تحتفي صالة رؤية للفنون الجميلة في جدة بأعمال الفنان التشكيلي عبدالله حماس، على مدار أسبوعين كاملين، تتيح الفرصة لمحبي ومتذوقي الفنون الجميلة بالاستمتاع بما يقدم حماس من لوحات تشكيلية فنية أطلقت مؤخرا، لتضاف إلى سجل الفنان الحافل بالإنجازات. المعرض رقم 26 في مسيرة حماس الطويلة التي امتدت نحو 40 عاما، وهو أحد التشكيليين لما بعد جيل الرواد الذي سجل حضورا لافتا في المشهد التشكيلي السعودي، وكان ذا بصمة فنية مؤثرة في الساحة. ازدحم المعرض في ليلة إطلاقه بكافة الفنانين والفنانات وبعض قناصل الدول، في تظاهرة تشكيلية دللت على ما وصل إليه الفنان من مكانة مرموقة وعالية بين فناني المملكة، كونه يقدم نماذج فنية ارتقت بالفنون البصرية على مستوى المملكة. وحتما ستنتاب الناقد الفني الحيرة، وهو يتأمل لوحات حماس المليئة باللون والحس والعنصر الذي يميزه عن غيره قد لا تكون الحيرة في فهم رموزه الفنية، ولكن في اختيار تعبيرات فنية تصف ما تشاهد، نسق لوني جميل.. عناصر متزنة.. ومساحات لونية موزعة في فضاءات اللوحة، وتزيد جنبات الصالة إبداعا على إبداعها، تجعل المتلقي يسبح في خيالات وروحانيات تلك الأعمال التي تسجل في تاريخ التشكيل السعودي. حقق معادلة صعبة في تعاطيه مع اللون والعنصر والمساحة؛ ليتخذ من تراث وحضارة المملكة العنصر، ومن جمال طبيعة جنوب المملكة لونها وصفائها ونقائها. قدم الفنان التشكيلي عبدالله حماس، بأسلوب تجريدي رمزي، لوحات مليئة بعبق المكان والزمان بتعامله مع المفردة التراثية بشكل أسطوري، قدم الجديد في معرضه كعادته، ولم يخرج عن سياق تجربته السابقة؛ لإيمانه الكامل بأن الفنان الحقيقي هو من يتغلغل في دواخل النفس البشرية بفكره وثقافته لينثرها إبداعا على اللوحة، ومهما حاول الفنان الخروج عن النص بما يسمى الجديد إلا أن تأثره وتأثيره الروحي يطغى على العمل الفني، فيبقى في ذات السياق، وهذا ما أكده حماس في معرضه الذي يعد امتدادا لمعارضه السابقة وبتجديد نوعي في جزئيات، سواء أكانت بتكنيك جديد داخل العمل أو بأسلوب تلوين جديد، مستخدما تقنيات اللونين في التأثير على المشهد البصري للوحة، وهذا ما نجح فيه في عدة لوحات أظهرت في شكلها العام الأسلوب الجديد في التعامل مع اللون، بينما هي من مخرجات طبيعية لأسلوب حماس التاريخي في الطرح، وإن صح التعبير، واطلقنا عليها لوحات الأبيض والأسود. عبدالله حماس قدم نفسه للساحة من خلال ثلاثة محاور هامة، وذلك بتقديمه لمعارض محلية وعربية وعالمية، ونجح في التعريف بفنه شخصيا والتعريف بالتشكيل السعودي بشكل عام، فأصبحت معارضه تتابع من العديد من الفنانين، سواء داخل المملكة أو خارجها، وله عدة مقتنيات في متاحف عالمية. وعمد العديد من الجيل الحالي، وبخاصة الشباب منهم إلى انتهاج أسلوب حماس في طرح العنصر واللون بذلك النقاء وتلك العفوية التي أصبحت سمة من سمات حماس الفنية.