المغالاة والزيادة في موائد الإفطار هل هي عادة أم احتياج أم سلوك ؟ سؤال وجهته «عكاظ» إلى سيدات وربات بيوت على خلفية الإسراف وتكديس المواد الغذائية دون حاجة، فضلا عن المباهاة وإدمان التسوق وتحويل شهر العبادة إلى شهر حاد الاستهلاك. سمية حسين تقول إنها في بيت والدها كانت تعد كمية كبيرة من الأطباق والوجبات لأسرة يزيد عددها عن 12 فردا، وكان الوضع طبيعيا وقتذاك ولم تشعر لحظة أنها تبذر فعدد أفرادالأسرة يتواءم مع عدد الأطباق وكمية الطعام، تضيف سمية «رغم صغر سني كنت ألاحظ خالتي تتكلف في إعداد وجبة الفطور بشكل مبالغ ولم أستطع لفت نظرها، وعندما تزوجت اختلف الوضع فصرت أجهز وجبات الفطور التي تكفينا أنا وزوجي، والحالة تتغير إن حضر إلينا ضيف على الفطور أو السحور». عادة لا حاجة شاكرة أحمد تأسفت على مظاهر الإسراف في وجبتي الإفطار والسحور، فالأمر أصبح في حكم العادة لا علاقة له بالاحتياج، إذ يبدأ أغلب الناس في شراء مستلزمات رمضان، «نشتري ما يفوق حاجتنا بكثير ونعد في الوجبتين ما يفوق حاجتنا وكأن رمضان هو شهر الطعام لا العبادة، للأسف هذه عادة سيئة اكتسبناها ولم نحاول تغييرها وعلى الأسر إعادة النظر في العادات السلبية». أما هدى عامر فقالت، «في منزل والدي كنا نعد أصنافا كثيرة على وجبتي الإفطار والسحور ولم يكن ذلك من باب التبذير بل إن ضيوف والدي من المناطق الأخرى كثر ويقيمون معنا إما بغرض العمرة أو لقضاء شهر رمضان في جدة أو للتسوق، وعندما تزوجت وانتقلت لمنزلي وقعت في حيرة من أمري حتى نبهني زوجي بأن شهر رمضان مثله مثل بقية الشهور في ناحية الوجبات وكانت كلماته بالنسبة لي ومضة أنارت لي الطريق، أجهز الطعام وفق احتياجنا». صناديق القمامة عالية صفوان لا تخفي دهشتها وعجبها عندما تذهب إلى مراكز التسوق وشغف الناس بالشراء الكثيف دون حاجة وتكديس السلع في العربات بصورة مبالغة ومؤذية، فالمطلوب هو الشراء حسب الحاجة، وتعزو ما يحدث إلى بعض العادات غير الصحيحة المرفوضة، ولا يختلف رأي شادية طارق إذ تقول إنها تتعجب من بعض قريباتها اللائي يتسابقن لمعرفة أصناف الأطعمة الجديدة والتحضير لشهر رمضان من منتصف شعبان وتضيف، «أنا شخصيا لم أتعود على ذلك منذ أن كنت في منزل والدي، فشهر رمضان مثله مثل غيره من ناحية الطعام والسلوك الغذائي، وزوجي مثلي لم أشعر يوما بتكلف أو حيرة في تجهيز وجبة إفطار أو سحور، بل عكس الآخرين يقل حجم تناولنا للطعام في رمضان»، وتضيف أن المغالاة في شراء المستلزمات الغذائية لدى البعض عادة، وأكبر دليل بأننا نرى صناديق القمامة مليئة بالأطعمة. شغف الشراء إبتسام طاهر تصف ما يحدث من حركة شراء واسعة للمواد الغذائية قبل شهر رمضان بأنه نوع من البذخ، لأن التخزين المنزلي في أغلب الأوقات إذا طالت الفترة يصبح غير صالح للاستخدام، والغريب أن البعض يشتري كميات تفوق حاجته من المواد الغذائية قبل دخو الشهر ثم يعزز ذلك بمواد إضافية طوال الشهر وبالنسبة لي شخصيا في أسرتنا نشتري احتياجات كل أسبوع وما يعد للإفطار هو نفسه الذي نتناوله في السحور. وتعلق الأخصائية الاجتماعية نورا محمد بالقول «للأسف نتبع كثيرا من العادات التي تكبر معنا ونسير على ما وجدنا عليه أسرنا دون التوقف والتفكير، ومن العادات السيئة الإفراط في شراء المواد الغذائية، كما أن البعض يقضي شهر شعبان في تجهيز الأصناف والواقع أن الأسر تستهلك نصف التجهيزات وتلقي المتبقي في حاويات القمامة ونلاحظ أن ربة المنزل ما تلبث أن تنتهي من تحضير وجبة الإفطار حتى تبدأ في تحضير وجبة السحور، ومن وجهة نظر الأخصائية نورا أن ذلك يعود للمجتمع الذي تحكمه عادات متوارثة ولا يحاول تغييرها، كما أن الشعور بالجوع يجعل الفرد يظن بأنه سوف يتناول كل ما تقع عليه عيناه، وعلى الأفراد إقناع أنفسهم بأنهم لن يستطيعوا تناول كل تلك الكميات من الطعام، وعلى الزوجين إعانة بعضهم البعض بالاتفاق في مساء كل يوم على الأنواع التي سوف تحضر في اليوم التالي.