في الوقت الذي تعيش مكةالمكرمة ثورة مشاريع عملاقة للقضاء على العشوائيات وتطوير البنية التحتية لتلك الأحياء، إلا أن المشاريع المتعثرة تبقى هاجس الجهات الحكومية مجتمعة، وتسعى كل جهة إلى تنفيذ ما يعتمد في الميزانية من مشاريع بغية الوصول لهدف عدم تعثر إنجازها، لكن أهالي مكةالمكرمة والمحافظات التابعة لها يعيشون معاناة نتجت عن تعثر عدد من المشاريع التي لم يتم تنفيذها حتى اليوم، ما يعنى ذلك وجود خلل في إدارات بعض جهات التنفيذ في الإدارات الحكومية. «عكاظ» رصدت أبرز المشاريع المتعثرة في مجالات التعليم والصحة والعدل والنقل والمواصلات والمشاريع البلدية، وأجمع منسوبو الإدارات الحكومية أن سبب تعثر المشاريع في العاصمة المقدسة ناتج عن ندرة الأراضي الحكومية. وجاء التقرير الذي أعدته إمارة منطقة مكةالمكرمة مؤخرا وتم رفعه لولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز واضعا النقاط على الحروف، من خلال رصد دقيق لجميع مشاريع المنطقة، حيث ساهمت فيه جميع الجهات الحكومية برئاسة إمارة المنطقة وبمشاركة عدد من بيوت الخبرة حيث عقدت 48 ورشة عمل ورصدت فيها جميع مشاريع المنطقة خلال السنوات الأربع الماضية، فيما أوضح التقرير أن نسبة التعثر في جميع المشاريع بلغت 13 في المائة وتقدر تكلفتها بنحو 44 مليار ريال. ففي مكةالمكرمة يعتبر اكتمال الطرق الدائرية حلم المواطن الذي يتمناه، فرغم أهمية مكةالمكرمة واستقبالها سنويا للملايين من المعتمرين والحجاج والزائرين، إلا أنه لا يوجد طريق دائري واحد في مكةالمكرمة مكتمل تنفيذه، فهناك الطريق الدائري الأول الذي مضى على إنشاء جزء منه 30 سنة ولم يتم إكمال الجزء الباقي الذي يبدأ من أنفاق الشعب وحتى المسفلة، كما أن الطريق الدائري الثاني يتبقى منه نحو 40 في المائة وهو الذي يبدأ من حي البيبان وحتى الكناسة، والذي تم تأجيله لأكثر من مرة حتى الان من قبل وزارة النقل، وهناك الطريق الدائري الثالث الذي سيربط طريق المدينة بخط جدة السريع مرورا بإسكان الملك فهد الذي تنفذه وزارة النقل حاليا وهو أكثر الطرق الدائرية عملا حتى الان، كما ان هناك الطريق الدائري الرابع الذي اعتمد قبل أربع سنوات، إلا أن العمل يسير فيه ببطء من قبل أمانة العاصمة المقدسة. مشاريع الأمانة أمين العاصمة المقدسة الدكتور أسامة بن فضل البار أكد ل«عكاظ»: أنه ليست هناك أي مشاريع متعثرة للأمانة. وقال: حتى التعثر الذي كنا نخشى أن يواجهنا من بعض المقاولين نتيجة ارتفاع الأسعار لم يحدث، لكن نعاني من تعثر بعض المشاريع غير التابعة للأمانة وتأخرها أدى إلى تأخر مشاريع الأمانة، لأنها مترابطة لا بد أن تكتمل البنية التحتية ثم تدخل الأمانة وتنهي باقي المراحل من سفلتة وأرصفة وإنارة، معتبرا أن «الطرق الدائرية تخضع أجزاء منها للتنفيذ من قبل الأمانة التي تتولى تنفيذ الطريق الدائري الرابع في حين تشرف وزارة النقل على الطريق الدائري الثالث». المشاريع الصحية تعد المشاريع الصحية المتعثرة من أهم المشاريع التي تنتج عنها زيادة معاناة المحتاجين إليها وتتنوع المشاريع المتعثرة بين المستشفيات والمراكز الصحية، إلا أن مشروع مستشفى الجموم ومشروع مستشفى الشرائع وغياب تنفيذ مشاريع المراكز الصحية في المنطقة المركزية شكلت زيادة معاناة السكان، خاصة أهالي الجموم الذين يفوق عددهم ال100 ألف نسمة ظلوا ينتظرون تنفيذ المشروع منذ عدة سنوات، وما زالوا يترقبون أن تفرج وزارة الصحة عن مشروع مستشفى الجموم الذي اعتمد وما زالت طوابير المرضى تمتد أمام مركز صحي يتيم في المحافظة. وبينت مصادر «عكاظ» أن وزارة الصحة استخرجت تصريح بناء مستشفى، بعد أن أعلنت وزارة الصحة عن اعتماد مستشفى لمحافظة الجموم بتكلفة بلغت 80 مليون ريال وسعة 100 سرير. كما أن مشروع مستشفى الشرائع لا يزال متعثرا في التنفيذ بدعوى عدم توفر أرض بمساحة تكفى لتنفيذ مشروع المستشفى، كما جاءت مشاريع المراكز الصحية هي الأخرى في بيان تعثر المشاريع الصحية في العاصمة المقدسة بدعوى عدم توفر الأراضي، وما زالت بعض المراكز الصحية في العاصمة المقدسة مبانيها مستأجرة ومتهالكة. مستشفى الشرائع من جهته، أوضح ل«عكاظ» نائب مدير عام الشؤون الصحية في منطقة مكةالمكرمة الدكتور حسين غنام أن «صحة مكة بدأت البحث مع أمانة العاصمة المقدسة لتخصيص موقع لتنفيذ مشروع مستشفى الشرائع على مساحة تفوق 250 ألف متر مربع داخل النطاق العمراني، وحرصنا على أن تكون مساحة المستشفى كبيرة ليكون لدينا مجال للتوسع في زيادة العيادات التخصصية مستقبلا، ومنطقة الشرائع تحتاج للمستشفى حيث لا يوجد حاليا سوى مراكز الرعاية الصحية الأولية، وبعد تخصيص الأرض سيتم رفع المشروع للوزارة ليتم طرح المشروع بعد اعتماد مبالغ المستشفى، وسيتم إنشاؤه بتكلفة إجمالية تفوق 560 مليون ريال». مستشفى الجموم وأضاف غنام أن مشروع مستشفى الجموم الذي تم طرحه في الوزارة سوف ينجز ليخدم سكان شمال مكةالمكرمة بسعة سريرية تفوق 200 سرير. وحول تعثر مشاريع المراكز الصحية قال «هناك مشاريع نفذت لبناء مراكز الرعاية الصحية الأولية في كدي والعتيبية والزاهر، المشكلة التي تكمن في مكة صعوبة الحصول على الأراضي وهذا ما نعاني منه الأمرين لأسباب شح الأراضي وارتفاع أسعار العقارات، في المسفلة مثلا لدينا مركز حي قديم ووضعه سيئ لكن لم نستطع الحصول على أرض في هذه المنطقة التي تتطلب موصفات خاصة يجب أن يكون عليها المركز الصحي، وهذه معاناة كبيرة قد لا تواجهها أية مدينة أخرى في المملكة». المشاريع التعليمية المشاريع التعليمية المتعثرة شملت مدارس البنين والبنات في العاصمة المقدسة وبقيت المباني المستأجرة العلامة الفارقة والتي لا تتوفر فيها البيئة المدرسية الآمنة، وعللت إدارة التربية والتعليم في مكةالمكرمة تعثر عدد من المشاريع المدرسية بصعوبة توفير الأراضي خاصة في المنطقة المركزية والأحياء ذات الكثافة السكانية الكبيرة، وتجاوزت نسبة المباني المستأجرة 41 في المائة حيث بلغ عدد المباني الحكومية للبنين والبنات 448 مدرسة. بدوره، قال مدير عام التربية والتعليم حامد السلمي ل«عكاظ» إنه من المتوقع أن تقل نسبة المدارس المستأجرة بعد إنجاز المشاريع الجاري تنفيذها والمبرمجة إلى 26 في المائة. وأضاف أن «إدارة التربية والتعليم لا تواجه معوقات عدم توفر الأراضي إلا في الأحياء المكتظة بالسكان والأحياء القريبة من المنطقة المركزية لكنها لا تواجه هذه المعوقات في المخططات الجديدة والقرى كون الأراضي الحكومية متوفرة». مباني القضاء ومن المشاريع المتعثرة في مكةالمكرمة مشروع مبنى المحاكم الشرعية، حيث إن الخلاف الذي نشأ بين وزارة المالية ووزارة العدل حول مساحة الأرض التي تم تحديدها بجوار مدينة الملك عبدالله الطبية على طريق الطائف قد أدى إلى تعطيل إنشاء هذا المشروع الحيوي المهم، فقد طالبت وزارة المالية بتقليص مساحة الأرض معتبرة أن حجم الأرض الذي طالبت وزارة العدل كبير، فيما اصرت وزارة العدل على مساحة الأرض، ما أدى إلى توقف المشروع رغم أن محاكم مكةالمكرمة موزعة بين خمسة أحياء من أحياء مكةالمكرمة. أما فرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف بمنطقة مكةالمكرمة، فقد تم اعتماد تنفيذ مقر جديد له منذ نحو أربع سنوات وقد رغبت الوزارة تنفيذ مبنى للفرع بجوار جامع السيدة عائشة في التنعيم، إلا أن مشروع تحسين مدخل مكةالمكرمة الشمالي واقتطاعه جزءا كبيرا من الأرض جعل الوزارة تتجه إلى مقر الفرع القديم بحي البيبان، فلما تم الانتهاء من خرائط المشروع فوجئت الوزارة بمرور الطريق لدائري الثاني على المشروع فتوقفت عن التنفيذ والآن تنتظر الوزارة مشروع نقل الدوائر الحكومية في حي البوابة على طريق جدة السريع لتنفيذ مبنى لفرع الوزارة هناك. فلل متعثرة يعتبر إسكان الرصيفة في مكةالمكرمة من أقدم المشاريع المتعثرة التي تم إنشاؤها قبل 25 عاما، حيث تم إنشاء «عظم» أكثر 1100 وحدة سكنية (فيلا)، ثم تركت مهجورة طوال الفترة الماضية باستثناء العام الماضي عندما تم تنفيذ مشروع اعادة البنية للاسكان فأنهى المقاول 96 في المائة من الأعمال المطلوبة التي تشتمل على إعادة البنية التحتية للفلل والتي تشمل مشاريع المياه والصرف الصحي والرصف والإنارة بعقد بلغت قيمته الإجمالية قرابة 170 مليون ريال، ولكن حتى الان لم يتم تنفيذ عملية البيع في المزاد العلني التي تمت الموافقة عليها من اجل استفادة أكبر عدد ممكن من ذوي الدخل المحدود، إضافة إلى استفادة الصندوق من المبالغ العائدة من المزاد بتحريك طوابير الانتظار المسجلة في قوائم الصندوق، حيث توجد أعداد كبيرة من المسجلين على قائمة الانتظار حيث يؤكد مختصون في العقار ان بيع الوحدان السكنية سيحقق مبلغا يصل الى 1.7 مليار ريال تكفي لتحريك قوائم انتظار 3500 مواطن في صندوق التنمية العقاري، حيث يراوح سعر الوحدة السكنية وفقا لتقديرات السوق العقارية بين 1.5 1.7 مليون ريال.