في حي السلامة بجدة، بمحاذاة تقاطع شارع قريش مع طريق المدينة، ثمة مبنى زجاجي من ثمانية طوابق، هذا المبنى هو الملجأ الأخير للمواطنين والمقيمين لرفع الظلم عنهم، عندما يلحقهم الضرر من أية جهة حكومية أو وزارة، هذا المبنى هو ديوان المظالم أو المحكمة الإدارية، حيث يراجع هذا المبنى يوميا مئات المراجعين، في قضايا إما في دعاوى ضد جهات حكومية بطلبات أو تعويض أو إلغاء قرارات حكومية، أو إلزام جهات حكومية بتنفيذ قرارات ما، أو مراجعون في قضايا تجارية بسبب خلافات بين تجار، أو متهمين في قضايا جنائية من اختصاص ديوان المظالم، مثل الرشوة والتزوير والتزييف وغير ذلك. والراصد لمقر ديوان المظالم، يدرك للوهلة الأولى جمالية المبنى، رغم أنه مبنى مستأجر لكنه يضايق سكان الحي والعمائر المجاورة، حيث يصعب على المراجعين العثور على موقف حول مقر ديوان المظالم، فيضطر كثير منهم للوقوف الخاطئ في أماكن مخصصة لسكان الحي، فضلا عن ندرة تلك المواقف، بل إن المواقف حول مقر ديوان المظالم بالكاد تتسع لسيارات القضاة في الديوان، رغم أن بوابة مقر ديوان المظالم تقع على شارع بعرض 15 مترا من الجهة الغربية، وهو ما يعكس الزحام حول المبنى. وكشفت جولة ميدانية ل «عكاظ» مع مراجعين للديوان عن عدد من القضايا؛ منها مباشرة ديوان المظالم لعدد من الدعاوى في قضايا مقامة ضد أجهزة الدولة مثل قضية ضد وزارة النقل، وأخرى ضد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وثالثة ضد أمانة جدة، وقضية طعن على تعويض ضد وزارة المياه والكهرباء، وقضية ضد هيئة الطيران المدني بطلب تعويض عن أراض تم نزعها لصالح مشاريع ورفض أصحابها تقدير التعويض، ورصدت «عكاظ» قضايا جديدة منظورة ضد وزارة الحج، ووزارة التربية والتعليم، بطلب منح وإلغاء قرارات إدارية، وقضايا لأصحاب مستوصفات أهلية ضد وزارة الصحة، وقضايا ضد إدارة الوافدين بالجوازات وهذا ملخص القضايا الإدارية، يضاف إليها عشرات من قضايا العقود التجارية ومساهمات في الدوائر التجارية. ورصدت «عكاظ» قضايا لمواطنين منذ سنوات، يشكون فيها من تأخر قضاياهم في محاكم الاستئناف الإداري، بعد أن صدرت لهم أحكام أولية من المحاكم الإدارية قبل أعوام عدة، لكنها لم تنته في محاكم الاستئناف. وقال طلال الناشري نيابة عن عدد من المدعين في شكواه المرفوعة إلى رئيس ديوان المظالم الجديد، إنه حصل على حكمين بالتعويض قضت بإلزام هيئة الطيران بتعويضهم عن عقاراتهم المنزوعة لصالح مشروع إنشاء مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة قبل 33 عاما، ورفعت مع عشرات من الأحكام المماثلة لمحكمة الاستئناف للنظر في اعتراض هيئة الطيران المدني، وانتظرنا ما يقارب 33 عاما للحصول على التعويض. المنسق وممثل المركز العربي الأوربي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي في المملكة، المحامي بدر بن فرحان الروقي، تمنى الإسراع في عمليات التدقيق بعد صدور الحكم، لأنه يأخذ فترة طويلة تصل إلى عام ونصف العام، وكذلك تفعيل الأحكام الغيابية على الدوائر الحكومية، لمنع مماطلة المتخلفين عن الحضور. المحامي أحمد بن خالد الأحمد السديري، أحد المحامين المتخصصين والمترددين على المحكمة الادارية، قال «بالنسبة لمقر ديوان المظالم الحالي في جدة، فهو شقق سكنية لا تصلح كمجالس للقضاء، فديوان المظالم هو المحكمة التى تفصل بين الناس، والدولة، لرد المظالم التى تقع على المواطنين من بعض إدارات الدولة، ويلزم أن يعقد جلساتها في صالات رحيبة، تتسع لكل من حضر الجلسات التى يلزم أن تكون علنية، أما المواعيد بين الجلسات فهى لقلة القضاة يفصل في ما بينها بالشهور، أما دوائر التدقيق، فالقضية أمامها تمكث عامين أو ثلاثة أو أربعة دون البت فيها، والسبب هو قلة القضاة، صحيح أن قضاة جددا عينوا، لكن أغلبهم لم يدرس القانون الإداري، ولا يخال أحدا أن يفصل قاض المظالم في خصومة بين الدولة ومواطن، إذا لم يكن عارفا بنظريات القانون الإداري، والحل إحضار أساتذة للقانون الإداري من مصر، يعطون دورات للقضاة حديثي التعيين في هذه القوانين.