تكثر في جدة قصص غريبة أبطالها مخالفون للأنظمة والتعليمات، منها ما يحدث عند جسر كيلو 8 أو ما يعرف ب «كوبري العمال»، قصة لم تنته منذ عشرات السنين عنوانها «تجمع وبيع وشراء لا يخلو من أعمال مشبوهة». أبطال هذه القصة كما هو الحال في كثير من المواقع، مخالفون للأنظمة والتعليمات بعد أن أمنوا من العقاب، ومثل هذه التجمعات عادة ما تكون أحد أسباب إساءة السلوك، فرغم ما يشهده هذا الموقع من حملات مستمرة على المخالفين، فإنه لا يزال ومنذ عشرات السنين، أفضل المواقع التي يقصدها المخالفون حيث الأنس والاجتماع مع الأحبة تحت ظلال الجسر نهارا وفي فضاءاته المفتوحة ذات الهواء الطلق مساء. ومما يشجع على مثل هذه التجمعات وجود مطاعم عشوائية تتوفر فيها جميع متطلباتهم من مأكولات ومشروبات تعدها نساء أفريقيات لزبائنهن الذين تعودوا على ارتياد هذا الموقع، وكثيرا ما يترتب على هذه التجمعات العديد من المشكلات التي تعكس سلوكا غير حضاري يمارس نهارا جهارا وأمام كل من تسوقه قدماه إلى هناك. «المدينة» قامت بجولة ميدانية في المنطقة أسفل جسر كيلو 8 ورصدت هذه التجمعات المريبة وحركة البيع والشراء بين مخالفين من مختلف الجنسيات، رجال ونساء مخالفون يجتمعون أسفل هذا الجسر دون رقيب أو حسيب، وما قد يترتب على ذلك من ممارسات مشبوهة بعد الانتهاء من أحاديث الانس. محطة أولى في جدة يوسف سرور (أحد سائقي الشاحنات) يقول: تعودت أن يكون جسر كيلو 8 أول محطة تستقبلني في كل مرة أصل فيها إلى جدة لتوصيل بضائع، حيث أجد عددا من أبناء جاليتي الذين يجتمعون هنا كل يوم لتبادل أطراف الحديث بين بعضهم البعض. وعن بعض السلوكيات الخاطئة التي قد تحدث من البعض قال: «نحن نشرب الشاي والقهوة التي تعدها نساء من الجالية الافريقية، وليس لنا أي علاقة بما قد يحدث هنا أو هناك من ممارسات مشبوهة. وذات الرأي يدعمه عمار (سائق شاحنة) قائلا: نحن نأتي إلى هنا فقط لقضاء بعض الوقت، ولو كان وجودنا ممنوعا لما استمر طيلة هذه السنوات، وهذه الجلسات على مرأى من الجميع، وتشهد إقبالا كبيرا من كل أصحاب الشاحنات لتوفر الاكل والشرب بمبالغ قليلة جدا، خاصة مع وجود العديد من الاكلات المفضلة لدينا ومنها «العصيدة». نطالب بتخل الأمن وبالمقابل يقول جعفر البيضاني وهو أحد العاملين في محلات مجاورة لموقع تجمع العمالة: نشهد يوميا هذه التجمعات المخيفة للكثير من العمالة المخالفة تحت هذا الجسر، وما يقومون به من عمليات بيع وشراء دون أي رقيب أو حسيب، ونحن نطالب الجهات الامنية بالتدخل لمنع مثل هذه التجمعات، مع ضرورة تواجد الامانة لإزالة مخلفاتهم التي أصبحت تطغي على هذا الموقع ومصادرة أدوات الطبخ الخاصة بهم. بدوره يقول عبدالله المعبدي: أتعجب من هذه التجمعات التي تتم على مرأى الجميع، وأبطالها عمالة مخالفة لا نعلم ماذا يبيعون ويشترون، وهنالك أعمال مشبوهة تتم أسفل هذا الجسر تحت غطاء البيع والشراء. وطالب بضرورة تكثيف الجهود لتطهير هذا الجسر من المخالفين الذين يعكسون سلوكا غير حضاري عن عروس البحر الأحمر. الشرطة: دوريات سرية للمتابعة وهاتف مجاني للبلاغات أكد المتحدث الرسمي لشرطة محافظة جدة العميد مسفر الجعيد أن الحملات التي تقوم بها الدوريات الأمنية مستمرة على كل المواقع التي تعج بالعمالة الوافدة على مدار الساعة وبصفة يومية، مشيرًا إلى وجود حملات منفردة وأخرى مشتركة مع باقي الجهات الامنية والحكومية المعنية للحد من مخالفات العمالة الوافدة، فهناك قوة ميدانية في الضبط الاداري لشرطة جدة تقوم بحملات يومية على العديد من الاحياء والاماكن التي تشهد تجمعات للمخالفين. وأضاف: وهناك دوريات سرية تتابع المواقع التي تعج بالعمالة الوافدة، مع وجود دوريات رسمية تتمركز على مدار الأربع والعشرين ساعة في جميع المواقع التي تعج بهذه العمالة، والتي تكثر بها التجمعات البشرية، مشددا على عدم التهاون مع أي مخالف مهما كانت المخالفة. وطالب العميد الجعيد المواطنين والمقيمين بالتعاون مع رجال الأمن في الابلاغ عن الأماكن التي تعج بالعمالة المخالفة، وذلك بالاتصال على الهاتف المجاني (6425550) الذي خصصته شرطة جدة لتلقي الشكاوى والملاحظات من قبل المواطن والمقيم عن أي مخالفة، مؤكدا أن للمواطن والمقيم دورًا كبيرًا في الحد من المخالفات والحفاظ على الأمن من أي تصرف خاطئ، وشدد على عدم التعامل مع هؤلاء المخالفين أو تسكينهم أو تشغيلهم حتى لا يعرض الشخص نفسه للمساءلة والعقاب. الجوازات: حملات تمشيطية لمواقع تجمع العمالة الوافدة من جانبه أوضح المتحدث الرسمي لجوازات منطقة مكةالمكرمة الرائد محمد الحسين أن دوريات الجوازات تقوم بعدد من الحملات التمشيطية لعدد من الاحياء والاماكن التي تعج بالعمالة الوافدة، خاصة بعد موسمي الحج والعمرة لملاحقة المخالفين لأنظمة الاقامة والعمل. وبين أن هناك مراقبة مستمرة من قبل فرق البحث والتحري بجوازات المنطقة لأماكن التجمعات التي تعج بالعمالة المخالفة ليتم القبض عليهم وتسفيرهم إلى بلدانهم بعد عرضهم على نظام البصمة. وأشار إلى أن الجوازات تقوم بحملات مشتركة مع الشرطة والأمانة ومكافحة التسول لملاحقة المخالفين، وهي جزء لا يتجزأ من أي دائرة أو جهة حكومية تقوم بعملها، مطالبا بضرورة تعاون المواطنين والمقيمين بالإبلاغ عن العمالة المخالفة وعدم التستر عليها.