أطلق تنهيدة طويلة وارتمى على كرسي وثير يسبح في مخملية ناعمة تنطق بالوله المتجدد، ويتأرجح بأناشيد العشق المختلفة.. عبثاً تحاول تلك الهواجس أن تدغدغ مخيلته اكثر من اللازم محاولة رسم ضباب خفي يعتلي تلك الاشراقة التي عشقها وانغمس في ابتسامتها فينظر من نافذة الحب التي تعتلي أروقة الزمان والمكان بصرامة واضحة فيهرول ذلك الضباب حاملا ذيول الهزيمة.. كليل يحاول لاهثا التستر في أروقة الشمس المشرقة.. كان قبل ذلك يتقلب في سماء الفكرة، يغرس قلبه في الرمل، يطقطق اصابعه؛ كي تستشعر العاديات بمراوح العويل الذي يلف حياته الأنيقة بهوله المعتاد، وفجأة يأسره جمال الروح في حضور العاطفة وبهجة العقل مع اتساع بسمة الأمل ولمسة العشق مع تناغمات الحياة المتصاعدة التي تفجرها لحظاتنا المتوالية في خريف العمر المسكون بلوعة الغياب بينما هواجس الشوق تقتلعه اقتلاعا من مساكن الهدوء وراحة البال الى ينابيع العذاب واللهفة يهدئ من روعها ذلك الخريف المورق بأسراب العصافير وتهدل ثمار العمر المتساقطة على رمال البحر الناعم الممتلئ بقطرات الحب وأمواج الحنان .. اختفت الانا ليحل الاثنان في غصن واحد يتمايل مع زهر البنفسج وقناديل الياسمين المنتشرة في ربيع طويل تشكو من خلوده أوراق الشجر المُعمّرة التي لم تعرف أبداً هكذا خلود يمنعها من التفكير في التساقط لتعلن نهاية مرحلة كما هو مرسوم لها.. هما كأنهما البداية التي لا نهاية لها في مخالفة واضحة لكل نواميس الكون وكتكوين جديد عرف سر الوجود، تبدد معه الظلام، عزفت في ظلاله موسيقى ناعمة تناغمت مع شعوره المتأنق في معطف ربيعهما الخالد، وزرعته مشاعر أبدية ستظل غضة، متجددة لن ولم تشعر بنضجها في يوما ما حتى وان كان كذلك اليوم الاسطوري الذي شعر فيه بنبضات قلبه تتسارع فجأة في اعلان مفتوح للعودة بعد ان كانت قد اعلنت نفس تلك النبضات التخاذل والغياب رغم اصرار الحياة على حضورها.. - يوما ما ستعرفين كم أحببتك. - تجيبه بصمت خجول وابتسامة متلعثمة، فيكمل قائلا: حبك زرع فيَ يقينا لا ينضب، أشعل عتمة قلبي، شعرت معه اوردتي بمعنى السريان، واكتشفت فيه لأول مرة جمال بعض الحروف المبهجة. - تجيبه أخيرا: أأنت اكيد من ذلك؟. - بابتسامة يملأها الحنين: أنت لا تعرفين معنى اليقين إذن، هو ذلك الذي يجبرني على العيش داخل ينبوع صوتك وانطلاقة بسمتك ونسيان أي وجوه أخرى عداكِ والتخلي عن أي عيون متلهفة.. أنتِ تمثلين ذلك الطيف الجميل الذي يحيطني دوما ولا أستطيع مفارقته لحظة واحدة. - كل مخاوفي تلاشت وأصبحت ممتلئة بيقينك. - كل هواجسي ذابت في مخيلتكِ، أوراق الزمان ستكتب قصة حبكِ التي لن تجد لها خاتمة لأنها ستظل تعزف سيمفونية الخلود. - البهجة ستكون عنوان تعبنا وركن صمودنا وتفسير حياتنا، ستمر لحظات العناء إن وجدت كثوان معدودة ولن نسمح لكائن ما بتعكير دقائق من سعادتنا. - أي تضحية الى جانبكِ ستكون مجرد رياح عابرة لا تستطيع أن تهز جزءا من مشاعرنا أو أحلامنا، تعرفين أننا لا نستطيع أن نتوقف عن الحب حتى لا نشيخ كما قال (ماركيز) في مذكراته المتفردة. - أمواج حبنا ستكون هادئة ورقيقة وستحمل زورقنا الى شاطئ حلمنا الوردي الطاهر، وسينتصر حبنا مهما اشتدت به العواصف. - لماذا إذن صمتي طويل، وكأنكِ سلمت الدفة لتلك الغيوم السوداء في استسلام واضح. - بابتسامة عميقة: لن يحدث ذلك مجددا أعدك؛ هي مجرد غيوم دحرتها أشعة الشمس الحارقة فظهرت زرقة السماء وكأن مطر الطهر غسلها بعناية ورقة كمثل ذلك الصفاء الذي يعقب هطول مطر الخريف. سيدتي.. سيتلو الخريف الربيع متجاوزا صمت الشتاء، بل ستكون الأيام كلها ربيعا دائما تمتلئ ببهجة المروج الخضراء الشاسعة، تهمس فيها القلوب، تتبدد فيها السحب طواعية، تهطل فيها قطرات الحب ناشرة مسك تفوح رائحته في شتى أركان مملكتنا، والمنتعشة برابط لغوي عميق يتلذذ بسطوته الحب ويغرس مفاصله العشق ويتمنطق بحراسته الوفاء الأزلي واللهفة التي تستشعر جديدها كل لحظة.. وكل يوم. سيدتي الأنيقة؛ سنجعل الأضواء الزاهية تختلط بين أيدينا لترسم شعاعا يبهج قلبينا وينير ردب حبنا المتمسك بنغمة الحياة الاسطورية التي سترسمها ملامح تلك الأنوار المجهدة تحت وطأة أحلامنا المتصاعدة على درب النور والخلود.