منذ منتصف القرن الماضي وعالمنا العربي يعيش أحداثا تغيرت على ضوئها الأوضاع في أكثر من دولة. حيث قام ضباط بتلك التغييرات تحت مسمى انقلابات. وعلى إثر تلك الانقلابات سقطت حكومات عدد من الدول وغادر أعضاء تلك الحكومات كل إلى ما قدر له، قتل أو سجن أو نفي.. وهذا قدر الحكومات التي تتعرض للانقلابات دون تمييز. وعلى إثر ذلك فقدت تلك الدول سياسييها واستراتيجييها في وقت هي أكثر احتياجا لهم. ودون تقدير لحجم المسؤولية توزع ضباط الثورة المناصب القيادية فيما بينهم دون أن يكونوا مؤهلين لإدارة دولة فقدت بقيام الثورة كثيرا من ذوي الخبرة. وبشعارات ليس لها عائد سطع نجم الثوار وذهب مع تلك الشعارات الشارع العربي بجهله وصفق لها كثيرا. والحق أقول إنهم أجادوا إطلاقها من فوق المنابر التي أصبحت متاحة لهم وحدهم وبصرف النظر عن أي اعتبارات أو قدرات إدارية أو سياسية. وأمسك الانقلابيون بزمام حكوماتهم بخبرات لا تؤهلهم لقيادة دولهم، وشعوب ساندتهم أملا في الرقي بهم. بدأ الانقلابيون إدارة شعوبهم بارتجالية مدعمة بالأسلوب العسكري غير القابل للنقاش أو التردد في التنفيذ. وازدادت الأخطاء وبدأ إنسان تلك الشعوب يرى أن الأوضاع تزداد سوءا.. وبعد نجاح تلك الانقلابات ازدادت رغبة الضباط في تغيير الحكومات عبر الانقلابات والوصول إلى المناصب العالية. ثم بدأ التفكير جديا للقيام بمزيد من الانقلابات. وفعلا توالت تلك الانقلابات وكان للعراق وسوريا النصيب الأكبر من الانقلابات.. وتوقفت تلك الانقلابات بعد أن غطت معظم الدول العربية وتولى الحكم دكتاتوريون استطاعوا قمع شعوبهم وخاصة الضباط ولم يعد هناك من يفكر في الانقلابات. واستقر الوضع للحكومات الدكتاتورية وبدأ الفساد يضرب مفاصل تلك الدول. وأول ما ضرب الفساد الكفاءات إذ خرجوا وجاءت المحسوبية بالمقربين وقليلي الخبرة ليحلوا مكانهم. وازداد طغيان الحكومات الدكتاتورية إذ تم تقليد أبنائهم وأسرهم المناصب الحساسة وجهز الأبناء لخلافة الآباء في الحكم، وسوريا دليل واضح.. المهم: هل أستطيع القول إن ما يحدث الآن والمسمى الربيع العربي هو نتيجة تلك الانقلابات التي أتت بما دمر تلك الشعوب؟.. والأكثر أهمية أن تدرك شعوب الربيع العربي أن الأمن والسلام داخل تلك الشعوب هو الهدف.