فيما اكتست الكعبة المشرفة حلتها الجديدة في التاسع من شهر ذي الحجة الحالي، أوضح الباحث في تاريخ وآداب المسجد الحرام عبدالله بن سعيد الحسني الزهراني أن العهد السعودي شهد إنشاء أول مصنع خاص بكسوة الكعبة المشرفة على أيدي فنيين سعوديين، موضحا أن كسوة الكعبة المشرفة بدأت قبل العصر الإسلامي. وأشار الزهراني إلى أن أول من كسا الكعبة هو إسماعيل عليه السلام وقيل إنه تبع الحميري وهو الثابت، وكان أبوربيعة عبد الله بن عمر المخزومي قد أصاب ثراء واسعا في الجاهلية فقال: أنا أكسوها وحدي سنة وقريش سنة، فوافقت قريش، وظل يكسوها حتى مات. وبعد أن فتح الرسول مكة لم يستبدل الكسوة الموجودة حتى احترقت على يد امرأة تريد تجميرها، فكساها الرسول بالثياب ثم كساها الخلفاء الراشدون ومن بعدهم بالقباطي، واستمر الخلفاء والملوك في هذه العادة في أوقات مختلفة. كما أورد الزهراني قصة القرى التي كانت موقوفة لكسوة الكعبة، حيث قال: في عهد العثمانيين اختصوا بإرسال كسوة داخلية للكعبة المشرفة حيث كانت ترسل من مصر، حيث قام سليمان شاه بن سليمان خان بشراء عشر قرى في مصر وأوقفها لصالح نفقات كسوة الكعبة بعد أن رأى أن الأوقاف التي أوقفها الصالح إسماعيل (من الشراكسة) لا تكفي لسد نفقات الكسوة، وقد استمر ريع هذه القرى لصالح كسوة الكعبة حتى ألغى محمد علي باشا في مصر تلك الأوقاف وأحالها إلى خزانة الدولة، وأمر بصنع الكسوة من خزينة الدولة، وهذه القرى العشر ما زالت كما هي مع تغير بعض أسمائها. والمقصود هنا هو إيرادات تلك القرى لبيت المال.وعن بداية صناعة الكسوة في المملكة، قال الزهراني: كان يتم إحضار الكسوة في بداية العهد السعودي من مصر في موكب يسمى (المحمل المصري) وفي شهر محرم 1346ه أمر الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله، بإنشاء دار خاصة لكسوة الكعبة، وتم افتتاح المصنع في العام نفسه في مكةالمكرمة واستمر حتى عام 1357ه حيث تم تجديده، وفي عام 1397ه تم افتتاح مصنع الكسوة الجديد بأم الجود بمكةالمكرمة، وتم تزويده بأحدث المعدات لإنتاج الكسوة بأيادٍ سعودية مع بقاء الإنتاج والتطريز اليدوي. مواصفات كسوة الكعبة يبلغ ارتفاع ثوب الكعبة 14م ويوجد في الثلث الأول حزام الكسوة بعرض 95 سم وقد كتبت عليه آيات قرآنية بخط الثلث المركب محاطة بإطار من الزخارف الإسلامية ومطرز بتطريز بارز مغطى بسلك فضي مطلي بالذهب ويبلغ طول الحزام 45م، كما توجد ستارة خاصة بباب الكعبة المشرفة ويطلق عليها اسم (البرقع) وقد بدأت صناعتها عام 810ه ومساحتها 6.32×3.30م، وهي من نفس قماش الكسوة من الحرير الأسود، كما توجد ستارة خاصة بجدران الكعبة المشرفة من الداخل وهي باللون الأخضر ويتم تغييرها عند الحاجة، ولا يجوز محاولة قص شيء من كسوة الكعبة المشرفة أو التعرض لها بالأذى، ويتم كسوة الكعبة هذه الأيام مرة واحدة في العام في يوم التاسع من شهر ذي الحجة من كل عام، ويقوم عدد من الشباب السعوديين المؤهلين العاملين بمصنع كسوة الكعبة أمثال فهد الجابري بمتابعة الكسوة بصفة يومية وخياطة وترقيع ما قد تتعرض له الكسوة بسبب احتكاك الطائفين بها.