انتقد المشاركون في الملتقى والمعرض الوطني الثاني للأسر المنتجة التعقيدات الحكومية، وأكدوا أنها تسببت في ضياع الكثير من الأفكار الخلاقة التي كان يمكن أن تتحول إلى مشاريع عملاقة تخدم الاقتصاد الوطني. وأشاروا في ثلاث جلسات علمية عقدت أمس في جدة هيلتون أن تفعيل دور الأسر المنتجة، وتطوير إدائها يساهم في توفير أكثر من 1.5 مليار ريال ، تمثل حجم واردات الصناعات اليدوية للمملكة سنويا. وأجمعوا على ضرورة الإسراع في إنشاء اللجنة العليا للأسر المنتجة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز أمير منطقة مكةالمكرمة لتكون الكيان الرسمي والمظلة الشرعية لرعاية ودعم آلاف الأسر المنتجة المنتشرة في 13 محافظة في المنطقة. وطالب الدكتور سمير بن محمد حسين المتحدث في أولى جلسات الملتقى أمس بالهيكل المقترح للجنة العليا لرعاية الأسر المنتجة التي ستقام بإشراف مباشر من إمارة منطقة مكة، وتضم 13 شركة تمثل محافظات المنطقة يجري تشكيل مجلس إدارتها من الأسر المنتجة نفسها، ومن أشخاص يملكون الكفاءة لإدارة العمل، واستثمار الفرص، وتمهيد الطريق أمام الأسر المنتجة التي حددها برنامج حافز الصادر عن وزارة العمل ب(350) ألف أسرة من النساء في منطقة مكةالمكرمة، ينضم لهم 86 ألف أسرة يعولها رجال، حيث حددت الإحصاء نفسه الأسر المنتجة في مدينة جدة وحدها ب(170) ألف أسرة منتجة. وشدد حسين على ضرورة وجود آلية لتسويق منتجات هذه الأسر، وتطوير أنظمتها ومساعدتها على أداء رسالتها ضمن نسيج الاقتصاد السعودي. وقال من المهم بناء ثقافة تكوين الأسر المنتجة وفق منظومات تجارية بهدف وضعها في إطار مؤسسي منظم، حيث ستكون اللجنة بمثابة طوق نجاة مهم لإنقاذ الكثير من الأسر من الاندثار أو الغياب. من جانبه، أكد محمد بن شكري الحيدر أخصائي التوطين في الهيئة العامة للسياحة والأثار أن واردات المملكة من الصناعات اليدوية تجاوزت (1.5) مليار ريال سنويا، وتفعيل دور هذه الأسر سيساهم في ضخ هذا المبلغ للداخل، وخلق آلاف الوظائف للكثير من الأسر التي تعمل في مجال الصناعات الحرفية والأعمال اليدوية.وشدد على أن النشاط الحرفي يمثل أرثا وطنيا يعكس الهوية الثقافية للمملكة. وأشار إلى أن 350 أسرة استفادت من برامج الهيئة لتطوير الحرف، كما أطلقت مؤخرا جائزة «عكاظ» الإبداعية لتشجيع المنتجات الحرفية، وتحريك المنافسة بين هذه الفئة المهمة، ودعت إلى تفعيل القرارات السامية بأن تكون جميع الهدايا المقدمة من الجهات الحكومية والرسمية لضيوف المملكة من إنتاج الأسر المنتجة، وتشجع على فتح أسواق دائمة لهذه الفئة. وشدد الدكتور شكيل بن أحمد حبيب عميد كلية الأمير سلطان للسياحة والإدارة في جامعة الفيصل على ضرورة تشجيع المشاريع الصغيرة للأسرة المنتجة، وقال في كلمته خلال الجلسة التي رأسها الدكتور محمود بن عمر با عيسي عميد كلية إدارة الأعمال الأهلية: «لا أنسى التجربة الرائعة التي عشتها في جنوب أفريقيا عندما شاهدت دعما خاصا ورسميا للأسر المنتجة هناك، فقد وجدت الفنادق تخصص أماكن دائمة لهذه الأسر لعرض منتجاتها، كما رأيت تكاتفا كبيرا بين الجهات الحكومية والخاصة لدعم هذه الشريحة»، مشددا على أن تفعيل دور الأسر المنتجة سيساهم في الحد من البطالة، وخلق فرص وظيفية عديدة، ورفع مستوى المعيشة لدى طبقة البسطاء، مشيرا إلى ضرورة تحفيز الأسر من خلال تمويل مشاريعهم، وتوفير أماكن لعرض منتجاتها. وطالب الدكتور فيصل العقيل في الجلسة الثانية التي رأستها الدكتورة نسرين بنت علي الإدريسي بضرورة وجود خارطة طريق واضحة لفتح أسواق جديدة للأسر المنتجة، مشيرا إلى أن فتح الأسواق ليس مسؤولية القطاع الخاص وحده، بل يحتاج إلى شراكة رئيسية من القطاع العام. وأكد العقيل أن موافقة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز على رئاسة اللجنة العليا للأسر المنتجة ستدفع إلى تحريك العمل قدما لهذه الفئة. وطرح المهندس مازن عنان المشرف على برنامج (دلني على السوق) فكرة لافتة خلال الجلسة العلمية الثانية بتأسيس شركة صغيرة برأس مال (600 ألف ريال) للمساهمة في تسويق منتجات الأسر المنتجة، مقترحا أن تكون الغرفة التجارية الصناعية في جدة شريكا فيها، وتساهم إحدى الشركات التي لديها برامج مسؤولية اجتماعية بمبلغ300 ألف ريال، مشيرا إلى أن الهدف الرئيسي للشركة هو بناء فريق عمل دائم يعمل على تسويق المنتجات بطريقة احترافية، بحيث تضم الشركة فريقين، الأول مكون من ثلاث إداريات للتسويق والفريق الآخر من الأسر المنتجة أنفسهم، حيث تحصل كل موظفة على راتب رمزي من 2 4 آلاف ريال شهريا وتكون هناك إحدى الفلل مجهزة بمطبخ مع وجود سيارة لتوصيل الطلبات. وأكد عنان أن نجاح الشركة سيدفع إلى تكرارها في كل حي لتكون هناك عشرات الشركات في كل مدينة بنفس الطريقة، مشددا على ضرورة أن تعلن نتائج هذه الشركات الصغيرة داخل أروقة الغرفة، ويجري تكريم الأسر المنتجة بهدف تحفيز البقية على إقامة شركات مماثلة. وانتقد مدير مشروع (كلنا منتجون) في الغرفة التجارية الصناعية في جدة فيصل باطويل التعقيدات الحكومية، وطول الحصول على إجراءات، وقال «هناك الكثير من المبادرات والبرامج التي بقيت مجرد أفكار فقط لأنها لم تجد الدعم الرسمي». وأكد باطويل أن 600 أسرة منتجة تفاعلت مع برنامج كلنا منتجون الذي أطلقته غرفة جدة قبل ثلاث سنوات، مشيرا إلى أنه تم انتخاب لجنة مكونة من11أسرة اجتمعت على مدار 1000ساعة عبر 130 اجتماعا، ولم تتدخل الغرفة في صياغة الأفكار. وتختتم اليوم فعاليات الملتقى، ويشهد اليوم الختامي ثلاث جلسات علمية مهمة، تبدأ عند العاشرة صباحا بجلسة عن دعم الجهات التمويلية في تنمية سلع وخدمات الأسر المنتجة، يرأسها المستشار إحسان بن صالح طيب الأمين العام لهيئة الإغاثة الإسلامية، ويتحدث خلالها المهندس محمود بن محمد التركستاني نائب رئيس دائرة المسؤولية الاجتماعية في البنك الأهلي التجاري، والدكتور فيصل بن عوض عبد القادر مدير مركز تنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة، والدكتورة هالة بنت علي الشاعر رئيس مجلس إدارة الجمعية النسائية الأولى.