•• لم يكن سمو رئيس الوزراء البحريني الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة .. عند لقائه برؤساء تحرير الصحف الخليجية الذين عقدوا مؤتمرهم الرابع على أرض البحرين، مهموما بأوضاع البحرين ومنطقة الخليج العربي فحسب.. وإنما بدا لنا مهموما أيضا بما يدور في المنطقة وبانعكاسات تلك الأوضاع على الخليج وأبناء الخليج.. وبالتالي، فإن حديثه إلينا كان حديثا صادقا ومحفوفا بالكثير من «المواجع» والآلام بهدف التذكير والاعتبار ووضع الإعلام الخليجي المقروء والمسموع والمرئي والإلكتروني أمام مسؤوليته.. أملا في تحقيق الاستقرار المنشود في منطقة عريضة ملتهبة.. وتفادي انعكاس تلك الأوضاع علينا جميعا. ما يحدث من حولنا خطير •• بدأ سمو الشيخ خليفة حديثه إلى رؤساء تحرير الصحف الخليجية في مقر رئاسة الوزراء يوم الثلاثاء الماضي قائلا: •• في الوقت الذي أرحب فيه بكم.. وأعبر عن تقديري للجهود التي تبذلونها في صحفكم «المحترمة» فإنني أذكر الجميع بما تتعرض له منطقتنا من أحداث وتطورات غير مسبوقة.. وبصورة أكثر تحديدا منطقة الخليج.. وبلدكم البحرين كذلك.. أذكر الجميع بذلك لأن ما يحدث أمر غير طبيعي.. أقل ما يمكن أن يوصف به أنه يعكس الحقد علينا.. والحسد من استقرار دولنا.. لأنهم يريدوننا أن نعيش في نفس الدوامة التي تعيشها بلدان عربية أخرى.. •• ومضى الشيخ خليفة يقول: يا إخوان إن خليجكم مستهدف بالفعل.. لأن التنمية التي تشهدها المملكة العربية السعودية والكويت وقطر والإمارات وعمان والبحرين تنمية شاملة ويحس بها كل فرد فينا.. لكنهم لا يريدون لنا الخير.. ولا يسعدهم أن تتقدم أوطاننا وأن تستقر وتطمئن شعوبنا.. •• وأضاف سموه قائلا: إن الحالة التي نراها من حولنا تدفعنا للعمل سريعا على تأمين منطقتنا الخليجية وضمان استمرار الاستقرار فيها.. لأنه لا يوجد إنسان مخلص من أبناء الخليج لا يخاف على وطنه من نفس الأعراض والأمراض التي تنتشر من حولنا.. وتدمر بلدانا عربية شقيقة وتقتل شعوبا بريئة دون وجه حق.. •• وفسر سموه ما يحدث في المنطقة قائلا: إن كل ذلك حدث لأن المنطقة مرت بحالة من الفرقة والتمزق والتشتت دفعت الأعداء والمتربصين بنا إلى مضاعفة الآلام.. وتشجيع حالة الفوضى وتشجيع الأعمال التدميرية والقتل حتى باتت الشعوب التي تحيط بنا لا تستطيع أن تأمن على نفسها.. أو أن تهنأ بحياتها.. لتواصل العمل على بناء أوطانها.. محاولات مشبوهة للاختراق •• وأكد سموه أن المرحلة تتطلب أقصى درجات التعاون والتكامل والانسجام بين دول الخليج.. بعد أن ظهر لنا أن هناك من يحاول أن يخترق دولنا ويؤثر على شعوبنا.. ويبث الفتن بين أبناء الشعب الواحد.. •• وخاطب سموه رؤساء التحرير قائلا: إنكم مطالبون بأن تساعدوا دولكم وشعوبكم على المزيد من التماسك والوقوف بوجه الأخطار المحدقة بنا جميعا.. •• وقال إن قياداتنا مدركة لما يحاك ضدنا ومتنبهة إلى ما يجب عليها أن تفعله.. ولكنها تتطلع إلى مشاركة جميع أبناء شعوب الخليج في رسم مستقبل منطقتهم بدءا بالمحافظة على تاريخهم وأصالتهم وهويتهم المستقلة ومكتسباتهم الكبيرة ولله الحمد.. والحيلولة دون نجاح محاولات من يريدون بنا الشر والنفاذ إلى صفوفنا.. تسريع قيام الاتحاد •• وأضاف قائلا: إن تسريع الخطوات الجادة نحو إقامة الاتحاد الخليجي الذي دعا إليه الملك عبدالله - سلمه الله - بات ضرورة ملحة وعاجلة.. ولا داعي لإطالة الاجتماعات والتردد في إنجاز هذه الخطوة الهامة لأننا نعيش فترة مصيرية.. ولا بد لنا من العمل بسرعة كافية وتحويل مجلس التعاون إلى اتحاد قوي ومتماسك.. سياسيا.. وأمنيا.. واقتصاديا.. واجتماعيا لأنه لا ينقصنا شيء لإتمام هذه الخطوة الهامة لمنطقتنا وضمان أمان شعوبنا. مقومات نجاح الاتحاد •• وأكد سمو الشيخ خليفة أن كل مقومات النجاح لقيام الاتحاد الخليجي المأمول متوفرة، بدءا بالشعوب التي أصبحت واعية ومتعلمة ومدركة لمسؤوليتها تجاه أوطانها، بفعل ما هيأته لها دولها من تعليم وخبرة ونمو.. أدى إلى اكتسابهم المعرفة التي تمكنهم من قيادة أوطانهم إلى المستقبل الأفضل بدعم من قياداتهم المخلصة والأمينة والحريصة على تحقيق كل ما من شأنه تطوير أوجه الحياة في أوطاننا.. •• أما الثروة المادية كعنصر ثانٍ يقول سمو الشيخ خليفة بن سلمان فإنها متوفرة وكبيرة.. وتستطيع أن تحقق لأوطاننا كل ما تتمناه شعوبنا بفضل الله أولا.. ثم بفضل وعي وتكاتف هذه الشعوب وتوحدها.. لأنها الأكثر تطلعا إلى تحقيق هذا المشروع الكبير فورا. •• وذكر سموه بالأوضاع الاقتصادية التي تمر بها بعض دول العالم، ومنها قبرص واليونان وإسبانيا.. جراء حالة الركود والأزمات المالية والنقدية والتجارية التي تعاني منها هي ودول أخرى متقدمة.. وقارن سموه بين ما تشهده تلك الدول وبين أوضاع دول الخليج ومعدلات التنمية المتسارعة فيها، فقال: إن الإنفاق الهائل على المشاريع الذي تشهده منطقتنا يؤكد أن الأموال تجد طريقها إلى أوطاننا ولله الحمد.. وإن كنا نتطلع إلى ما هو أكثر وأكثر.. وهو ما سيتحقق بكل تأكيد - إذا نحن تدبرنا أمورنا وعملنا على توحيد جهودنا وخدمنا بعضنا البعض ولم نوجه استثماراتنا إلى الخارج ونعرضها لأخطار كثيرة.. وهي استثمارات تستحقها أوطاننا وشعوبنا ومنطقتنا الخليجية، ولا سيما أن البيئة الاستثمارية فيها جيدة.. وفرص العمل متاحة وأبناؤنا بحاجة إلى المزيد من الفرص الوظيفية التي يمكن أن توفرها تلك الفوائض المالية الكبيرة.. الاتحاد يدمج قدراتنا الهائلة •• وانتقل الشيخ خليفة إلى الحديث عن البنية التحتية المتوفرة لقيام اتحاد خليجي قوي فعال فقال: إن النموذج الممتاز والمتمثل في درع الجزيرة أكد ويؤكد باستمرار أهمية التعاون الأمني والعسكري للحفاظ على الأمن والاستقرار الشاملين في منطقتنا الخليجية.. وقد أثبتت هذه القوة أنها تمثل الضمانة لهذا الاستقرار والتماسك.. وبالتالي فإن علينا أن ندعم هذا التوجه وأن نطور قدراتنا الدفاعية والأمنية وأن نوحد خططها وبرامجها حتى تواصل جهودها من أجل حماية مكتسبات دولنا وشعوبنا. •• وضرب سموه مثلا بالاتحاد الأوروبي في تماسك دوله اقتصاديا وسياسيا.. وبحلف «الناتو» الذي يقف سداً منيعاً أمام أي تجاوزات على أي دولة من دول أوروبا الغربية.. ولا يوجد هناك من يعترض على تدخله لحل الكثير من المشكلات التي تعرِّض بالأمن.. بل إن هذا الحلف أصبح يمثل الذراع القوية لحفظ مصالح دوله في أي مكان من هذا العالم. •• وعاد سموه إلى التأكيد على أهمية دور الإعلام في توضيح الحقائق ومساندة الخطط والمشروعات والأهداف الاستراتيجية لدول الخليج العربي.. وقال إن مسؤوليتكم كبيرة.. وهي لا تقل خطورة عن مسؤولية الساسة وأصحاب القرار في دولكم لأنكم كرؤساء تحرير تستطيعون أن توجهوا الرأي العام وتوضحوا له الحقائق وتساعدوه على أن يدرك طبيعة الأخطار التي تحيط بنا من كل جانب.. لا تفريط في وحدتنا •• وتحدث سمو الشيخ خليفة عن التحديات التي مرت بها البحرين وما زالت بعض آثارها فقال: إن الشعب البحريني على درجة كبيرة من الوعي.. وإنه لا يمكن أن يفرط في وحدته وسلامة وطنه.. لأنه يدرك تماما أن الاستقرار هو أثمن شيء يجب المحافظة عليه وذلك يتحقق بالمزيد من التلاحم لأن شعب البحرين كان على مر الزمان شعبا واحدا لا فرق فيه بين أحد وأحد آخر.. ولا حياة لبعض دون البعض الآخر.. وأن قدر البحرين أن تعيش هكذا قوية موحدة..وشعبها متآخيا.. ومتجانسا.. يكمل بعضه بعضا.. ونوه بأن الجهود المخلصة تبذل في هذا الاتجاه وأن البلاد تسير بإذن الله تعالى من خير إلى خير.. خطورة الكلمة •• وواصل رئيس الوزراء البحريني الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة حديثه مع رؤساء التحرير قائلا: •• إن الكلمة المؤثرة والقائمة على الموضوعية مطلوبة في مثل هذه الظروف التي تمر بها منطقتنا.. وإن اجتماعكم اليوم في البحرين بهدف تعزيز التعاون والتنسيق بين وسائلكم الإعلامية هو عمل مبارك.. وإن دولكم وشعوبكم تنتظر منكم الكلمة الصادقة والأمينة لأنكم تمثلون الدروع الأولى في التصدي للهجمات التي يتعرض لها الخليج.. وللأخطار التي تتهدد سلامة الجميع.. •• وأضاف قائلا: إنني أدرك صعوبة المهمة ودقة الظرف الذي تمر به المنطقة والعالم لكنني وإخوانكم القادة ندرك أن تكامل جهودنا هو الذي سيحمينا من كل تلك الأخطار.. •• وقال أيضا.. إن الكلمة كالرصاصة قد تصيب وقد تقتل وبالتالي فإن استخدامها فيما ينفع هو الذي تحتاج إليه شعوبنا.. وأنا على ثقة تامة بأن كل واحد منكم يدرك أهمية وخطورة العملية الإعلامية سواء كانت مقروءة أو مرئية أو مسموعة أو إلكترونية وبالتالي فإنكم تتفقون معي بكل تأكيد بأن الإعلام القوي والنافع هو الإعلام الذي يدافع عن الأوطان.. ويحمي المكتسبات ولا ينزلق وراء أبواق الشر.. أو يسمح لنفسه بأن يستقطب لخدمة أهداف تسيء لمنطقتكم وشعوبكم.. إعلام يساهم في الفوضى •• وانتقد سموه بعض «الأبواق» الإعلامية الموجهة التي تساهم في نشر الفوضى وقال إنكم ولله الحمد تملكون القدرة والخبرة والوعي الذي يجعل صحفكم ووسائل إعلامكم في مستوى المسؤولية.. •• وأضاف قائلا: أنا أتابع صحافتنا الخليجية وأحمد الله سبحانه وتعالى على أنها تؤدي رسالتها بأمانة وصدق وبمسؤولية.. وذلك ما أرجو أن نحافظ عليه ولا نلتفت للأصوات التي تحاول التعكير علينا.. أو الإساءة إلى بعضنا البعض.. •• وتحدث الشيخ خليفة عن اليمن واليمنيين فقال..إن الإخوة في اليمن عانوا كثيرا.. وبلادهم تعرضت لأخطار حقيقية لكن وقوف إخوتهم في دول مجلس التعاون معهم وإلى جانبهم مكنهم من الصمود وتجنب أخطار أكبر.. ونحن نتمنى للأشقاء اليمنيين كل خير وتقدم حتى يمضوا ببلادهم إلى بر الأمان.. وكلنا معهم ونتابع أخبارهم باللحظة والساعة.. •• وأكد رئيس الوزراء البحريني في نهاية حديثه إلى رؤساء تحرير الصحف الخليجية بأن قادة دول مجلس التعاون مصممون على حماية منطقتنا.. والارتقاء بمستوى شعوبنا وأنهم يعملون ليل نهار من أجل مواجهة التهديدات من أي نوع كان..لكن ذلك –كما قال سموه- يتطلب تعاون الشعوب مع دولها..وكذلك دعم الإعلام للتوجه نحو تعزيز استقرار منطقتنا بالمزيد من التوعية للجميع وتبصيرهم بالأخطار التي تتهدد سلامة الكل. الاستفراد بالدول خطير •• وقال الشيخ خليفة إنني أحذر من محاولات بعض الأطراف «للاستفراد» ببعضنا وإبعاده عن منظومته القوية والمتماسكة.. في محاولة خبيثة لبث سموم الفرقة بيننا.. وتمزيق أوصالنا.. واختراق صفوفنا.. •• وأضاف قائلا: أحذر من هذه الظاهرة الجديدة لأن من يقومون بها يجب أن يدركوا أنهم لا يستطيعون ضربنا أو إضعاف قدرتنا على المواجهة إلا إذا تمكنوا من الانفراد بنا دولة بعد أخرى.. الاقتصاد قوة حقيقية •• وتحدث سموه عن مصادر القوة الأساسية في منطقة الخليج.. فقال: إن قوتنا بعد تماسك شعوبنا وتضامنها تتمثل في قدرتنا الاقتصادية وتوجيه الأموال وجهة صحيحة.. وفي اتباعنا لنظام الاقتصاد الحر.. وفي الحرية المطلقة في الاستثمار في بلداننا.. وفي عدم الحد من حرية انتقال الأموال، ومن فتح بلداننا أمام الاستثمارات الأجنبية وفي تطبيق أنظمة مرنة تحقيقا للانتعاش الذي تشهده بلداننا.. •• واستغرب سموه.. ما تطالب به بعض الدول من تطبيق أنظمتها علينا..وإن كانت ترفض تطبيق أنظمتنا على مواطنيها سواء عندما يأتون إلينا أو عندما نحن نذهب إليهم.. وقال إن الكيل بأكثر من مكيال أمر عجيب..وغير مقبول.. الاستماع للأعداء •• كما نوه سموه ببعض المبالغات الإعلامية الخارجية ضد منطقتنا وشعوبنا.. وقال إن آفة هذا العصر أن بعضنا يستمع لتلك المبالغات ويتأثر بها.. وهي غير أمينة أو صادقة.. •• وقال إن بعض وسائل الإعلام تصور الأمور على غير ما هي عليه.. وإنها تساهم بذلك في خدمة أهداف الأعداء والحاقدين..وذلك يستدعي أن نتنبه له جيدا.. ونحمي أنفسنا ووسائل إعلامنا من الوقوع فيه أو التأثر به. ••وختم سمو الشيخ خليفة حديثه إلى رؤساء تحرير الصحف الخليجية قائلا: إننا نعتز بكم.. وبفكركم النير.. وبمساهماتكم البناءة في تحقيق المصلحة العليا لأوطاننا وشعوبنا.. وهي مصالح يجب أن تتقدم على كل ما عداها..لأن الإعلام أمانة ومسؤولية.. ودولكم وشعوبكم تنتظر منكم الكثير لتأمين سلامتها وحماية أوطانها.. ورفعة شأن شعوبها.. •• ودعا سمو الشيخ خليفة الجميع إلى تجنيد أقلامهم للدعوة إلى تهيئة منطقة الخليج لمرحلة ما بعد الاتحاد الخليجي الذي أصبح بالنسبة لنا جميعا احتياجا حقيقيا يوجبه المصير المشترك الواحد.. وليس أي شيء آخر.