تحدث الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي ورئيس مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الشيخ صالح بن عبدالرحمن الحصين خلال كلمته الافتتاحية التي ألقاها أثناء انطلاق ملتقى «المرأة السعودية ما لها وما عليها» في قاعة الملك فيصل في الرياض البارحة، عن سيطرة الثقافة الغربية على العالم الإسلامي. وقال الشيخ صالح الحصين إن هذه الثقافة ظلت طوال 4 قرون ترسل أشعتها حتى غطت ما تغطيه الشمس، مضيفا «ويتمثل ذلك في ظواهر من سيطرة الثقافة الغربية على طقوس الاحتفالات وموضات الشباب والنساء، إضافة إلى اللغة». وأفاد رئيس مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني بأنه عند النظر لكتاب أعمدة الصحف «وما يكتب فيها لوجدناها غالبها كلمات مترجمة إلى العربية حرفيا، وبدون أن نشعر بذلك، وهذا التأثير على اللغة خطير لأن التفكير صامت واللغة ناطقة وهو تأثير على الفكر والتصور الإسلامي». وأشار الشيخ عبدالرحمن الحصين إلى أن العالم الإسلامي أصبح ينظر إلى الأشياء من خلال العدسة الغربية، مرجعا قوة التأثير إلى التقدم التكنولوجي والاقتصادي والقوة الإعلامية والعسكرية للغرب وبعض الشعارات الرنانة التي تنادي بالحرية والديمقراطية ومما مكن من ذلك هشاشة الثقافات الأخرى. واختتم الحصين كلمته بقوله إن قضايا المرأة ككل القضايا في المجتمع «لا يمكن أن نحلها إلا إذا تحررنا من العبودية الفكرية ومن غلبة التصورات الثقافية الغربية والنظر بحياد وبعقلانية ومعيار إنساني حتى نقرب إلى السعادة». من جهته، أوضح المشرف العام على مركز باحثات لدراسات المرأة الدكتور فؤاد العبدالكريم أن الهدف من الملتقى هو تسليط الضوء على قضايا المرأة التي أخذت اليوم زخما إعلاميا على المستوى الداخلي والخارجي، خصوصا ما يتعلق بقضية الحقوق إلى غير ذلك، التي قدمت إلينا من الخارج فقد نادت المؤتمرات والاتفاقيات وبعض المنظمات الحقوقية العالمية بحقوق المرأة مخالفة للشريعة الإسلامية والفطرة البشرية كالحرية الجنسية والشذوذ والإجهاض وغيرها من المطالب الشاذة، محاولة فرض تلك المفاهيم على نساء العالم عموما ونساء العالم الإسلامي خصوصا. وقال العبدالكريم إن «المطالبات على المستوى الداخلي على نوعين، الأولى تبنت الحقوق بشكلها الغربي واعتبرت الرجل عدو المرأة، والثانية فئة من الرجال فهموا الحقوق الشرعية التي لهم على مواليهم فهما خاطئا فمارسوا التعدي والظلم مستخدمين العادات والتقاليد المخالفة للشريعة الإسلامية وفي كلتا الحالتين المرأة هي الخاسر الأول». وأكد العبدالكريم أن الأنظمة الحاكمة في قضايا المرأة في المملكة متفقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، مشيرا إلى انه في حال النظر إلى المظالم العديدة المتعلقة بالمرأة التي تصل إلى المحاكم والجهات الحقوقية في مختلف الجهات «لعلمنا يقينا أن هناك خللا ما وواقعا سلبيا مخالفا لأحكام الشريعة ولأجل هذا أقيم هذا الملتقى من أجل اقتراح إجراءات وآليات تبين بجلاء ما للمرأة من حقوق وما عليها من واجبات». بدورها، عرضت مديرة الإدارة النسائية في مركز باحثات دراسات المرأة عضو هيئة التدريس في جامعة الملك سعود الدكتورة نورة العمر دراسة مقدمة من مركز باحثات عن مدى وعي المرأة بحقوقها طبقت على 1305 سيدات من جميع مناطق المملكة بكافة الأعمار والمؤهلات والمستويات الاجتماعية للمرأة السعودية تراوح أعمارهن من 20 50 عاما، كما تناولت أهداف الدراسة معرفة واقع المرأة بحقوقها للوقوف على أهم أسباب الحرمان منها لأخذها بسهولة. وأضافت الدكتورة نورة العمر «تبين أن نسبة النساء اللاتي لا يعرفن حقوقهن تبلغ 32 في المائة، و48 في المائة تعرف ذلك إلى حد ما، و18 في المائة يعرفن حقوقهن كاملة». وأفادت عضو هيئة التدريس في جامعة الملك سعود بأنه عند قياس مدى تمتع المرأة في المجتمع بكامل حقوقها اتضح أن 35 في المائة لا يعلمن، و23 في المائة لا تتمتع، و16 في المائة تتمتع و26 في المائة إلى حد ما. وعن دور الرجل في حرمان المرأة من حقوقها 40 في المائة موافقون، و38 في المائة إلى حد ما متفقون، و18 في المائة يعتبرن الرجل ليس مسؤولا، وعند بحث قضية هل تجد المرأة حقها عند القضاء، تبين أن 24 في المائة كانت إجابتهن نعم، و32 في المائة إلى حد ما، و28 في المائة غير موافقين. كما قدم عضو هيئة كبار العلماء سابقا الشيخ الدكتور سعد الشثري ورقة بعنوان (أصول وضوابط في حقوق المرأة) أشار فيها إلى ضرورة دراسة وضع المرأة المسلمة والتعرف على حقوقها ضمن أسس شرعية منها الإخلاص لله عز وجل، وأن يؤدى العمل رغبة في مرضاة الله وإصلاح النفس، وأن الحياة عبادة لله، والنظر في إصلاح القلوب، إضافة إلى محاسبة النفس. ثم قدم وزير الشؤون الاجتماعية سابقا الدكتور علي النملة ورقته التي ابتدأها مازحا مع الحاضرين بقوله إنه يستغرب وجوده بين ثلة من العلماء أمثال الحصين والشثري وهو محسوب على التيار الليبرالي، مرجعا ذلك إلى موقف حصل له أثناء سفره مع زوجته المرحومة حيث كتبا اسميهما في أحد الاستبيانات وعندها قالت صاحبة الاستبيان إنكم ليبراليون لأن الزوجة احتفظت باسمها. وذكر الدكتور النملة في ورقته عن (فلسفة حقوق المرأة بين الشرق والغرب) أنه جرت عادة كثير من المهتمين بالشأن الإسلامي عموما، وبالشأن الحقوقي في الإسلام خصوصا، على المقارنة بين الإسلام والثقافات الأخرى، سواء منها ما قامت على كتاب منزل كاليهودية والنصرانية في العرب خاصة، أو ما قامت على قوانين وضعية في الشرق والغرب عامة، وتأتي هذه المحاولات للمقارنة في موضوعات تاريخية، كما تأتي في موضوعات معاصرة، يسعى هذا الطرح إلى التوكيد على عدم وجاهة المقارنة بين الإسلام والغرب في كثير من القضايا، بما فيها قضايا المرأة. وطالب المشاركون في ملتقى المرأة السعودية مالها وماعليها بضرورة مشاركة المرأة في سن القوانين المدنية. وقالت الداعية الدكتورة فاطمة نصيف في مداخلة أثناء الجلسة الثانية للملتقى الذي افتتح صباح أمس برعاية الأمير صيتة بنت عبدالله بن عبدالعزيز: بعض الرجال يبتز المرأة فيطلقها ولا يعطيها بطاقة العائلة فلا يضم أولاده بالبطاق، وأحيانا يضم أولاده باسم زوجة أخرى، فهنا ضياع في النسب وهضم للحقوق، وتقترح أن تتم إضافة اسم الأم بجانب اسم ابنها في البطاقة، ليثبت النسب. وعزت أسباب ضياع حقوق النساء إلى جهل المرأة بحقوقها وأن من وضع القوانين سواء في الجوازات أو الأحوال وغيرها هم الرجال ولا توجد نساء يستشيرونهن في سن القوانين، فمن أبسط الحقوق في حال طلاق المرأة أو ترملها أن تحمل معها بطاقة تثبت أن هؤلاء هم أبناؤها فكثير من النساء لاتحفظ من أحاديث السنة إلا حديثا واحدا وهو (لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها) فالنساء فيهن جهل وجبن وخوف فحينما تتزوج يكون هذا الزوج معبودها بعد الله فلماذا النساء يسكتن فما ضاع حق وراءه مطالب. وشهد الملتقى أمس ورشتين بالتزامن إحداهما بعنوان دور الجهات النسائية في رفع الوعي بالحقوق والواجبات للمرأة السعودية، تديرها الدكتورة هدى الدليجان عضو هيئة تدريس في جامعة الملك سعود وقد أكدت الدليجان في الورشة على عدة نقاط فقالت: «في المجتمع كثير من القضايا والمشكلات الأسرية التي سببها الجهل الحقوقي، ونحن دورنا كمؤتمر للمرأة أن نرفع درجة الوعي لدى المجتمع وتوعية المرأة بما لها من حقوق وما عليها من واجبات، وذكرت الدليجان أن في استبانة أجراها مركز باحثات مسبقا عبر الإنترنت حيث خلص تقييم الجهات الحقوقية النسائية في القيام بدورها تجاه توعية المرأة حيث إلى أن 50 في المائة من دورها هامشي، و28 في المائة أقرب للفشل، بينما 22 في المائة سيكون أقرب للنجاح.