دونت الفنانة التشكيلية علا حجازي الأحداث بواقع إيحائي رمزي وطبيعة لونية تفردت بها، مظهرة بعض ملامح الحياة الاجتماعية بأسلوب المحافظة على التراث بأساليب روح التقنية الحديثة. معرض «أي وطن» للفنانة علا حجازي الذي انطلق مؤخرا في أتليه جدة تزاحم فيه التشكيليون والتشكيليات مبدين إعجابهم بما قدمت علا من أعمال فنية اختلفت في الفكر والطرح، ولعل ما ميز المعرض لهذا العام هو ذلك الحضور الملفت من كافة محبي ومتذوقي الفنون الجميلة في جدة بل حضره العديد من الفنانين والفنانات من مختلف مناطق ومحافظات المملكة لعدة اعتبارات ربما أهمها أن علا حجازي تقدم دوما المختلف وتبحث في ذاتها عن مكنونات جديدة ودلالات أرقى لمعنى الفنون، وقدمت في أعمالها تناسقا لونيا وطرحا جماليا، اتضح ذلك في مهارتها العالية في استخدامها لعناصرها وألوانها إضافة إلى إدخالها المهملات الخشبية التي حولتها من مستهلكة إلى قيمة جمالية أضفت على المعرض لمسات إيحائية بأنك أمام معرض من نوع خاص. في أعمال حجازي التي تجاوزت ال100 عمل ما بين صغير ومتوسط وجدارية ومجسمة أجبرت المتلقي على التنقل بين ألوانها وبين فصول مسرحيتها اللونية ومشاهدها البانورامية المطعمة ببعض الكلمات والأحرف والرموز وارتباط لونها بفكرها الثقافي لتخرج عن إطار اللوحة التقليدية التي تتبع اتجاها معينا أو أسلوبا محددا إلى تكنيك يثبت هويتها كفنانة معاصرة، قدمت أربعة فصول لمسرحية طويلة وكان الفصل الأول هي تلك الأعمال المسطحة التي قدمتها في المعرض وفي فصلها الثاني قدمت تلك الشبابيك الخشبية التي حولتها من مهملة إلى قيمة فنية وقدمت في فصلها الثالث تلك الصور الفوتوغرافية المشكلة بألوانها ورموزها لتعرج إلى الجرافيك بحرفية عالية أما الفصل الرابع والأخير فكان لتلك التحف الفنية الموزعة على أرضية المعرض وفي أنحائها لتقدم معرضا نموذجيا ومسرحية لونية اكتملت بعشقها لفنها وتفانيها لألوانها الأكثر هدوءا وتأثيرا في النفس البشرية. البعض يرى أن الأسلوب الفرنسي في الرسم الطفولي طغا كثيرا على أعمالها ربما لأن اطلاعها المستمر على الأعمال خارج حدود الوطن هو ما أهلها لأن تقدم تلك النماذج الفنية التي عرفتها بمجتمعها الفني في قوالب أكثر إبداعا وبلغة العصر التقني، كثيرا ما تأخذنا بعض أعمالها إلى عالم من الجرافيك تقنيا ولونيا إلا أنها التزمت بوحدة اللون أو على الأرجح بثنائية إلى ثلاثية اللون في العمل، مبتعدة عن عشوائية الألوان التي تضفي على العمل عدم الاتزان والإثارة المبالغ فيها، بحثت بأدواتها في التقنيات الحديثة ووظفت إمكاناتها للتعريف بجدة وهي من احتضنتها طفلة وعرفها المجتمع الفني شابة، لقد قدمت علا أعمالا تثقيفية أعطت المتلقي فرصا هامة للتحليل والنقد والتذوق الفني بسهولة طرحها.