الذي يزور هذه الأيام حلقة الخضار أو يتجول في الأسواق والمراكز التجارية أو الشوارع الرئيسة الكبرى أو إشارات المرور، يشك أننا مقبولون على تحقيق معادلة (متسول لكل مواطن)، بل إن أحد المتسوقين في حلقة الخضار قال متهكما «أخشى أن يصبح المتسولون هنا أكثر من الزبائن». ورغم أن المتسولين ليس لهم شهر بذاته يمارسون فيه نشاطهم، إلا أن رمضان يظل شهرا خاصا عند هؤلاء، حيث يتفاقم نشاطهم السنوي ويبلغ ذروته في هذا الشهر. وزارة الشؤون الاجتماعية أكدت أن دور الوزارة في ملف المتسولين واضح، وأنها تسعى لمعالجة أوضاع المتسولين، حيث تشير الإحصائيات إلى أن أكثر من 85 في المائة منهم من الأجانب، وهؤلاء ليسوا من مسؤولية الوزارة التي تهتم بوضع المتسول السعودي، حيث يتم التعامل معه من خلال خمسة أنواع، فإما أن يكون قادرا على العمل وهذا يوجه لمكتب العمل، وإما أن يكون يتيما فيوجه لدور الأيتام، وكبير السن يوجه لدار المسنين، وإما أن يكون معرضا للانحراف فيوجه لدور التوجيه والملاحظة، وإذا كانت امرأة فتوجه لدور المسنات، وبينت الوزارة أنه لا توجد لديهم أية عقبات في التعامل مع المتسول السعودي، والنظام واضح في ذلك، والمتسول غير السعودي ينتهي به المطاف إلى الترحيل ويتولى ذلك جهات أخرى. مواطنون قالوا «تكاثرت تمثيلية الرجل الأنيق الذي يدعي مجيئه من الرياض أو الخبر لأداء العمرة، وضاعت منه نقوده ويحتاج فقط لعشرة ريالات لتعبئة البنزين، وآخر يتصيد الزبائن داخل المستشفيات بطلب 15 ريالا لاستكمال علاج والدته، ومثلها عشرات الحالات. وقال مدير مكافحة التسول بجدة سعد الشهراني، إنه يتم تنظيم حملات بالتعاون مع الجهات المختصة، وإن التسول في الأخير هو مسؤولية مشتركة لجهات عدة وليس جهة واحدة. وأضاف أنه يتم القبض على المتسولين على مدار العام، وتتضاعف الأعداد في رمضان والأعياد والحج، واتضح من خلال الإحصائية أن غالبيتهم من الأجانب ويشكلون النسبة الكبرى وأنهم يكثرون في رمضان. وقال إن إمارة منطقة مكةالمكرمة، وبتوجيه من أمير المنطقة الأمير خالد الفيصل، تم تشكيل لجنة من جهات عدة وهي لجنة ميدانية مكونة من إدارات الشرطة، المرور، الجوازات، هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدوريات الأمنية، وإدارة المجاهدين، ومكتب مكافحة التسول، وتجتمع دوريا للحد من ظاهرة التسول وملاحقة المتسولين والقبض عليهم والتعامل معهم وفق النظام، وأضاف أن هناك انخفاضا في نسبة المتسولين السعوديين، وقبض على متسولين سعودين اثنين على مدار اربعة أشهر. وزاد أن المتسولين الأجانب تتم إحالتهم إلى إدارة الوافدين لترحيلهم وفق التعليمات، أما المتسولون السعوديون فتتم إحالتهم إلى مكتب مكافحة التسول في جدة لدراسة حالتهم، والتأكد من وضعهم ومن ثم إحالتهم إما للضمان الاجتماعي أو للجمعيات الخيرية لمساعدته، ويؤخذ عليه التعهد اللازم، وفي حالة تكرار تسوله بلا مبرر وأنه غير محتاج، فيتم رفع الأمر للإمارة للتوجيه حياله. وقال إن نسبة المتسولين السعوديين في السنوات الماضية وفق الإحصاءات الصادرة من وزارة الشؤون الاجتماعية على مستوى المملكة، تصل إلى 7 في المائة من المتسولين السعوديين خلال العام الواحد، لكن نسبة المتسولين السعوديين في جدة هذا العام أصبحت منخفضة جدا. ومن المشاهد المنقولة في ملفات التسول ما كشفته أجندة المكافحة من أن متسولا كان يتمثل أنه معاق «رجل مقطوعة» وإلى جواره عكازه .. وما إن يشاهد رجال الأمن حتى أطلق «قدميه» للريح.. وآخر ترك كرسيه المتحرك ولاذ بالفرار.. وحالة أخرى لعائلة جميع أفرادها متسولون وكل شخص لديه جوال بكاميرا يتبادلون به المعلومات.. كما تم القبض على متسول لديه تقرير طبي أن ابنه مريض بالسرطان ويريد علاجه ثم تبين أنه غير متزوج وليس له أبناء. وفي قراءة مفصلة لملف التسول بجدة نجد الأرقام تشير إلى أن 85 في المائة من المتسولين هم من غير السعوديين، وأن 35 في المائة من هؤلاء غير فقراء ولكنهم امتهنوا التسول كوسيلة للكسب السريع، وأن 40 في المائة من المتسولين هم أسر وليسوا أفرادا. وروى ل«عكاظ» مواطنون ومواطنات مختصون في الشأن الاجتماعي منهم طارق الحربي ورفعة المطيري ومحمد الغامدي وعلى باسهل سيناريوهات استدرار جيوب المحسنين، إذ لم تعد عبارات الاستجداء المباشر والملابس المهترئة والعاهات المصطنعة هي المسيطرة على المشهد، بقدر ما أضاف إليها المتسولون طرقا أخرى أبرزها سيدات أو رجال بكامل أناقتهم، للإيحاء بأنهم ليسوا متسولين أو حرفيين في هذا النشاط، بل هم من علية القوم وأغنيائهم، غير أن الظرف الطارئ هو الذي فرض عليهم طلب المعونة.