منذ يومين وأنا «أراجع» التقويم بنفسي وأتأكد أن العيد لم يحل قبل موعده؟! وذلك بسبب رسائل المعايدة التي انهالت علي من كل حدب وصوب, فنغمة صديقنا العزيز «جوال بيك» لم تهدأ إطلاقاً..! فرغم أنه أصبح «أبوالمصايب» ونغمات رسائله كلها هم وغم وقتل وتدمير وثورات انطلقت هنا وثورات هناك إلا أن عبارات المعايدة بدأت تصل قبل حلها «عيدك مبارك», «من العايدين ومن الفايزين قبل الزحمة».. يا أخي الدنيا كلها زحمة..! وقفت يعني على يوم العيد؟! انتظر زحمة العيد وقل لي «عيدك مبارك» صباح أو ليلة يوم العيد, فهي ألذ وأحلى, طبعاً نغمة «مبارك» الأخيرة لا علاقة لها «بالريس», عشان بس تتضح الصورة لأصدقائنا المصريين..! يبدو أننا في عصر السرعة, «فالشعب يريد..العيد قبل العيد» عبر رسائل الجوال ووسائط التواصل الاجتماعي الأخرى, قتلنا فرحة العيد قبل بدايته «باستهلاك «عبارات التهنئة وتبادلها قبل «3 و4 أيام» من حلوله الفعلي, مما أفقد تهنئة العيد لذتها وبهجتها..! ما أحلى «عيد زمان».. كان يأتي فجأة, «يطب» علينا بعد مغرب يوم «29 رمضان» فتنقلب معه حياتنا بهجة وسروراً حقيقياً وغير مصطنع, وتسمع «زغاريد» الفرحة من «التلفاز» بصوت محمد عبده «ومن العايدين.. ومن الفايزين..إن شاء الله» وأهل البيت تفرغوا «لتنفيض» عفشهم وترتيبه استعداداً لزوار العيد, الذي يصل في بعض الأحيان لتنظيف وتمسيح «الدرايش» أو النوافذ و»عتبة البيت» والتي لا يتم تنظيفها عادة إلا في مثل هذا اليوم..! الصغار يرددون مع صفاء أبو السعود «أهلاً.. أهلاً بالعيد.. مرحب.. مرحب بالعيد هي.. هي هي هههي هي» في انتظار»لبس الجديد» الذي يغلبهم النوم وهم «ممسكون به» بين أيديهم..! والكبار يجهزون إفطار العيد الذي «سينافسون» به جيرانهم في الحي «فالسيدات» يتنافسن على تقديم ألذ إفطار «لصبح العيد», لسماع صوت الإطراء والمديح الذي ينقله «أبو فلان» عن من تناوله من أهل الحارة..! أيام العيد الصادقة كانت تزيل الخلافات بين الإخوان والأصدقاء والجيران وتجعل منه فرحة حقيقة تجبّ كل غضب وتزيل كل «ضغينة» لتعيد العلاقات وتجدد المحبة وتنشر التسامح. إن صور»العيد» اليوم مخيفة.. فلم تعد ذات الصور التي لها «نكهة» العيد والسرور فهي بلا فرحة حقيقية.. منذ ثلاثة أيام وأنت تستقبل عبارات «مستهلكة وجامدة» عن يوم «عيد» موعود.. يمر على الكثيرين «كسائر الأيام» فلا اللبس يطرأ عليه «تجديد» ولا مشاعرهم تظهر البهجة والسرور..! إن «الفرح» بيوم العيد وتبادل التهاني فيه, من السنن المطالبين بإظهارها جميعاً, لتشيع الفرحة في المجتمع بأكمله, فالعيد فرحة أمة وابتهاج جماعي كما جاء في الهدي النبوي. إن التهاني والتبريكات فقدت طعمها من كثرة تداولها قبل العيد.. فلنترك للبعض فرصة ليفرح بالعيد في حله, وإن رغب الآخرون العيد قبل وقته..! وعلى دروب الخير نلتقي.