رغم تطور مناحي الحياة وتقدمها في شتى المجالات ومن ضمنها معايشة الأطفال بلهوهم البريء لفرحة العيد هذه الأيام إلا أن أصالة الماضي بكل أطيافها وطقوسها مازالت معايشة لأهالي المنطقة التاريخية بمحافظة جدة والتي تضم حارات اليمن والشام والمظلوم وذلك في " برحة العيدروس التاريخية " هذا الفناء الذي يشهد حركة دؤوبة منذ صباح أول يوم في العيد وحتى منتصف الليل من الأطفال الذين يعيشون فرحة هذه الأيام عبر وسائل الترفيه البدائية " المراجيح " التي يشرف على نصبها أهالي هذه المنطقة التي يربطهم بها الحنين إلى الماضي والتمسك بعاداته وتقاليده. وكالة الأنباء السعودية عايشت هذا الواقع الجميل ورصدت مشاعر الأهالي الذين يصحبون أطفالهم إلى هذه " البرحة " من خلال هذا التقرير الذي جسد هذه الألعاب القديمة المرتبطة بذكريات الآباء والأجداد حيث أن معظم هذه الألعاب الخاصة بالأطفال تحرك جميعها يدوياً بواسطة عمال مخصصين. وكانت " برحة العيدروس " من أهم المواقع في جدة في الزمن القديم وبالذات في أيام الأعياد اذ كانت هذه البرحة إضافة إلى أنها تنصب فيها المراجيح هي مكاناً لإقامة الأفراح وفيها يلتقي الصغار والكبار ويتبادلون الحكاوي وفيها كانت تنطلق أصوات طبل المسحراتي الذي يأخذ بالسير منها إلى داخل الأحياء مروراً بأزقتها وهو حامل في يديه طبلته يدق عليها وهو يقول: " من العايدين ومن الفايزين " وكان كلما مر امام بيت نادى صاحبه باسمه وحينها يعرف الناس أن العيد قد أتى فيهب كل صاحب دار لذلك المسحراتي ويمنحه الهدايا التي عادة ما تكون من الارزاق كالارز والشاي والسكر وبعض الملابس. ويميز " برحة العيدروس " الأحصنة والجمال التي تسير بحركة دائرية حول البرحة والتي يمتطيها هؤلاء الأطفال بأسعار رمزية لا تتجاوز الخمسة ريالات وحلاوة العيد التي يحرصون على إقتنائها وهم ينشدون " يا حلاوة العيد يا حلاوة " وهذه الوسائل البدائية في الترفيه مازالت باقية رغم ظهور الوسائل الحديثة من مدن وملاهي عملاقة فهي بمثابة الكرنفال الترفيهي البسيط وبالذات للصغار الذين يتذوقون طعم العيد بمذاق خاص من خلال استمتاعهم باللعب في المراجيح وتذوق هذه الحلوى البلدي مثل اللدو وطبطاب الجنة. وكانت هناك بعض العائلات القديمة والمشهورة بتركيب هذه المراجيح مثل عائلة غراب كما كانت هذه البرحة تشهد سباق الخيول والرقصات الشعبية والفنون التي تجمع بين الرقص والغناء ودق الطبول إضافة إلى بعض الألعاب الشعبية التي مازالت باقية حتى اليوم. // يتبع //