تخيل معي أنك ترى شابا يقف في طريق الأمير محمد بن عبد العزيز شارع التحلية في جدة أو الرياض إن شئت وقد التفت إلى يسارهِ فإذا بمعالي وزير إحدى الوزارات يقف إلى جانبه، بادله التحية وناقشه فاستمع. وفيما هو مندمج معه إذا بشخصية فكرية أخرى تقف إلى يمينه تتساءل عن فكرة ما؟ ! فقام الشاب بإرشاده قبل أن يتلقى الشكر والتقدير لجميل إجابته. حين تشعر بالتعزيز الذاتي والعاطفي لجميل ماتكتب في مشهد درامي كهذا ،حينها لا تتعجب! فأنت في فيسبوك أو تويتر! في الأيام السالفة وجدت أحد طلبتي لسنوات مضت قد قام بإضافتي إلى حسابه على إحدى قنوات الإعلام الجديد، وهذا بحد ذاته لايثير الدهشة أو المفاجأة التي تملكتني! حقيقة لقد ذهلت بمدى إبداع هذا الطالب الفكري واللغوي، رغم صغر سنه وحداثة تجربته في الحياة. ذلك الطالب الذي كان شديد الهدوء والانطواء في قاعة الفصل الدراسي، كان مغمورا يميل إلى الصمت والهدوء حتى في مشاركته ببالغ الأدب على استحياء. أتعلمون ! لم يتوقف عجبي هنا. أعدت تأملي فنظرت كيف أن أسطره وعباراته القليلة تجد تأييد متابعيه وتكسبه أتباعا. إنها لم تكن الواسطة أو الشهرة أو وسامة فائقة ماكان يدفع الآخرين نحوه، وليعذرني إن كان يقرأ لي، بل كانت أحرفا أضاءت عقولا وقلوبا تقرأ فلامست مالم تلامسه كلمات وصفحات كثير من مؤلفات الورق الفاخر الذي لاقيمة له. بعد أيام قليله وجدت نفسي مضطرا لأن أكتب تأييدا لأحد أفكارة التي كتب، فلقد كان كل مايكتب فريدا في غالبه. تساءلت كثيرا كيف نحيا في هذه الحياة مربين ومعلمين وآباء وإخوة ولا نتمكن من ملامسة إبداع من حولنا سوى هنا!! كما حدث لي في مساحات الإعلام الجديد، ثم لم ألبث أن أخذت أنفاسي. فقلت إنها يا أحبتي نسائم الإعلام الجديد، حين تغرد العقول. إنها لغة جديدة، إنه جيل يتشكل. تغرد العقول الشابة حين تضيق مساحات الحياة، وتزدحم الطرقات مليئة بسواهم! اليوم في هاتفك وفي حياة الكثير منا مئات التغاريد التي كانت تبحث عن متنفس يتيح لها الفضاء الرحب فلم تجد سوى الإعلام الجديد جنة المغردين وجحيم العابثين المتعالين لقد فرض الإعلام الجديد لغة جديدة سهلة القراءة ممتعة في الكتابة، بلا شروط مسبقة أو قيود مفرطه. وإنني إذ أكتب هذا المقال بداخلي ضمير يقول إن نبض هذه العقول يتقد إبداعا فغرد يغرد فهو مغرد بأفكار شابة متجددة. وكم من صوت مغمور لايعرفه أحد سوى أنه عرف وقدر بعد أن غرد! ما يحدث في ساحات الإعلام الجديد ياسادة ظاهرة تستحق التأمل والإشادة. من كان يحمل شجنا ما، أو هما أو فكرة ما فليجرب أن يبث شجنه أو فكرته مع أولئك. وحتى ألقاكم الأسبوع المقبل في تغريدة أخرى، كونوا بخير. • أكاديمي وباحث في لغويات الإعلام [email protected]