لا يختلف اثنان على أنّ صورة الإسلام تضررت بعد أحداث ال11 من سبتمبر وأصبحت هدفًا لوسائل الإعلام العالمية التي وجدت فيها منفذًا لتشويه صورة الإسلام الحقيقية وإظهاره على أنّه دين يدعو للقتل والتخريب والدمار، وأنّ الشعوب العربية والإسلامية متعطشة للدم وأنّها وحوش كاسرة تنتظر النيل من الآخرين، لكن السؤال المطروح كيف ستكون صورة الإسلام في الإعلام الغربي خصوصًا بعد انحسار العمليات التفجيرية التي كان يقوم بها تنظيم القاعدة في مختلف دول العالم؟ وماذا عن الثورات التي شهدتها المنطقة العربية هل ستلقي بظلالها على تحسين صورة الإسلام عند الرأي العام الغربي؟ وكيف ستساهم في محو صورة الإرهاب من مخيلتهم؟ وكيف سنرى في المستقبل القريب والبعيد صورة الإسلام لدى الشعوب الغربية خصوصًا بعد مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن؟ وهل سنشهد في المقابل تحسنًا ملحوظًا في هذه الصورة القاتمة، أم ستبقى الصورة على ما هي عليه وبدون تغيير؟ تساؤلات سعت «الرسالة» للحصول على إجابات لها ضمن التحقيق التالي ويجيب عنها مجموعة من المفكرين والخبراء الإعلاميين والسياسيين: استمرار الصورة بداية يؤكد الأكاديمي والمحلِّل السياسي الدكتور وحيد هاشم أن الصورة السلبية لدى وسائل الإعلام الغربية سوف تستمر لأنّ تنظيم القاعدة لا يزال باقيًا بقياداته العسكرية والإدارية والميدانية، ويقول: لا تزال عمليات الإرهاب مستمرة ولا أدل على ذلك من حادثة اغتيال الدبلوماسي السعودي في باكستان محمد القحطاني، فهذا أكبر دليل على أنّ عمليات الإرهاب مازالت قائمة، إضافة إلى أنّ الولاياتالمتحدة والدول الأوروبية رفعت حالة التأهب في المطارات، وهناك مخاوف أمنية متصاعدة ولا زالت الأوضاع مستمرة على ما هي عليه وهذا كله سيؤدي حتمًا إلى إعطاء صورة نمطية سيئة عن الإسلام لدى وسائل الإعلام الغربية، التي ستقوم بردة فعل سلبية ويدفعها لمواصلة تشويه صورة الإسلام وإلصاق تهمة الإرهاب به. ويؤكدّ هاشم أنّ هناك قناعة توصلت إليها دول الغرب بأنّ الدول العربية هي التي تسببت في وجود هذه الصورة السلبية عن الإسلام لكن هذه الصورة تغيرت بعض الشيء خصوصًا بعد الثورات العربية التي جعلت وسائل الإعلام تسلط الضوء عليها وتكشف حقيقة الشعوب العربية الغائبة عن الرأي العام الغربي، مشدِّدًا على أنّ أسباب الإرهاب تعود في مجملها إلى دوافع اجتماعية واقتصادية وتراكمات سياسية، كالاضطهاد والظلم، فهذه كلها تولد مشاعر عكسية ضد الوضع القائم. ويرى هاشم أنّ الصورة النمطية السلبية لدى وسائل الإعلام الغربية عن الإسلام ستبقى موجودة طالما أنّ تنظيم القاعدة موجود، والعمليات التفجيرية قائمة إلى أن يتم القضاء على هذا الفكر سواء عبر الجهود السياسية التي تقوم بها الدول العربية والإسلامية وعلى رأسها السعودية في مكافحة الأفكار المتشددة أو عبر الجهود الإعلامية والثقافية، موضحًا بأنّ الإسلام كدين إسلامي لا يمكن أن يوصف بالإرهاب لكنّ العمليات التي تشوه صورته هي التي توصف بذلك. ويعتبر هاشم أنّ الوضع القائم لا يمكن أن يبقى على ما هو عليه طالما أنّ هناك جهود مبذولة تسهم في تصحيح صورة الإسلام وتسعى لإظهاره بصورته الحقيقية، مشيرًا إلى الصورة السيئة التي كان يحملها الألمان واليابانيون بعد الحرب العالمية الثانية عن الإسلام، لكنّ هذه الصورة ما لبثت أن تحسنت وظهرت الصورة الحقيقية للإسلام من خلال رسالته السمحة وعدالته الاجتماعية والسياسية. دور الاستشراق من جهته يرى الخبير الإعلامي وأستاذ الإعلام المشارك بجامعة الملك سعود الدكتور أحمد بن راشد بن سعيد أنّ مشكلة الصورة السلبية في وسائل الإعلام الغربية ليست في شخصية بن لادن ولا في القاعدة، حيث إنّ المشكلةً قديمة وقبل الجهاد الأفغاني وقبل ظهور الجماعات الإسلامية وظهور حركات العنف والتطرف التي عمقت هذه النظرة، موضحًا بأنّ أسباب الرؤية الغربية للإسلام وجذورها لم تَزُل حتى يحصل أي تحسن أو تطور في هذه الصورة القائمة، فهي لا تزال قائمة وشخصية بن لادن ليس لها علاقة في هذه تحديد تلك الصورة. ويضيف سعيد قائلًا: الصورة لها جذورها منذ القرون الوسطى، وهي موجودة منذ الحروب الصليبية التي اجتاحت العالم الإسلامي والتي تسببت في مقتل مئات الآلاف من المسلمين في فلسطين وبلاد الشام، وحينئذ لم تكن القاعدة موجودة في تلك الفترة، لكن ظهور حركات العنف والتشدد من شأنه أن يزيد أو أن يعمق من هذه الصورة النمطية عن الإسلام. ويعتبر سعيد أنّ حركة الاستشراق التي ظهرت كحركة علمية تهدف لدراسة العلوم الإسلامية في الغرب لعبت عاملًا مهمًا في تشويه صورة الإسلام، وكانت حركة ذات دوافع عنصرية رأت في الثقافة الإسلامية أنّها ثقافة «استبدادية»، وصورت الرجل الشرقي على أنّه يستعبد المرأة وليس له هم إلاّ إشباع غريزته الجنسية، ولا أدلّ على ذلك من الرسومات التي تمّ تجسيدها على يد رسامين أوروبيين في أسبانيا وفرنسا تحديدًا حيث كانوا يرسمون رسومات تظهر المرأة المسلمة مرتدية النقاب وهي تخفي وراءه خبايا أخرى غير الذي تظهره، منوهًا إلى أنّ بعض المستشرقين ادّعى في أحد مؤلفاته التي ألفها حول المسلمين بأنّ ثقافة مقاومة الاستبداد هي عقيدة غريبة في فكرهم، وبأنّ الديمقراطية أمر لا يليق بالمسلمين، مؤكدًا على أنّ الثورات العربية أثبتت للعالم بأنّ مثل هذه المقولات غير صحيحة وأنّ تلك الشعوب قادرة على مقاومة الاستبداد، فهذه الثورات من شأنها أن تغير الصورة السلبية عن الإسلام في وسائل الإعلام الغربية، وتظهر أنّ الشعوب العربية تستطيع أن تطبق مبادئ الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والتعددية السياسية والحكم بالعدل، وهذا كله من شأنه أن يغير الرؤية السلبية السائدة عن الإسلام لدى الغرب. دور الأحداث القائمة أما المدير الإعلامي لقناة «العربية» الأستاذ ناصر الصرامي، فإنّه يرى أنّ الصورة النمطية التي تتحكم بصورة الإسلام في وسائل الإعلام الغربية ترجع إلى الأحداث القائمة على الساحة، فعلى سبيل المثال تركز هذه الوسائل في الوقت الحالي على مطالبة الشعوب العربية بالعدالة والحقوق الاجتماعية والسياسية خلال الأحداث الحاصلة في بعض الأقطار العربية، مؤكدًا بأنّ مطالبة الشعوب العربية بحقوقها وكرامتها من شأنها أن تسهم في تغيير الصورة النمطية التي أحدثتها وسائل الإعلام منذ سنوات عديدة عن العالم العربي والإسلامي، موضحًا بأنّ كل المحاولات التي حدثت لتوضيح الصورة الحقيقية عن الإسلام خصوصًا بعد أحداث سبتمبر من قبل النخب الفكرية والثقافية لم تسهم في تغيير الصورة المرسومة لدى الغرب عن العالم الإسلامي نتيجة الزخم الهائل وتركيز وسائل الإعلام العالمية والغربية على وجه الخصوص في تضخيم الأحداث التي أضرت بصورة الإسلام الحقيقية. ويضيف الصرامي قائلًا: كل الجهود التي بذلت ثقافيًا وإعلاميًا على مستوى العالم العربي والإسلامي لم تحدث أي تغيير يذكر في الصورة النمطية للإسلام، فما حدث في الأشهر الخمسة الأخيرة من ثورات أسهم بشكل كبير في تغيير تلك الصورة النمطية السلبية عن الإسلام، ومطالبة الشعوب العربية بحقوقها الأساسية على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي أحدث اختراقًا عربيًا إعلاميًا لوسائل الإعلام الغربية من خلال قدرة هذه الشعوب على التغيير بالحركة السلمية وعلى أثر ذلك لم يحدث اختراق لصورة العالم العربي والإسلامي مثل ما أحدثته هذه الثورات العربية من زخم في وسائل الإعلام الغربية التي عجزت الجماعات الإسلامية المتشددة عن تحقيقه في السنوات الماضية. وحول مستقبل صورة الإسلام في وسائل الإعلام الغربية والطرق والوسائل العملية التي من شأنها أن تسهم في هذا التصحيح يعتبر الصرامي أنّه من الصعب وضع محددات مستقبلية تسهم في إحداث تغيير حقيقي وملموس في وسائل الإعلام الغربية عن صورة الإسلام، مبينًا بأنّ الإصلاح الاجتماعي والسياسي والمدني هو الذي سيغير هذه الصورة، وكذلك فإنّ إرساء مبادئ حرية الرأي والتعبير وقيم العدل والإيمان بالتعددية السياسية كل هذا حتمًا سيزيل الصورة السلبية عن المسلمين وتمحو الضرر الحاصل الذي لحق بهم جراء أعمال العنف التي عززت وزادت من الصورة السلبية. سلوكيات المسلمين وعلى الصعيد نفسه يعتقد رئيس تحرير صحيفة «الشرق» الأستاذ قينان الغامدي، أنّ صورة الإسلام مرهونة بسلوكيات المسلمين، فإذا كانت سلوكيات الأحزاب الإسلامية صحيحة فإنّه من الممكن أن تقدم صورة إيجابية وحقيقية عن الإسلام في وسائل الإعلام الغربية، مشددًا على أنّ تنظيم القاعدة عبارة عن عصابات تخريب حيث أنّ هذه الحالة موجودة في جميع الدول، وهذا بالطلع لن يؤثر على صورة المسلمين في الرأي العام الغربي. ويرى الغامدي أنّ الثورات العربية أسهمت وبشكل واضح في تغيير الصورة السلبية عن الشعوب العربية التي كانت في مخلية الغربيين بأنّها شعوب خانعة غير قادرة على الخروج من واقعها، معتبرًا بأنّه وبكل تأكيد سيكون هناك نظرة جديدة لصورة الإسلام والتي تتمثل في صورة التيارات والأحزاب الإسلامية التي لابدّ لها من أن تقدم صورة حسنة ووسطية عن دينها أمام الآخرين، مشيرًا إلى أنّ وسائل الإعلام الغربية تعكس ما تفعله هذه الأحزاب والجاليات الإسلامية الموجود في داخل وخارج العالم العربي، فهي تظهر الواقع الذي يعيشه المسلمون فإن كان واقعهم إيجابيًا فإنّ الصورة ستكون بكل تأكيد إيجابية وإن كانت سلبية فإنّ الصورة حتمًا ستكون كذلك. عنصرية مختلفة من جانبه يرى رئيس مبادرة المسلمين والمسلمات النمساويين، وعضو المجلس الاستشاري للشبكة الأوروبية لمناهضة العنصرية، المهندس طرفه بغجاتي أنّ ظاهرة العداء للإسلام في أوروبا والولاياتالمتحدة هي ظاهرة عنصرية ثقافية تختلف عن العنصرية العرقية المعهودة، وتتجلى بكونها فوقية ثقافية تحاول أن تجعل من مسلمي أوروبا مواطنين درجة ثانية، مؤكدًا بأنّ هذا ليس له علاقة عضوية بالإرهاب وبتنظيم القاعدة، بل له تبريرات سياسية واقتصادية وديموغرافية، وكثيرًا ما يتم خلط الإسلام كدين بالتحديات التي تواجه أوروبا الآن وخاصة الهجرة واللجوء السياسي والاندماج حيث يتم كثيرًا تحميل الإسلام والمسلمين مسؤولية تقصير السياسيين هنا، مشددًا على أنّه لا يعتقد بأنّ تراجع فكر القاعدة وانعدام تأثيرها السياسي إن جاز التعبير في أوروبا أثّر إيجابيًا وفعليًا في مكافحة ظاهرة عداء الإسلام، ولكن له أثر لا ينكر في تحسين الجو العام. وحول تأثير الثورات العربية الشعبية على تحسين صورة الإسلام في وسائل الإعلام الغربية يردّ بغجاتي قائلًا: نعم لقد كانت للثورات العربية وخاصة التونسية وبعدها المصرية أثرًا إيجابيًا عظيمًا في نظرة الغرب إلى الشرق، فها نحن رأينا كيف أنّ الشعوب المسلمة التي كانت تتهم في الغرب بالتخاذل وبقبول الذل بل وبحب الدكتاتورية تنهض نافضة عنها خلال أيام وأشهر نظمًا شمولية حكمت لعشرات السنين وبهذا تلقت أوروبا درسًا مفاده بأنّه ليس هناك مكان لاستغلال الشعوب وإن كل أوروبي يعرف تمامًا أنّ هذه الأنظمة الدكتاتورية كانت مدعومة أيما دعم من الغرب دونما التفات إلى حقوق الإنسان وحرية الفكر والتعبير». ويضيف بغجاتي: «أنا بطبعي متفائل وعلى قناعة أننا نحن مسلمي أوروبا ماضون في الطريق الصحيح والاتجاه السليم ولكن ليس بالسرعة المطلوبة وإن كان لدينا في أوروبا أرضية سليمة وكافية لنأخذ كل حقوقنا وندافع عن أنفسنا وديننا وأيضًا أن نعطي هذه البلاد ونشارك في تنميتها وكتابة تاريخها الحديث ثقافيًا واجتماعيًا واقتصاديًا»، مشيرًا إلى أنّ انحسار وتراجع فكر القاعدة هو بلا شك عائد بالدرجة الأول إلى تعامل المسلمين مع هذه الظاهرة ورفضهم للتطرف واستخدام العنف كوسيلة وحيدة للتعبير وليس نتيجة لما يسمى بالحرب الغربية ضد الإرهاب، والقاعدة فقدت زعيمها في هذا العام بعد أن فقدت مصداقيتها الشرعية منذ زمن بعيد وبهذا يظهر الإسلام الحقيقي في صورة الشباب الثائر ضد الظلم والطغيان والمطالبة بالحرية والكرامة وهذا سيكون بالطبع إيجابيًا بالنسبة للحضور الإسلامي في الغرب ونظرة الغرب إلى الإسلام. تداعيات سبتمبر من جهته يعتقد الأكاديمي والخبير الإعلامي، الدكتور محمد بسيوني جبريل، بأنّ أحداث 11 سبتمبر 2001م لم تكن صانعة للصورة النمطية عن الإسلام والمسلمين وإنّما كانت كاشفة بجلاء عن حجم هذه الصورة وطبيعتها، قائلًا: «ولا شك أنّ المخطط الصهيوني ومن يناصره في المراكز البحثية والمؤسسات الإعلامية المختلفة استغل هذه الأحداث وقام بتوظيفها جيدًا ليضاعف من تأثيراتها السلبية فيما يتعلق بصورة العرب والمسلمين، ولا أميل على الإطلاق بأنّ الصورة النمطية للإسلام والمسلمين يمكن أن تحقق على المدى القريب تحسنًا بسبب توقف العمليات الإرهابية»، مشددًا على أننا في حاجة ماسة على المدى القريب إلى مؤسسات إعلامية فاعلة وكوادر مدربة تستطيع أن تخاطب الآخر وتتفاعل معه بلغته، أما نمط الإعلام المونولوجي فلن يفيدنا بحسب جبريل على الإطلاق. ويتمنى جبريل من الأنظمة الغربية أن تحقق تقدمًا ملموسًا فيما يتعلق ببعض الملفات الشائكة والتي يستثمرها العدو الصهيوني في تشويه صورتنا وهي ملفات تتعلق بالديمقراطية وحقوق الإنسان والمرأة والأقليات، منوهًا على أنّ هذه الملفات تم توظيفها في بعض الأحيان من قبل وسائل الإعلام الغربية بطريقة غير مهنية حيث لا ينبغي عل الأقل أن نقدم لوسائل الإعلام الغربية الأحداث التي يسيئون توظيفها، مؤكدًا على أننا نحن في حاجة ماسة إلى جانب توقف العمليات الإرهابية أن نحقق تقدمًا ملموسًا في كل هذه الملفات ولا شك أنّ كل هذه الأمور سوف تحقق على المدى البعيد وليس القريب تحسنًا ملحوظًا في الصورة النمطية عن الإسلام والمسلمين في الغرب، ومثل هذا الأمر سيحتاج إل مضاعفة الجهود المخلصة والمنظمة. وفيما يخصّ إسهام الثورات العربية في تحسين صورة الإسلام يقول جبريل: «من المؤكد أنّ هذه الثورات التي اشتعلت في العديد من الأقطار العربية والتي رفعت الشعارات السلمية والتي لم يرتكب الثائرون العرب فيها أية أعمال عنف ستساهم إلى حد كبير في تحسين الصورة النمطية في أذهان الغرب عن العرب والمسلمين، حيث حققت الثورات العربية في هذا المجال للعرب ما يعجزون عن تحقيقه ولو أنفقوا مئات المليارات من الدولارات، ولا شك أنّ هذه الثورات سوف تحقق تقدمًا ملموسًا فيما يتعلق بالعديد من الملفات التي كان يستغلها الإعلام الغربي في حملاته لتشويه العرب والمسلمين»، موضحًا بأنهّ لكي تحقق الثورات العربية دورها فيما يتعلق بملف تحسين صورة العرب والمسلمين لابدّ أن تنجح هذه الدول في تأسيس أنظمة ديمقراطية حقيقية، وأن تتوقف أعمال العنف والبلطجة التي تكون من توابع الثورات في العادة، وهذا ما يحرم العدو الصهيوني من الميزة الوحيدة التي كان يستغلها ويسوّق لنفسه بها في الغرب وهو أنّه واحة الديمقراطية في هذه المنطقة من العالم. ويعتقد جبريل بأنّه لا يمكن على الإطلاق أن يحدث تحسن ملموس في صورة العرب والمسلمين في الغرب على المدى القريب، لأنّ الصورة النمطية تحتاج إلى جهود ليست عادية ووقت ليس بالقصير حتى يؤدي إلى تغيير حقيقي نستطيع أن نتلمسه، معتبرًا بأنّ هذه المرحلة التاريخية الراهنة والحرجة في نقس الوقت توافر للعرب والمسلمين فرصة ذهبية لتغيير صورتهم النمطية المشوهة فيما بتعلق بالثورات السلمية، ويكفي أن نسمع الرئيس الأمريكي باراك أوباما وهو يطلب من الشباب الأمريكي أن يستلهم روح الشباب المصري، أو رئيس الوزراء الإيطالي وهو يتحدث عن الثورة المصرية بأنّ المصريين يصنعون التاريخ كالعادة، فهذه بحسب جبريل فرصة ذهبية على العرب والمسلمين استغلالها جيدًا ولا يتركوها تتفلت من أيديهم كغيرها من الفرص. مواقف ثابتة وبدوره ينفي الكاتب والناقد الصحفي الأستاذ منصور النقيدان أن تكون كل وسائل الإعلام الغربية قد استخدمت التفجيرات التي قامت بها القاعدة لتشويه الإسلام، مشيرًا إلى أنّ ذلك العمل تقوم به قنوات وصحف محصورة ومحدودة، وفي ما يخص الموقف الغربي من المسلمين فهو بحسب النقيدان ليس مرتبطًا بالإرهاب، قائلًا: الأحداث الإرهابية التي شهدها الغرب وتورط فيها بعض المسلمين والعرب المقيمين هناك أدى لتأجيج العواطف السلبية والمواقف السياسية لبعض الحكومات والقوى والأحزاب السياسية وسمح لبعض مراكز الدراسات والخبراء بالحديث عن خطر تنامي الإسلام في الغرب، وتحوُّل هذا الموقف إلى مزاج اجتماعي عام. ويعتبر النقيدان أنّ الموقف الغربي من الإسلام والمسلمين، وموقف المسلمين من القيم والحضارة الغربية هو موقف ثابت ولا يمكن أن يزول أو يتلاشى، مهما عقد من مؤتمرات ولقاءات وندوات ودعوات للتسامح والتفاهم والتقارب والحوار، منوهًا على أنّه وإن كانت المصالح السياسية والاقتصادية قد ساعدت على التخفيف من الاحتراب الإعلامي أحيانًا، وذلك يعود لحصافة الساسة وبرجماتيتهم، وقناعتهم أنّ العقائد ليست هي التي تسيِّر العالم، وإنّما تسيِّره المصالح وإن كان الساسة أحيانًا هم من يستخدم تلك المخاوف أوراقًا سياسية في حملاتهم الانتخابية. ويضيف النقيدان قائلًا: يكفي أن نعلم أن الفاتيكان نفسه يشعر بتهديد حقيقي من تنامي أعداد المسلمين، مع أنّه يشارك عبر ممثليه في مؤتمرات التقارب والتسامح، ويشعر الفاتيكان ودوائر سياسية وثقافية غربية مؤثرة بخطر ماحق يجتاح أوروبا المسيحية، وهناك كما نرى مواقف متشددة ظهرت في فرنسا وهولندا وألمانيا. وجاءت أحداث الكاريكاتوريات عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم التي أثارت المسلمين انعكاسًا لهذا الخوف. وحول الثورات الشعبية التي عمّت مختلف الدول العربية ومساهمتها في المستقبل القريب والبعيد في تحسين صورة الإسلام يرى النقيدان أنها صورة جميلة وخلابة أكدت أن العرب ليسوا كما رسخ في أذهان العالم الغربي بأنهم مجرد شعوب ترضى الهوان ولا تعرف قيمة الحرية وتتواءم ثقافاتهم مع الاستبداد. لكن النقيدان يعتبر أنّ هذه التحولات المشرقة «المؤقتة» بحسب وصفه لن تكون سببًا في تحسين صورة الإسلام، لأنّ الموقف الغربي من الإسلام ليس موقفًا عرقيًا ولا اجتماعيًا وهو في الأساس نبذ متبادل بين حضارتين أساسه جوهري فلسفي، وخصوصًا أنّ الإسلام حتى الآن لم يخضع لعملية تصحيح وإصلاح حقيقي يمس الجذور ويجعله متوائمًا مع قيم الحضارة الغربية. ويؤكدّ النقيدان أنّ مقتل أسامة بن لادن لن يقدم ولن يؤخر في هذه الصورة، لأنّ القضية أعمق بكثير من القاعدة والعمليات الإرهابية، حيث إنّ هناك انطباع يتعاظم مع الوقت بأنّ المسلمين غير مستعدين للاندماج في مجتمعاتهم الغربية، لأسباب دينية وحضارية وثقافية، موضحًا أن مشكلة العالم العربي والعالم الإسلامي ليست نابعة فقط من الاستبداد والظلم والديكتاتوريات، وأنّ الثقافات المتنوعة تتسم بطابع الانغلاق والتشدد وفهم الدين وتفسيره وممارسته له القسط الأكبر في الأوضاع التي يعيشونها، لافتًا إلى أنّه ومن المستغرب أن بعض الدول الغربية ومنها بريطانيا على وجه الخصوص حاولت ولا تزال مساعدة المسلمين على تصحيح مفاهيمهم عن دينهم سواء من كان منهم بين ظهرانيها ويحملون جنسيتها أم كانوا يعيشون في باكستان، مختتمًا بأنّ المزاج العام من الموقف السلبي من الإسلام في الغرب هو في ازدياد وليس في انحسار، ومتابعة الأخبار العالمية لمدة أسبوع تفي دليلًا على ذلك. القاعدة وخدمة الإسلام ومن جانبه يري أستاذ العلوم السياسية والمتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية الدكتور سيف الدين عبدالفتاح أن تحسين صورة الإسلام في الغرب ليس مقرونا ببقاء القاعدة أو ذهابها، ويقول: القاعدة تنظيم قتالي ظهر في ظروف معينة ولا يعبر عن الأرضية الإسلامية أو يعكس رأي الشارع الإسلامي بل إن تنظيم القاعدة وجد رفضًا إسلاميًا منذ بدايته ولم يخدم القضية الإسلامية ولا المشروع الحضاري الإسلامي وكان مثله مثل أي تنظيم اعتمد لغة العنف والقتال كأساس لعقيدته الفكرية، إلا أن تنظيم القاعدة تهيأت له فرصة أفضل بحيث لا يكون محليًا حيث انتمى أعضاؤه لمعظم الدول وكان وعاءً للفارين من الاضطهاد والملاحقة في بلادهم، كما جمع أصحاب التوجهات الفكرية غير المعتدلة واكتسب صبغة محاربة الاستعمار والامبريالية، مما أكسبه مزيدًا من التعاطف لدي رجل الشارع العادي ولكن هؤلاء الذين فهموا الإسلام ودرسوه كانوا متأكدين أن مثل هذا الفكر مردود عليه، ولكن طبيعة المرحلة التي جمعت بين حرب أفغانستان والتدخل الأمريكي السافر في الشأن الإسلامي وحملة العداء الغربية ضد الإسلام وظهور نظرية العدو البديل واعتبار الإسلام بديلًا للشيوعية كل ذلك أسهم في أن يفرز نتاجا غير مقبول من الفكر مثل تنظيم القاعدة. لذلك فإن السبيل الوحيد لتغيير صورة الإسلام هو تقديم النموذج الحضاري للإسلام. فزاعة الغرب ويري الخبير في شئون الجماعات الإسلامية الدكتور ضياء رشوان أن القاعدة استخدمت كفزاعة للغرب وكانت أداة سياسية انتهي دورها خاصة بعد التحولات التي يشهدها العالم الإسلامي والتغيرات التي تشهدها الدول من جراء ثورات الشعوب ويقول: كشفت الأحداث أن القاعدة كانت صوتًا نشازًا ولم يكن لها وجود جماهيري بقدر ما كان لها صدي إعلامي صنعه الغرب لنقل صورة سلبية عن المسلمين وتضخيمها وكانت الشعوب الإسلامية بمنأى عن فكر العنف والتطرف وتسعي لطرح البديل الإسلامي كبديل حضاري يرضى عنه الجميع، كما كشفت تطورات الأحداث في المنطقة العربية بالذات أن إرادة الشعوب ضد العنف، والثورات التي ظهرت في بعض البلدان رفعت شعارات سلمية لتؤكد أن الطيف الأكبر من الشعوب مع التحرر السلمي وضد سفك الدماء، ومن ثم فان فكر القاعدة لم يكن له وجود في الشارع الإسلامي وفكر الإسلام الجهادي كان مرحلة صنعتها ظروف معينة وانتهت من تاريخ هذه الأمة والفكر المتشدد كان وليد ملابسات وظروف انتهت ولكن الأصل الإسلامي هو الفكر الوسطي الحضاري المتسامح وهو ما تؤمن به الغالبية العظمي من أبناء الإسلام. مردود إيجابي وفي نفس الإطار يعتبر الخبير والمحلل السياسي، الأستاذ علي عبد العال، أنّ عملية تشويه صورة الإسلام لدى الغرب أسبق بكثير من ظهور تنظيم القاعدة، وإن كانت بالطبع زادت وتيرتها مع الهجمات التي نفذها التنظيم هنا وهناك، ووجدت وسائل الإعلام الغربية فيها وسيلة جيدة لإلصاق القتل وأعمال التفجير والدم بالإسلام والمسلمين، لكنّه في نفس الوقت لا يرى أنّ عمليات التشويه والهجوم المنهجي من قبل الإعلام الغربي ستنتهي لو افترضنا زوال القاعدة أو انتهاء عملياتها، وهو ما يستوجب علينا كمسلمين أن نرد على كل ما يثار حول ديننا وعقيدتنا من شبهات واتهامات. وحول مدى تأثير الثورات الشعبية التي تحدث في مختلف الدول العربية على تحسين صورة الإسلام في الغرب يقول عبد العال: لا شك أنّ لهذه الثورات الحاصلة في العديد من بلدان العالم العربي دور كبير في تحسين صورتنا كعرب ومسلمين لدى الآخر، خاصة وقد كان لها مردود ايجابي واستقبلها العالم بترحاب كبير وغيرت كثيرًا من معتقداته السالبة، فهذه الثورات ساهمت أيضًا في التقليل من الصورة الذهنية التي انطبعت لدى الكثيرين لتربط بين الإسلام والإرهاب، إذ يتأكد لمن لا يعرف حقيقة شعوبنا أننا أمة لا تسكت عن حقوقها مهما طال بها الزمان وأن غضبتنا لابد وأن تكون لها حساباتها. ويؤكد عبد العال ضرورة أن لا ننتظر من الآخرين أن يمنحونا حريتنا، فنحن أمة حرة بطبيعتها، بدينها بعقيدتها لا ترضى أبدًا الذل والهوان، وإذ ينبغي علينا أن نهتم بتوضيح الحقائق لمن لا يعرفها، ولا نسكت على أي صورة مغلوطة تجاهنا، فإنّ هذا راجع إلى أننا أصحاب رسالة مأمورون بتوصيلها إلى الإنسانية جمعاء، ليس لأننا بتوضيح هذه الصورة نرجو من الآخر أن يترفق بنا أو أن يمنحنا الحرية، مؤكدًا بأنّه لا يعول كثيرًا على أن يكون لموت شخص أو جماعة دور في العلاقة التي ينبغي أن تحكمنا مع غيرنا من الأمم. استغلال المصطلح من جهته يعتقد المنسق الإقليمي لبرامج الشباب في هيئة خدمات الأصدقاء الأمريكية، الأستاذ ذوقان قيشاوي أنّ المنهجية التي استخدمتها القاعدة قد أضرت كثيرًا بصورة الإسلام وصار هناك مصطلح «الإسلامفوبيا» الذي تم استغلاله من أجل زيادة الهجمة على البلدان الإسلامية لقطع يد الإرهاب، فصار مطلوبًا من المسلم المعتدل بذل جهد أكبر لتصحيح وتعديل تلك الصورة النمطية التي رسمت حول الإسلام، منوهًا على أنّ الحد من نشاط تنظيم القاعدة وتقليص عملياته في أوروبا وأمريكا ستكون له آثار إيجابية في تحسين العلاقة مع المجتمع الغربي ولكن ستكون هذه العلاقة مشوبة بالحذر لأن الأسباب وراء نشأة القاعدة أو التنظيمات التي تبنَّت الفكر المتطرف لم تتم إزالتها وهنا تقع على عاهل الدول الإسلامية ليس فقط اجتثاث تلك التنظيمات ولكن العمل الدءوب على إزالة أسباب نشوئها من فقر وتهميش وكبت وإقصاء ومغالاة في استخدام الدّين. ويؤكدّ قيشاوي أنّ الثورات هي بالمطلق رد منطقي ومتوقع على أنظمة كان يجب أن تتغير بشكل تلقائي ولكن وللأسف آثرت تلك الأنظمة البقاء في الحكم أكبر مدة ممكنة وخارج إطار الحوكمة، فوضعت مصالحها وأولوياتها الشخصية فوق كل اعتبار، موضحًا بأن صدى الثورات التي حدثت في العالم العربي أسهم في تغيير الصورة النمطية عن الإنسان العربي المسلم الذي يرفض الانقياد ويستخدم وسائل متعددة ومتنوعة ومن أهمها شبكات التواصل الاجتماعي من أجل إحداث التغيير. ويوضح قيشاوي بأنّ الغرب رسم صورة نمطية للعربي والمسلم فكان يرى في المسلم صورة أسامة بن لادن أو أبو مصعب الزرقاوي، وهنا يبرز دور على الرياديين في المجتمعات العربية للتفكير بجدٍ للوصول إلى الغرب وخلق منبر لهم من أجل الحديث عن القيم السامية التي تتقاطع مع الديانات الأخرى وأنّ دين الإسلام هو دين اندماجي وليس إقصائي، ملمحًا بأنّ ممارسات تنظيم القاعدة قد أساءت كثيرًا لروح وجوهر الدين وهنا يجب أن تكون مرحلة الإصلاح على عدة جوانب، ويقول قيشاوي: من ضمنها بناء قدرات فريق من المتحدثين المسلمين الذين يتحدثون اللغات الأجنبية بطلاقة من أجل السفر إلى الغرب والتوجه للمجتمع الغربي وخلق أجواء من الحوار والنقاش حول مضمون الدين وقيم التسامح وتقبُّل الآخر، وفتح آفاق الحوار بين الأديان الأخرى في الغرب، وأن تكون لدينا فضائية بالإنجليزية موجهة وتعكس الفكر الإسلامي المعتدل، وأن نقوم بتشجيع الجامعات الأجنبية لفتح المزيد من مراكز الدراسات العربية الشرق أوسطية والإسلامية، وأن تلعب سفاراتنا في الخارج دورها الفاعل في رصد تلك التغييرات التي تحدث في الرأي العام الغربي. الزيات: التجارب أثبتت أن الابتعاد عن الوسطية يمثل فهمًا خاطئًا للإسلام يؤكد محامي الجماعات الإسلامية منتصر الزيات أن مقتل أسامة بن لادن لاشك له تأثير مباشر علي قوة تنظيم القاعدة ولكن بغض النظر عن بقائه أو وفاته فنحن بصدد تقييم فكر القاعدة والي أي مدي ذهب وهل الواقع يستوجب استمرارها علي نفس النمط ويقول: مؤكد أن مجموعة متغيرات فرضت نفسها علي الساحة سواء في الداخل الإسلامي أو من الخارج، وكل هذه العوامل كان لها تأثير مباشر علي تقييم فكر القاعدة ومدي الانبهار به لدي الشارع الإسلامي ولعل في مقدمة هذه الأمور فقه المراجعات الذي اتسمت به معظم الجماعات الإسلامية وخاصة جماعة الجهاد التي كانت تعتبر مرجعية فكرية لتنظيم القاعدة واتجاه قيادات هذه الجماعات إلى الانخراط في المجتمع وتصحيح الصورة النمطية عن الجهاد، وأن الإسلام أوسع واشمل من أن يكون فكرًا للقتال فقط. والأمر الثاني تنامي التيار الإسلامي بشكل عام وظهور الإسلام كبديل حضاري قوي ولكن ينقصه الاجتهاد وإعمال العقل للتوفيق بين العصر والنص. ومن ثم حين علت صيحات تنادي بضرورة الاجتهاد الفقهي وطرح رؤى إسلامية عصرية لم يعد فيها الإسلام بمعزل مثلما كان، بل أصبح البديل الإسلامي يناوئ البدائل الأخرى. الأمر الآخر ما يتعلق بجهود العلماء لتحسين صورة الإسلام والحديث عن حوار بين الديانات وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام، وتأكيد أن الإسلام ينبذ العنف بكل إشكاله وإذا زدنا علي ذلك تغير الخطاب الغربي تجاه الإسلام وبالتحديد منذ ولاية الرئيس الأمريكي أوباما وذهاب اليمين المتشدِّد عن الحكم في الولاياتالمتحدة مما أدي إلي تخفيف نبرة العداء الغربي ضد الإسلام، إضافة إلي ظهور كثير من عقلاء الغرب الذين انتقدوا محاولة تشويه صورة الإسلام خاصة بعد الحملة الغربية المسيئة للإسلام ونبيه صلي الله عليه وسلم، ومن ثم هدأت نبرة العداء ويمكن القول إن مجموعة عوامل وليس قوة القاعدة أو ضعفها حسَّنت الصورة أو جعلت الأمر أكثر سجالًا عما كان عليه، لاسيما مع تراجع فكر العنف بشكل ملحوظ في معظم البؤر التي كان ينطلق فيها. ويعتقد الزيات أنه مع التغيرات التي تحدث الآن في معظم الدول والتحول نحو الديمقراطية وحرية الأفراد والانتهاء من فكر الدولة البوليسية التي حجَّمت إلي حد كبير كل التوجهات الإسلامية، فإن الساحة مفتوحة أمام الجميع ليعمل في العلن ويعبر عما يؤمن به ويعتقد دون خوف، ومن ثم لن يكون هناك مبرر لظهور جماعات عنف مثلما حدث في الماضي، خاصة مع تزايد التأكيد علي منهج الوسطية الإسلامية حيث أثبتت التجارب أن أي ابتعاد عن الوسطية يمثل فهمًا خاطئًا للإسلام. البيشي: صورة الإسلام في الغرب لن تتغير بسبب الثورات العربية الأخيرة أمّا الباحث في الشؤون السياسة الشرعية الشيخ محمد البيشي فإنّه يرى أن هذه الصورة تحتاج إلى دراسة العمق الاستراتيجي لفكرة الإعلام المسلَّط، بل إنّ العداء الخارجي ضاعف اهتمامه حول الملف السعودي لورود أسماء كانت تحمل الجنسية السعودية كما أعلن عنها في أشهر من الحادثة والقاعدة هي المتورط الأول فيها، بغض النظر عن مصداقية تداعيات الحدث إلا أنّ الجو المرتبك الممازج بين الرؤية العقلانية والدينية مع الرؤية السياسية أنشأ بيئة صالحة لأن يتهم الإسلام - بجميع تياراته وأشكاله ذات الأحادية في الهدف والموجودة قبل حادثة 11 سبتمبر في العالم الإسلامي والعربي خصوصًا، ويكون مصيدة باردة لتصدير الاتهامات واهتبال المناسبات السانحة للغزو الحقيقي مثل أفغانستان أو العراق كمثال أو الفكري التنويري مؤكدًا بأننا في هذه الأيام نعيش في خضم مناقشات التيارات الفكرية متناقضة التوجه ما هي إلا نتيجة للتراكم الذي أحدثه الإعلام الأمريكي في البيئة السعودية بعد الحدث، حيث يمكن تمييز الصورة النمطية للإسلام من خلال طريقة عرض معتنقيه كما جاءت في تقرير «اللجنة العربية لمكافحة التميز» بأنّهم سفاحون، وإرهابيون، ، ومتطرفون، ومضطهدون للمرأة، إلى آخر تلك الأوصاف والتي تعدّ غرسًا لمفاهيم مغلوطة بغض النظر عن تأثير أي حدث على البيئة الغربية. ويعتبر البيشي أنّ السيناريوهات المنظمة التي تلعبها الدول الضاغطة في العالم وعلى رأسها أمريكا في المشهد الإسلامي والعربي بخاصة تنبئ بقراءة ليس لها إلا زاوية واحدة وهي استمرار حلقات التشويه والاستغلال، إذ أن الهدف الذي أقض مضجع دولة كالعراق وأفغانستان وغيرها هو المطلوب العالمي الأول ابن لادن كما يعبِّرون، منوهًا على أنّ تدخلات أجنبية أخذت تتوسع بمساحة إطار المصلحة المشتركة في القضاء على الإرهاب، وبعد إعلان مقتل ابن لادن قامت الجهات المعنية ببث تخوفات الحكومة الأمريكية بانتقال الفكر من زعيم التنظيم إلى نوابه! إذن فيجب علينا ملاحقتهم، إذ أنّ الجسد يموت ولكن الفكر باقٍ، فلا أظن أن هذا المسلسل له حلقة ينتهي عندها.