لا يمكن الفصل بين ما تعانيه الأحياء الشعبية (العفوية) في جدة من تدن في مستوى الخدمات البلدية، وقصور واضح في الجانب الهندسي من حيث التوزيع السلبي للطبيعة المساحية على أرض الواقع، وتلاصق منازلها الشديد إلى حد جعل من شوارعها الداخلية مجرد أزقة ضيقة، والمفرزات الاجتماعية الطارئة التي أخرجتها من خلال تشكيلها بيئة خصبة لمخالفي نظام الإقامة والعمل. وأكد ل«عكاظ» المتحدث الأمني في جوازات منطقة مكةالمكرمة المقدم محمد الحسين استمرار الحملات وفق آلية مجدولة لملاحقة جميع المخالفين، موضحا أن من يقبض عليهم يحولون إلى إدارة الوافدين ليتم عرضهم على نظام البصمة للتأكد من عدم وجود بلاغات عليهم أو ملاحظات، ليتم تسفيرهم إلى بلدانهم بعد التنسيق مع سفارات بلدانهم وقنصلياتها في المملكة. من جهته، قال المتحدث الأمني في شرطة جدة العميد مسفر الجعيد إن الجهات الأمنية تعمل وفق خطة تعتمد على تكثيف الحملات الأمنية المنفذة من دوريات الأمن، مؤكدا تواجد الدوريات الأمنية ودوريات البحث الجنائي على مدى ال24 ساعة لحفظ الأمن داخل الحي. وأشار العميد مسفر الجعيد إلى وجود تعاون مع الجهات الحكومية بهذا الصدد، إضافة إلى تخصيص الرقم: 6425550، لتلقي البلاغات والملاحظات غير الطارئة التي يعاني من السكان في الشأن الأمني، حيث يتم اتخاذ اللازم حيالها بعد التأكد من صحة المعلومات. يشار إلى أن دراسة اجتماعية حديثة حذرت من استمرارية تدفق العمالة إلى المملكة دون تقنين يستند إلى احتياج السوق الفعلية لليد الوافدة، تحديدا من ناحية العدد والمؤهل المهني. وأفادت الدراسة بأن القطاعات الخدمية باتت بشكل كبير تحت سيطرة العمالة، إضافة إلى تفشي ظاهرة البطالة المقنعة بين أعداد كبيرة من الجاليات، مشيرة إلى أن ذلك أسفر عن ظهور السلبيات التي تؤثر على مكتسبات الوطن الأمنية والاقتصادية كترويج المخدرات والخمور والجرائم المالية كالسرقة والنصب والاحتيال، ولم يقف هذا الخطر الناجم عن سلبيات العمالة عند هذا الحد، بل تعدى إلى ما هو أبعد مع ظهور حالات جنائية كالاغتصاب والقتل. ويقول سعود حامد (من سكان الطائف) إن عمله سائقا على سيارة الشحن التي يمتلكها لكسب لقمة العيش جعل منه شاهدا على المنعطفات التي عاشتها معظم الأحياء الجنوبية في جدة؛ غليل، المصفاة، الكرنتينة، والثعالبة، باعتباره كان يتوقف في الأحياء السابقة لإيصال البضائع طوال سنوات عمله. ويضيف سعود حامد «مع تواصل النمو السكاني وتكاثر أبناء الجاليات، بدأت سيطرتهم تتنامى بذات الوتيرة حتى باتت معظم المفاصل التجارية كالبقالات ومكاتب الشحن الخاصة بالبضائع لا تخلو من سيطرتهم، واستمرت الظاهرة إلى حد بروز ثقافتهم الغذائية من خلال بسطات المأكولات الأفريقية». من جهته، أبدى بدر مطر الشدادي (من أهالي جدة) استغرابه الشديد من انتشار تجمعات العمالة السائبة في أجزاء واسعة من أحياء جدة وشوارعها، بشكل يؤكد أن البلد لم يعد محتاجا لهذا العدد الكبير من العمالة التي لا تزال في المقابل أعدادها تتضاعف عاما بعد آخر، من خلال استمرار فتح باب التأشيرات دون الالتفات إلى حاجة الوطن النوعية والعددية. ويرى بدر الشدادي أن السلبيات قد تصل إلى مستويات أعمق خطورة إذا لم يتم تدارك الأمور، وبالأخص مع توالد أعداد من أبناء تلك الجاليات الذين مكنتهم الظروف من استقدام أسرهم وتكاثرهم بطريقة مخيفة، مشيرا إلى أهمية العمل الجاد إلى إعادة صياغة أوضاع جزء كبير من تلك العمالة التي لم يعد لها احتياج، مستدلا على التجمعات الظاهرة للوافدة في الشوارع الرئيسة كل صباح بحثا عن فرصة عمل، ما يؤكد انتشار البطالة بين أوساطهم نظرا لعدم مواءمة خبراتهم المهنية مع سوق العمل الفعلية. بدوره، وصف محمد السلمي (من أهالي جدة) الحالة التي تعانيها الأحياء الشعبية في جدة نتيجة للعمالة السائبة بأنها مؤسفة ولا تبشر بخير، مضيفا «أي متابع لأوضاعها والجنسيات التي ينتمي لها أفراد تلك العمالة سيرى أن هناك تقسيمات جغرافية لكل جالية طرأت أخيرا، حيث يتركز الوجود الأكبر للجنسية الأفريقية في جنوب المحافظة وأجزاء محددة في منطقة الشمال، خصوصا في البوادي، بني مالك، الجامعة، وجسر العمال في حي الروابي، فيما تتوزع بقية الجاليات سواء الآسيوية أو العربية في مجاميع صغيرة في الأحياء الغربية للمحافظة على مستوى واسع».