كانت الكعبة قبل الإسلام تُكسى في يوم عاشوراء ثم صارت تُكسى في يوم النحر .. وصاروا يعمدون إليها في ذي القعدة فيعلقون كسوتها إلى نحو نصفها ثم صاروا يقطعونها فيصير البيت كهيئة المحرم .. فإذا حل الناس يوم النحر كسوها الكسوة الجديدة.ثم كساها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالثياب اليمانية عندما احترقت على يد امرأة أرادت تبخيرها .. وبعد ذلك كساها الخلفاء الراشدون أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم بالقماش المسمى بالقباطي.وبعد الخلافة الراشدة كان الخلفاء الأمويون والعباسيون ثم المماليك والأتراك يتنافسون على كسوة الكعبة والتفنن فيه .. وكانت الكساوى توضع على الكعبة بعضها فوق بعض .. حتى حج الخليفة العباسي سنة 160ه فشكا إليه السدنة الأمر .. فأمر بألا يسدل على الكعبة أكثر من كسوة واحدة واستمر ذلك إلى الآن.ومنذ عهد محمد علي باشا حاكم مصر الذي أنشأ إدارة حكومية لصنع الكسوة والحكومة المصرية قائمة بالإنفاق على صناعة الكسوة إلى أن جاء العهد السعودي على يد المؤسس الملك عبدالعزيز بن الرحمن آل سعود يرحمه الله .. والذي أمر في سنة 1346ه بإنشاء دار خاصة لعمل كسوة الكعبة المشرفة في مكةالمكرمة .. وتم توفير كل ما يحتاج إليه العمل واُفتتح مصنع كسوة الكعبة في منتصف العام نفسه وفيه تم إنتاج كسوة للكعبة المشرفة ليصبح هذا الشرف العظيم منوطاً بالمملكة العربية السعودية .. واستمر المصنع ينتج ثوب الكعبة المشرفة ومع التقدم الحضاري العالمي في فن النسيج وتقنيته أراد الملك فيصل يرحمه الله أن يواكب هذا التطور التقني فيطور مصنع الكسوة بما يحقق أفضل وأمتن وأجمل إنتاج لثوب الكعبة فصدر أمره السامي في عام 1392ه 1972م بتجديد مصنع الكسوة بأم الجود بمكةالمكرمة .. وتم افتتاحه تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز يرحمه الله عندما كان وليا للعهد وذلك في ربيع الآخر سنة 1397ه - 26 مارس 1977م. مراحل تصنيع الكسوة تمر صناعة الكسوة المشرفة بعدة مراحل .. الأولى هي الصباغة ويتم فيها صباغة الحرير الخام المستورد على هيئة شلل بالألوان الأسود أو الأحمر أو الأخضر .. أما مرحلة النسيج فيتم فيها تحويل هذه الشلل إلى قماش حرير سادة ليطبع ثم يطرَّز عليه الحزام أو الستارة أو إلى قماش حرير جاكارد وهو المكون لقماش الكسوة .. وفي مرحلة الطباعة تطبع جميع الخطوط والزخارف الموجودة بالحزام أو الستارة على القماش بطريقة السلك سكرين وذلك تمهيداً لتطريزها .. وفي المرحلة قبل النهائية يتم تطريز الخطوط والزخارف تطريزاً يدوياً بأسلاك الفضة والذهب .. وفي مرحلة التجميع النهائية يتم تجميع قماش الجاكارد ليشكل جوانب الكسوة الأربعة ثم تثبت عليه قطع الحزام والستارة تمهيداً لتركيبها .. ويستهلك الثوب الواحد 450 كيلو جراما من الحرير فيما تبلغ مساحة مسطح الثوب 658 متراً مربعاً .. وتتألف القطع المذهبة المثبتة على الثوب والحزام من 16 قطعة يبلغ مجموع أطوالها ما يقارب 47 متراً .. كما تشتمل الكسوة على 4 قطع صمدية توضع على الأركان و6 قطع تحت الحزام و14 قنديلاً موضوعة بين أضلاع الكعبة. مكونات الكسوة تصنع كسوة الكعبة المشرفة من الحرير الطبيعي المصبوغ باللون الأسود وتتكون من خمس قطع تغطي كل قطعة وجها من أوجه الكعبة، أما الخامسة فهي الستارة التي توضع على باب الكعبة ويتم توصيل القطع الأربع مع بعضها البعض.ويتكون الثوب من 47 طاقة قماش طول الواحدة 14 متراً بعرض 95 سنتيمترا .. وتبلغ تكاليف الثوب الواحد حوالي 17 مليون ريال سعودي تشمل تكلفة الخامات وأجور العاملين والإداريين وكل ما يلزم الثوب .. ويبلغ ارتفاع الثوب 14 متراً ويوجد في الثلث الأعلى من هذا الارتفاع حزام الكسوة بعرض 95 سنتيمتراً وهو مكتوب عليه بعض الآيات القرآنية ومحاط بإطارين من الزخارف الإسلامية ومطرز بتطريز بارز مغطى بسلك فضي مطلي بالذهب .. ويبلغ طول الحزام 47 متراً .. ويتكون من 16 قطعة .. كما تشتمل الكسوة على ستارة باب الكعبة المصنوعة من الحرير الطبيعي الخالص .. ويبلغ ارتفاعها سبعة أمتار ونصف المتر وبعرض أربعة أمتار مكتوب عليها آيات قرآنية وزخارف إسلامية ومطرزة تطريزاً بارزاً مغطى بأسلاك الفضة المطلية بالذهب .. وتبطن الكسوة بقماش خام .. وتوجد 6 قطع آيات تحت الحزام وقطعة الإهداء و11 قنديلاً موضوعة بين أضلاع الكعبة .. ويبلغ طول ستارة باب الكعبة 7.5 متر بعرض 4 أمتار مشغولة بالآيات القرآنية من السلك الذهبي والفضي .. وعلى الرغم من استخدام أسلوب الميكنة فإن الإنتاج اليدوي ما زال يحظى بالإتقان والجمال الباهر إذ يتفوق في الدقة والإتقان واللمسات الفنية المرهفة والخطوط الإسلامية الرائعة .. وتكتسي الكعبة المشرفة في التاسع من ذي الحجة ثوبها الجديد الذي تم تصنيعه بمصنع الكسوة بأم الجود بمكةالمكرمة لتزدان به بدلاً من الثوب القديم وهي عادة تتم كل عام حسب التقويم السنوي الهجري الإسلامي.ويتم استبدال الثوب في احتفال إسلامي تنظمه الرئاسة العامة لشؤون الحرمين الشريفين يحضره الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف وكبير سدنة المسجد الحرام وعدد من المسئولين السعوديين. مراسم تغيير الكسوة وتبدأ مراسم تغيير الكسوة عقب صلاة العصر حيث يبتدر المشاركون في عملية استبدال الكسوة عبر سلم كهربائي بتثبيت قطع الثوب الجديد على واجهات الكعبة الأربعة على التوالي فوق الثوب القديم .. ويتم تثبيت القطع في عُرى معدنية خاصة 47 عروة مثبتة في سطح الكعبة ليتم فك حبال الثوب القديم ليقع تحت الثوب الجديد نظراً لكراهية ترك واجهات الكعبة مكشوفة بلا ساتر .. ويتولى الفنيون في مصنع الكسوة عملية تشبيك قطع الثوب جانبا مع الآخر .. إضافة إلى تثبيت قطع الحزام فوق الكسوة 16 قطعة جميع أطوالها نحو 27 متراً و6 قطع تحت الحزام وقطعة مكتوب عليها عبارات تؤرخ إهداء خادم الحرمين الشريفين لثوب الكعبة وسنة الصنع .. ومن ثم تثبت 4 قطع صمدية { قل هو الله أحد الله الصمد } توضع على الأركان .. و11 قطعة على شكل قناديل مكتوب عليها آيات قرآنية توضع بين أضلاع الكعبة الأربعة .. وآخر قطعة يتم تركيبها هي ستارة باب الكعبة المشرفة وهي أصعب مراحل تغيير الكسوة .. وبعد الانتهاء منها تتم عملية رفع ثوب الكعبة المبطن بقطع متينةٍ من القماش الأبيض وبارتفاع نحو مترين من شاذروان القاعدة الرخامية للكعبة والمعرفة بعملية إحرام الكعبة.