اختلفت عادات الأفراد في«الزفاف» اختلافا كبيرا فقد بدأت بالبساطة وكانت الفرحة سمتها الرئيسة، ومع تغير الأعوام والأجيال زاد التكلف في الزفاف؛ فاختفت الفرحة وسط زحمة التجهيزات والتفكير في الابتكارات الجديدة وتنافس كل أسرة عن الأخرى بأن تظهر بشيء جديد يبهر الحاضرين ويكون حديث الناس وسط الفرح، وبعده انشغل الناس بما هو أقل أهمية عما هو أكثر أهمية وهو إضفاء الفرح والسرور على العروسين وأسرهم والحاضرين. ومن ضمن التقليعات التي لم تكن موجودة لزمن ليس ببعيد «التفاسير» ثم بدأت تظهر شيئا فشيئاً، وعند ظهورها كانت متواضعة في متناول الجميع ومع تغير الوقت والأفراد زاد تكلف الناس في التفاسير. والتفاسير عادة ما تقدم قبل الزفة بحوالي نصف ساعة تقريباً. تقول السيدة صالحة الغامدي: منذ حوالي العشرين عاماً السابقة لم نسمع عن ما يسمى تفاسير أو غيرها وكان كل ما يقدم في الفرح العصير والقهوة والشاي والعشاء، ثم سمعت عن «التفاسير» وفي حفل زفاف أول حفيد لي كانت التفاسير في ذلك الوقت عبارة عن أكياس قماش صغيرة جدا يوضع فيها الفوفل والهيل وسكر النبات ولا تزيد عن حبتين من كل نوع، ولا أعرف من هو أول من اخترع هذا واستمرت التفاسير على هذا المنوال، والمؤسف أني أرى جل المعازيم يتركونها على الطاولة دون استخدامها أو لمسها حتى أن كل ما يدفعه أهل الفرح في هذه التفاسير يذهب سدى لا يستفاد منه، وقد كان باستطاعتهم الاستفادة من هذا المال المدفوع في هذه التفاسير في شيء مفيد. السيدة نجوى حسن قالت: تختلف الضيافة من زفاف إلى آخر وكل وقت وله موضة؛ ففي زفاف ابنتي كانت موضة أكياس الفوفل والسكر والهيل، وقد تبدلت هذه العادة وحل محلها صوان فضية للتقديم تملأ بالمرون جلاسية «أبو فروة مسكر»، وكلما كان النوع فاخرا دل على مكانة أهل الزفاف، وتحمل هذه الصواني من الفتيات القريبات للعروسة وليس للعريس وتوزع على الضيوف، واستمرت هذه العادة فترة من الزمن وقد لقت رواجا كبيرا لأن المرون جلاسية يعتبر نوعا فاخرا من أنواع الحلويات يفوق الشوكلاتة ومن يقدمه يدل على رقية وذوقه الرفيع وتقديره لضيوف الفرح، إلا أني من وجهة نظري أرى في ذلك حرجا للبعض ولكن هذا كان السائد وقتها. السيدة منال عبد العزيز قالت: لا تستمر موضة أو تقليعة طوال الزمن فلابد من التغيير، وكل شخص يبتكر حسب تفكيره وإمكانياته، وبالنسبة للتفاسير فهي غير موحدة وتختلف من زفاف إلى آخر فنحن مثلا في زفاف أختي عملنا شوكلاتة طبعت عليها صورة العروسة وهي طفلة وغلفت ووضعت في صوان فضية فاخرة وقدمت للحضور، حقاً إنها كانت مكلفة إلا أننا أحبننا أن نجعلها مفاجأة لأختي لتذكرها بطفولتها وكيف أنها اليوم أصبحت عروسا وسوف تظل هذه في ذاكرتها طوال الحياة، حيث مرت ست سنوات على زفافها وهي تحتفظ بعدد من حبات الشوكلاتة في الثلاجة لتريها أبناءها عند كبرهم فأرى مثل هذه الأشياء مفيدة للعروسين والمدعوين معاً. أما السيدة شوارق عبد الرب قالت: في زفاف أخي فكرنا في جميع أنواع التفاسير التي يمكن أن تقدم للمعازيم ويستفاد منها، ففي زفاف ابنة خالتي قدم للمعازيم ورود مغلفة حملت بطاقة باسم العروسين وفوجئنا بعد انتهاء الفرح أن جميع الورود تركت على الطاولات، وعندما كان زفاف أخي فكرنا بطريقه اقتصادية فلا نريد أمولنا تذهب سدى ونريد شيئا يستفيد منه المدعوون فخطر لنا أن نعمل ميني كب كيك وكتب عليه اسم العروسين، وفعلا لقي إقبالا كبيرا ولم يهدر أو يرمى فبهذه الطريقة لم نحرم أخي في أن يكون زفافه غير ولم نهدر مالنا. وقالت سارة عبد المجيد: في زفافي احترت ماذا أقدم للمعازيم من تفاسير وتضاربت الآراء حتى اقترحت أختي بأن نقدم عدة أشياء في وقت واحد تكون مختلفة وجديدة وتفيد الناس، فقد جهزنا سلالا مزينة باللون الأبيض مثل ثوب العروس ووضعنا في بعضها «معمول صغير» وبعضها مكسرات بالسكر وبعضها كب كيك صغير بالألوان مختلفة وبعضها جوزيه وبعضها لدو ولبنية وهريسة، وقبل الزفة قدمت للمعازيم وقد تفاجأت أسرتي بمدى الإقبال الذي لقيته هذه التفاسير رغم الضيافة الموضوعة على الطاولات، علماً أن زفافي أقيم في قاعه فاخرة جدا والضيافة التي عليها فاخرة أيضاً إلا أن تفاسيرنا لقيت إقبالا كبيرا من المدعوين.