بعد أن شهق الغسق شهقته الأخيرة كانت هناك رهينة ما بين الوقت واللحظة وذابت بكل خجل واستحياء في جوف ذلك الضياء الممتد بإباء حول هام السحب. تراقصت بعشق أمام عينيه قبل أن تنسحب بكل هدوء لتلفها تلك الذرات البيضاء لتغيب أو ربما تنام في أعماق برودته الحانية . بدأ قبل أن يفعل ذلك بها يجر رداء صمته وقبل أن يكون كذلك تفتقت ينابيع الرحمة بكل سكينة على أودية ذلك المنتصر بغابات حدائقه التي من شدة عطفها عليه تبللت أطرافها إلى درجة الخفقان . شلال ضوء تدفق مع انهيار الماء حتى كادت تلك اللوحة التي أمامه أن تنصهر مع قطع الثلج التي أبت إلا أن تحييه بابتسامة كلها طهر ونقاء. رجعت بكل الدلال إليه بعد أن اغتصب الظلام بياضه الساطع حتى استراحت أمامه ، رقصاتها كانت حانية إلى درجة الوحدة فقد كانت الوحيدة التي أبى شعاع هيبتها إلا أن يوضح ملامح ألوانها الفرحة في دنيا كانت هي كذلك فرحة ببياضها الوهاج قبل أن يخطفها رداء الليل ويهرب بها إلى ثريا تشع بهجة وجمالاً بنور الشفق ..ذلك ما رآه أمام عينيه التي انسلخت أحداقها عن سواد أهدابها ليحبوا التسبيح للفرد الصمد . زغردت طفولته حينها بعد أن طوقته ببراءتها ورجع بعد أن هدأ إلى مكانه وبكارة تلك اللوحة قد فضت إلى رجعة ربما يريدها الباري .. تقلصت ابتسامته وهي تغدو في مهب الريح إلى أن اتضحت تفاصيل صورتها وقد كانت أجمل مماكانت عليه ..فسبحان الله ..سبحان ا لله فقط لا نملك إلا التسبيح للواحد الأحد ..فقد كانت لوحة جميلة غزا فيها الضباب أطراف العشق على أبواب الجمال فكان هو فقط في وسطها منذ أن غازلها حتى غابت على وجنة ردائه ..غابت على أمل اللقاء وهو يعد ثوانيها ودقائقها فما أجملها من لوحة ضافية جسدت حكاية العشق القديم على أبواب اللهفة داخل أسوار الطبيعة فالتلال الخضراء الندية كانت جدائلها منتشية بأعشاب الأرض ..رائحة ذابت فيها النغمات التي تراقصت بنسيم شتوي على صفحة وجهه ..أزهار كانت هناك شبه نائمة وخريف حزنها ابتلع أوراقها الخضراء ولكنها بالرغم من ذلك كان بريق رذاذها فرحاً منتشياً ..فيا أيها العقلاء من أبناء جلدتي حاولوا أن تهدأوا وتتريثوا قبل أن يتغلغل وجه الموت على حين غرة في مسافة دمعتكم وأنتم قد تكونون حينها هائمين أقصد لاهثين!!!.