غادر محمد الرشيدي 56 عاما منزله في حي السنابل الكائن بجوار خط الساحل إلى حي آخر خوفا من إصابته وأفراد أسرته بحمى الضنك، وليس الرشيدي هو الوحيد الذي غادر الحي خلال الأشهر الماضية إذ تعبه الكثيرون خوفا من المستنقع المزمن الذي أصبح من مظاهر الحي، وتحول بمرور الأيام والشهور إلى موقع لاستقطاب الطيور والحشرات وخاصة بعوضة الضنك. وأجمع عدد من أهالي الحي أن المستنقع بمثابة جرح غائر في خاصرة الحي وأنه أصبح مزمنا وأن أصواتهم بحت من أجل إيجاد طريقة لاستئصاله ولكن بدون فائدة. منذ الوهلة الأولى وأنت تضع قدميك في المدخل الرئيس للحي تشعر بأنك أمام بحر حقيقي، فمعالم البحر ظاهرة والحياة متوفرة، والمياه متحركة وطيور البحر تسكن هناك وتعيش وتتكاثر في حي السنابل جنوبجدة وتحديدا بالقرب من الطريق الدولي خط الساحل. وقال محمد الحسني من سكان الحي أن البحيرة أو المستنقع وفقا لتعبير أهل الحي مياه تزكم الأنوف وأصبحت محطة لتجمع وتكاثر طيور البحر ومالك الحزين، والمخيف في الأمر أنها مياه غير صالحة للاستخدام الآدمي ومخلوطة بمياه الصرف الصحي المتسربة من الحي السكني. وفي هذا السياق عبر سعيد الغامدي من سكان الحي عن قلقه من الوضع الذي آل إليه الحي ووصفه بالكارثي، لافتا إلى أن مشهد البحيرة الآسنة يعكس صورة سيئة عن الحي الذي يقع بالقرب من الطريق الدولي. وأضاف أن الأمر المحزن يتمثل في أن الداخل إلى جدة والخارج منها يشاهد المستنقع الذي تتجمع حوله الطيور البحرية وتنبعث رائحته النتنة والتي تزكم الأنوف وتسبب أمراضا لاتعد ولا تحصى. وأضاف: تقدمنا بشكاوى كثيرة لمصلحة المياه من أجل الاسراع بشفط المياه ومعالجة الوضع الحالي إلا أنها لاتستجيب لندائنا، وتقدم الجيران بعدة شكاوى مماثلة لأمانة محافظة جدة للمساهمة في قطع الاشجار وسفلتة الطريق وأفادت بأنها لاتستطيع سفلتة المكان إلا بعد شفط المياه المتكدسة في الموقع. من جانبه عبر عبدالله السلمي عن استيائه بما أسماه «إهمال» الحي وترك المياه تفيض وتزداد مع هطول للأمطار، من غير معالجة أو شفطها عبر الصهاريج والتخلص منها، مبينا أن المطر خير وبركة ولكن إذ تم إهمال آثاره فإنها تتحول إلى كارثة تؤذي السكان وتسبب الأمراض وقال متسائلا أليس في هذا هدرا للمال العام وعدم الحفاظ عليه، وأضاف: نخشى حدوث أمراض لأطفال الحي جراء المياه الملوثة، حيث أن بعض الأطفال يخرجون بغفلة من أهلهم في فترة العصر ويذهبون لممارسة السباحة في المياه، ولا يدركون ضررها على صحتهم وما قد تسببه من كوارث صحية على جسم الانسان، وما يثير مخاوفنا أيضا أن المياه اقتحمت الحي وتسببت في انتشار البعوض والذباب واتساخ الشوارع. واضاف لاينقص الموقع إلا جولات سياحية بزوارق صغيرة أو دبابات بحرية، ولو حدث ذلك فالأمر غير مستغرب. من جهته أوضح محمد الزهراني أنهم بصدد الانتقال من الحي، خوفا من المرض والتأثر بالمياه التي اقتحمت المنازل مايتسبب في أمراض معدية وكارثة صحية. «عكاظ» وضعت هواجس ومخاوف سكان السنابل على طاولة مدير شركة المياه الوطنية المهندس عبدالله العساف والذي أوضح أنه تمت ترسية مشروع تصريف مياه الصرف الصحي في مخططات جنوبجدة بإجمالي عقد بلغ 20 مليونا، وقال: مقاول المشروع استلم الموقع وسيتم البدء في تنفيذه خلال العشرة أيام المقبلة. رصد ميداني العساف أوضح بأن المشروع سيكون جاهزا حسب العقد خلال 8 أشهر من تاريخ البدء، لافتا إلى أن الشركة الوطنية تتابع باهتمام بالغ جميع المشاريع التي يجري تنفيذها لتصريف مياه الصرف الصحي والمياه الجوفية في كامل المحافظة. وهناك رصد ميداني للمشاريع ومراحل العمل فيها، لافتا إلى أن أي خلل أو قصور في التنفيذ يتم رصده فإنه ستطبق الإجراءات القانونية حيال المخالفين والمتجاوزين حسب نصوص العقود الموقعة بين الأطراف.