عكست جولة «عكاظ» في محافظة القطيف أن الوحدة الوطنية هي الخيار الوحيد، وأن الأحداث التي أوقعها ثلة لا تبغي إلا التخريب وإثارة الفتنة في شارع الجزيرة أمس، لن تعكر صفو الحياة ورغدها أو تزعزع الإيمان بها. وقد رصدنا أثناء الجولة فرحة طفلة تلهو وتمرح في واحة يملؤها الهدوء والسكينة رغم التجاوزات العبثية التي افتعلها جهلة لا يدركون مآلات الأمور، مشهرين السلاح في وجه رجال الأمن البواسل. مشاهد من البهجة رصدتها جولة «عكاظ» في طرقات المدينة، تعبر عن تجذر مفهوم الوطنية عند أهالي القطيف وصدى صوت ينبعث من أحياء اليمامة، المجيدية، العوامية، القديح، سنابس، الخليج، حي البحر، المناخ، شارع الجزيرة وغيرها من الأحياء يقول بصوت واحد «أدام الله عز هذا الوطن وقيادته». هنا مجموعة من مفكري القطيف يتحدثون ل«عكاظ» عن معاني الوحدة الوطنية، حيث قال رئيس محكمة المواريث في محافظة القطيف الشيخ وجيه الأوجامي: «إن أعظم مراهنة يجب أن تكون هي تلك التي تحفظ الوطن وتحميه وتصد عنه كل قوى ظلامية تريد أن تعبث بفكر ومنهجية هذا المجتمع القائم على المحبة والإخلاص»، لافتا إلى أن الوعي يكون حاضرا للحفاظ على الوطن عن طريق الوازع الديني الذي هو أساس كل شيء والمحافظة على الأحكام الشرعية التي شددت على المحافظة على أرواح البشر، وأن الدفاع عن الوطن يعتبر من أوجب الواجبات وأقدس المقدسات. وأكد الدكتور محمد المسعود على الوحدة الوطنية الجامعة، وقال: «إن أحدا لا يستطيع المزايدة على الانتماء الخالص والنقي للدولة والإيمان بها، ودلالة ذلك تبدأ بالتأكيد على الوطنية والوحدة، والتأكيد على الانتماء النقي والصادق والخالص للدولة، والبراءة لله من كل من قال بغير هذا القول أو خرج عن هذا المعنى»، مشددا على أن الهوية الوطنية تأتي أولا. ويرى المفكر والكاتب محمد المحفوظ أن إرساء مبدأ المواطنة إنما يصونها ويحترمها تنمية المضامين الحضارية والأخلاقية لدى المواطنين والالتزام بمقتضيات المواطنة كفضاء اجتماعي للتعاون والتضامن وإشاعة الوئام والاستقرار وتحمل المسؤولية العامة، ولا ريب أن مبدأ المواطنة جسر التزامنا الذي يجمعنا في دائرة الوطن الواحد. من جهته، أعرب الشيخ محمد الجيراني عن أسفه للأحداث التي وقعت قائلا: «باسمي واسم كل مخلص للوطن أرفع أسمى آيات الولاء والمحبة للوطن وولاة الأمر في دولة القرآن، ودولة الرسول والصحابة الكرام وأستنكر الأعمال الإجرامية التي يقوم بها بعض الجهلة والمدسوسين من التخريب والتحريض ضد وطننا الغالي». وأضاف أن هؤلاء إنما يمثلون الجهل والظلام، ونحن إذ نعاهد القيادة الرشيدة بالولاء والمحبة، فهذا أقل من الواجب، وأدعو إخواني المواطنين من خطباء وعلماء ووجهاء للقيام بواجبهم من الإرشاد والتوجيه لما هو في مصلحة الوطن، داعيا المجتمع القطيفي لعدم الاستماع لوسائل الإعلام التي تحاول تهويل الحدث، معتبرا أن بعض القنوات ليس لها هم سوى التحريض، كما دعا أهل العلم للعمل على إزالة الاحتقان والابتعاد عن الفتنة، مؤكدا أنهم يعملون الآن على تهدئة الأوضاع بحضور الملتقيات ومحاورة الشباب.