عفشا زائدا) حين تكون خالية من العقول.. ستكون كل الحوارات خفيفة وسريعة وناجحة جدا، ولكن دونما ابتسامات؛ لأن الرؤوس المحزوزة مصفوفة على الأرض تبتسم للمستقبل الأسود!. المصيبة أنك حتى لو خدعت نفسك وقللت من شأن هذه الحماسة الأكاديمية لحز رؤوس المواطنين، باعتبارها (وجهة نظر متطرفة تنطلق من فهم متشدد للإسلام)، وغير ذلك من المسكنات الكلامية التي نكررها كي نهون الأمر على أنفسنا، فإن الأمر الواقع يقول إن صاحب هذه الأفكار الدموية يذهب يوميا إلى جامعته الإسلامية ليعلم الأجيال بأن هذا هو الإسلام وكل ما عداه هو كفر يستلزم شحذ السيوف وحز الرؤوس!. وبالطبع، فإن هذا الأستاذ الجامعي ليس وحيدا في بيئته الأكاديمية، فمثله أساتذة كثيرون وطلبتهم أكثر، ما يعني أن هذه النظرة المتطرفة التي نظنها محدودة الانتشار تتحول مع مرور السنين وتعاقب الأجيال إلى منهج علمي راسخ وحقيقة محسومة تحز رأس كل من يحاول الخروج عنها، وهذه مصيبة أكاديمية أكبر من مصيبة (هلكوني)، لأن الطلبة الذين تلقوا علوم الإسلام عن طريق الأساتذة (حزازي الرؤوس) سوف يكونون في المستقبل مدرسين ينقلون هذه المفاهيم الظلامية الدموية لعقول الصغار، أو قضاة لهم كلمة نافذة مسموعة، أو خطباء في دور العبادة، أو أساتذة جامعيين جدد يطورون الأفكار المتوحشة التي وضعها أسلافهم!. قبل سنوات قليلة، كان بعض أساتذة الجامعات من المتشددين دينيا يشتكون من أن وسائل الإعلام المحلية لا تنشر مقالاتهم ويتهمونها بالإقصائية، وكان بعض الزملاء الصحفيين يبررون عدم نشر مقالات أو ردود هؤلاء الأساتذة الجامعيين؛ لكونها تحمل أفكارا دموية واتهامات خطيرة وإساءات غير مقبولة بحق مواطنين يختلفون معهم في الرأي، وأنه لا توجد أي إقصائية في الموضوع، باستثناء أن أفكار هؤلاء الأساتذة هي أم الإقصائية وخالتها وعمتها، ثم جاءت وسائل التواصل الاجتماعي لتقدم فضاء مفتوحا لهؤلاء الأساتذة الجامعيين؛ كي يعبروا عن أفكارهم دونما حاجة لقيود الإعلام المحلي، فكانت الصدمة التي لا بد من استيعابها أولا ثم التفكير بكيفية علاجها، فهؤلاء الذين يعتبرون أكثر الناس تخصصا في علوم الإسلام يحتاجون من يعلمهم الإسلام من جديد ويقول لهم إنه دين الرحمة والمحبة والسلام والتآخي والتكافل والتسامح وليس دين حز الرؤوس!. أحيانا، أتخيل لو أن دولة (داعش) الإرهابية فكرت في إنشاء جامعة عصرية، فإنها لن تجد أي مشكلة في العثور على أعضاء هيئة التدريس!.