تخفي دموع الابتهال والتضرع في الحج الأكبر، قصصا وحكايات لأناس أتوا من كل فج عميق، موحدين ملبين لله الواحد القهار، تاركين خلفهم المال والأهل والصاحب والولد في سبيل الطاعات وإتمام العبادات. وقفت الحاجة النيجرية (فاطمة الزهراء) على سفح جبل عرفات تبتهل لله الذي من عليها بإتمام الركن الخامس من أركان الإسلام بعد 20 عاما من الكد والادخار، حتى تمكنت من الوقوف بين الحجيج على صعيد عرفات داعية بالرحمة لوالدتها التي كانت تستعد للرحيل إلى بلاد الحرمين لأداء مناسك الحج، ولكنها فارقت الحياة قبل وقفة عرفات بيومين. تقول الحاجة فاطمة «قدمت من شمال نيجيريا وأغلب سكان قريتي من الطبقة الكادحة التي تعاني ويلات الفقر والتشرد بسبب الأوضاع السياسية والانقسامات الطائفية، فكان علي مساعدة والدتي المسنة وتحمل أعباء الحياة عنها، فكنت أعمل بتنظيف دور تحفيظ القرآن الكريم وأدرس فيها، بالإضافة إلى عملي في جمع المحاصيل الزراعية بدلا عن والدتي التي أنهكها المرض»، وتضيف «بعد مضي 20 عاما من الكد والتعب تمكنت من جمع قيمة تكاليف حج والدتي التي وافتها المنية إثر أزمة قلبية وهي تحلم بحجة تلقى بها رب العالمين». وختمت فاطمة بلسان عربي كسير يجاهد في إيصال المعنى الصحيح دون دبلجة المترجمين حديثها بالقول «الله أقبل حجي وارحم أمي واجمعني بها في جناتك».