يوافق هذا المقال الثاني من أيام شهر شوال المبارك، عيد المسلمين الممتلئ بالصفاء والفرح والتراحم، ومشهدهم النوراني الظاهر الذي يشكرون فيه نعم الله المتواترة على تمام العبادة والطاعة وصالح الأعمال ويرجون فيه الخير والمحبة والإخاء في سبيل تحقيق معنى العيد وتمامه وغايته الكبرى المقصودة. وليس لدي في هذه الكتابة بعد التهنئة إلا استحضار أصوات البهجات التي تتردد في مسامع الجميع وتتعاهد قلوبهم صغارا وكبارا بألحان: «ومن العايدين ومن الفايزين إن شاء الله» ، فتراهم بأجمل لباس وأبهى حلة وأوسع ابتسامة. ليس لدي في أول الكتابة وآخرها على الحقيقة إلا أغنيات قليلة وأمان كثيرة بتطواف البهائج واتصالها الدائم بكم جميعا وكل عامٍ وأنتم أجمل ما يمر في الذاكرة. في طفولتنا كنا نستقبل العيد على حقيقة أوسع وصورة أكثر لذاذة ومتعة، إذ في ساعات الصباح الأولى تصير البيوت أقرب للمراجيح ويستحيل العابر من الجيران هبة نقدية ويتوزع أهل الحارة بين التقبيل والضحك والحلوى متحابين. تطير الألعاب النارية وتعلق على الجدران الحفلات وبعض رسمات المباركة وتتهادى البشائر من قريب وبعيد وتصطف المجالس متكاتفة بعضها بجانب بعض وتتضام على هيئة ساحة واسعة من أجل أن تليق باستقبال التهاني والأفراح وأعواد البخور والطيب. الطفولة تقرأ العيد بشكل أكثر عمقا بظني دون كل مراحل العمر.. لذلك تبقى قريبة رخية وهي في معناها الأقرب للقلب حظوة يتعاهدها الجميع ويترقب ذكرياتها بشعور امتلاك الدنيا لحظة صباح واحد!.. مما قيل في التهنئة العميقة: للفطر عيدان.. عيد أنت بهجته وآخر في قلوب الناس يأتلق قد جئت أحمل قلبي دفء أغنية وقد يرى القلب مالا تبصر الحدق أراك في الناس ما أرسلت تهنئة إلا ومنك على أكمامها ألق لك الأناشيد من روحي أعتقها فكل عيد وأنت الورد والعبق.