أبلغت «عكاظ» مصادر قضائية مطلعة رصد قضايا تعويض عن نزع ملكيات أراض أو طعن في تقدير أراض أو التعويض الإجراءات الجزائية والمنظورة حاليا في المحاكم الإدارية (ديوان المظالم) يقارب سبعة آلاف قضية. وتحتل جدةوالرياض المرتبة الأولى في عدد قضايا طلبات التعويض ضد وزارات وجهات حكومية، بزيادة 20 في المائة عن العامين الأخيرين. وقالت المصادر إن الدائرة الإدارية الواحدة تتلقى نحو 500 دعوى في العام الواحد في المحاكم الرئيسة مثل جدةوالرياض وينقص العدد إلى 250 دعوى في المحاكم الإدارية في المدن الأقل عددا، مثل أبها والجوف. وقالت المصادر إن نحو 30 في المائة من تلك القضايا صدر أحكام فيها خلال العام الحالي وتواصل الدوائر الإدارية المختصة استكمال النظر في بقية القضايا. ووفق ذات المصادر فإن الوزارات التي تواجه دعاوى التعويض عن نزع ملكيات أو الطعن في التثمين هي وزارتا النقل والبلديات ممثلة في الأمانات الكبرى والبلديات ووزارة المياه والكهرباء وهيئة الطيران المدني، ويطالب المدعون في دعواهم تطبيق نظام نزع ملكية العقار للمنفعة العامة ووضع اليد المؤقت على العقار، وهو ما يقود إلى التعويض النقدي عن الأراضي المنتزعة وفق القيمة الحالية وليس بقيمتها وقت النزع، كما تتضمن الدعاوى الطعن في تقدير الجهة الحكومية لسعر الأرض. وتعتبر الأحكام التي تصدرها المحاكم الإدارية (ديوان المظالم) أحكاما ابتدائية قابلة للطعن وترفع إلى محكمة الاستئناف لتدقيق الحكم وهي مرحلة تالية من التقاضي. وقالت مصادر مطلعة إن الجهات الحكومية المدعى عليها تستأنف جميع الأحكام الابتدائية الصادرة بحقها بقوة النظام وتكتفي بعض تلك الجهات بالاعتراض على الحكم دون تقديم لائحة مكتفية بطلب التدقيق أمام محكمة الاستئناف الإداري، فيما تواجه محكمة الاستئناف الإداري ازدحاما كبيرا يتسبب في تأخر البت في القضايا وتحتاج إلى مدة تتراوح من عام إلى عام ونصف في المتوسط لتدقيق الحكم، في حين أن أحكاما صدرت لمواطنين على جهات حكومية لا تزال تدقق أمام محكمة الاستئناف الإداري منذ ثلاثة أعوام ولم تنته بعد، ووفق النظام القضائي لا يكتسب الحكم القطعية إلا بعد أن توافق محكمة الاستئناف ليصبح واجب النفاذ. ويرجع مختصون أسباب تزايد القضايا المقامة أمام ديوان المظالم ثقة في إنصافهم من التجاوزات التي تسلكها أجهزة حكومية ضد المواطن في تطبيق الأنظمة والتعليمات إضافة للوعي الذي يتمتع به المواطن. فيما تباينت الآراء بين قضاة ومحامين ومختصين في الشأن القضائي حول أهمية ومكانة المحامي في العمل القضائي، إذ دارت نقاشاتهم في الملتقى الذي نظمه نادي القانون في جدة البارحة الأولى واحتضنته قاعة صالح كامل في مركز الاقتصاد الإسلامي التابع لجامعة الملك عبدالعزيز. واستمر التجمع نحو ثلاث ساعات، بمشاركة رئيس المحكمة الجزئية في جدة الشيخ عبد الله العثيم ورئيس الدائرة الإدارية التاسعة الشيخ عبد اللطيف الحارثي والشيخ حمد الرزين القاضي في محكمة الرياض العامة، ورئيس لجنة المحامين في الغرفة التجارية في جدة الدكتور ماجد قاروب، فيما أدار الملتقى المشرف على النادي الدكتور محمد القحطاني بحضور من مسؤولي الجامعة وقضاة في المحاكم وديوان المظالم ومنسوبي هيئة التحقيق والادعاء العام وهيئة الرقابة والتحقيق وشرطة جدة وجمعية حقوق الإنسان ومحامين وطلاب القانون في الجامعة. واعتبر مشاركون في الملتقى أن المحامين هم شركاء في المنظومة العدلية، رافضين عبارة أطلقها البعض بأن المحامين أعوان القضاة، ورأى قضاة أن بعض المحامين يحتاجون إلى إعادة تأهيل وتخصص في المجال، عقب تخصيص أعمال المحاكم فأصبحت هناك محاكم مختصة بقضايا الأسرة وأخرى بقضايا العمال وثالثة للقضايا التجارية وهو ما يؤكد الحاجة إلى محامين متخصصين. وانتقد قضاة ومشاركون تصرفات بعض المحامين في المحاكم وعدم إلمامهم بأنظمة الإجراءات الجزائية أو المرافعات الشرعية والمحاماة والتي يعتبرها القضاة من أهم أسس الترافع أمام المحاكم. كما انتقدوا تأخرهم في حضور الجلسات وارتفاع رسوم أتعابهم وتغليب مصالحهم المادية دون الاعتبار للبحث عن إنصاف المظلوم ومعاقبة الجاني. ويرى القاضي الرزين أن بعض المحامين الذين يعتمدون في مذكراتهم أمام المحاكم على مستشارين وافدين يعملون في مكاتبهم ويكتبون لهم أحيانا بعبارات ولهجات واضحة وعندما تسأل وتناقش المحامي في المذكرة يقر أن مساعدا في المكتب من جنسية عربية كتبها. وانتقد مشاركون في الملتقى غياب المعونة القضائية التي ترتكز على مساهمة محامين بالتطوع للدفاع عن سجناء ومتهمين غير قادرين على دفع رسوم المحامي. وكشف القاضي عبد اللطيف الحارثي رئيس الدائرة الإدارية التاسعة في ديوان المظالم في جدة أن 90 في المائة من قضايا المحكمة الإدارية يتابعها محامون، فيما أكد رئيس المحكمة الجزئية الشيخ عبد الله العثيم في جدة أن نحو 50 في المائة من القضايا الواردة إلى المحكمة الجزئية يتابعها محامون، مرجعا تدني هذه النسبة إلى أن أكثر القضايا المنظورة مثل قضايا السكر والمخدرات والمعاكسات والمضاربات والحقوق دون 20 ألف ريال في الأغلب لا يعتقد أصحابها أنهم بحاجة إلى محام في ظل التكاليف المرتفعة لأتعاب المحامين. وانتقد محامون تأخر القضاة في الدوام وتهديد بعضهم للمحامين بسحب الترخيص أو الإيقاف 24 ساعة إضافة إلى كثافة القضايا المنظورة أمامهم وكثرة غيابهم عن العمل وتأجيل القضايا، وذهب بعضهم إلى القول إن «الجلسة تحدد مثلا في موعد الثامنة صباحا ولا تبدأ إلا الحادية عشرة ظهرا وعلى هذا المنوال». إزاء ذلك رد القاضي حمد الرزين أن المحاكم تحتاج إلى خطة طوارئ لمواجهة تغيب أي قاض لأي ظرف طارئ، مرجعا سبب تأخر القضايا إلى قلة عدد القضاة وعدم وجود مساعدين للقاضي وعدد كاف من الموظفين. وقال الرزين ساخرا «بعض الخصوم يأتي للجلسة الساعة 10 صباحا ويبرز للقاضي كرت الصعود للطائرة بعد الظهر ويطلب السرعة في الجلسة رغم نصحي لكثير من المتقاضين بأن يستأذنوا من أعمالهم يوم الجلسة ويفضل أيضا يوما قبل الجلسة ويوما بعدها». ورحب رئيس المحكمة الجزئية باستقبال الطلاب في قسم الأنظمة للتدرب في المحكمة، مشترطا التنسيق المبكر. وبذات الطريقة رحب القاضي عبد اللطيف الحارثي «بالمحامين المتدربين والطلاب لحضور الجلسات في أي وقت ودون تنسيق على اعتبار أن الاصل في النظام علانية الجلسات وديوان المظالم لديه مشروع لتصوير وبث جلسات التقاضي في المحاكم الإدارية». ورد رئيس اللجنة الوطنية للمحامين السعوديين رئيس لجنة المحامين في غرفة جدة الدكتور ماجد قاروب أن وزير العدل أبلغه أخيرا أن مشروع هيئة المحامين رفع إلى المقام السامي لاستكمال دراسته، واصفا المشروع بأنه سيحسن البيئة العدلية المشتركة بين القضاة والمحامين ويحقق لفئة المحامين مطالبهم الخاصة. وأعلن قارب أن وزير العدل طلب منه بصفته رئيسا للجنة المحامين التنسيق لملتقى يحضره وزير العدل ووزير الإعلام يبحث علاقة القضاء والإعلام وأهمية أن تكون العلاقة مبنية على أسس سليمة تحقق الأهداف المنشودة لكل طرف. وقال قاروب: أعلن أن مشروع الملك عبد الله لتطوير القضاء مخطط أن ينفذ في خمس سنوات، ولكن نلمس أن هناك من يسعى لأن يكون المشروع في 50 عاما، كونه يحد وينهي من تدخلات البعض لعرقلة توطين الخبرات وقصر الدفاع أمام القضاء على المحامين المرخصين من وزارة العدل واستعادة أتعاب سنوية تقدر بنحو أربعة مليارات ريال تحصل عليها مكاتب أجنبية وعربية من عملاء سعوديين. وأكد متداخلون من الحضور أن الأصل هو تفعيل نظام المحاماة، وأن قبول المحكمة للوكلاء بالتجاوز على نظام المحاماة سببه العزوف الحالي للمحامين في القضايا الجنائية. وطالب عدد من المحامين تفعيل نظام المحاماة في المملكة الذي يقصر الترافع أمام المحاكم وديوان المظالم واللجان القضائية في المملكة على المحامين المرخصين من وزارة العدل الذين يتجاوز عددهم 1300 محام. وقالوا إن الأوامر الملكية التي صدرت أخيرا لتفعيل نطام القضاء الجديد حفزت المحامين السعوديين على رفع مطالبهم للجهات المختصة لتفعيل نظام المحاماة السعودي. وكان الملتقى قد تطرق إلى أربعة محاور، حيث تحدث في البداية الشيخ عبد الله العثيم رئيس المحكمة الجزئية في جدة عن العلاقة بين القضاء والمحاماة شارحا الأسس القويمة للمحامي الناجح ومقدما ملاحظات وكيفية معالجتها. كما قدم القاضي عبد اللطيف الحارثي رئيس الدائرة التأديبية السابعة والدائرة الإدارية التاسعة في ديوان المظالم ورقة عمل عن دور المحامي في القضاء الإداري، وقال «حق الدفاع حق مقدس من الحقوق الأساسية للإنسان يقاس به المستوى الحضاري للمجتمع ومن هذا المنطلقِ كانت مهنة المحاماة رسالة إنسانية سامية». وفي ذات اللقاء، قدم القاضي حمد الرزين ورقة عمل عن حقوق وواجبات المحامي تحدث عبرها عن أهمية وجود محام متخصص منتقدا محامين لا يعرفون أنظمة القضاء. وقدم آخر ورقة عمل رئيس لجنة المحامين الدكتور ماجد قاروب عن مكانة المحامي، تحدث خلالها عن تطور المهنة وشرح معوقات العمل في المحاماة وبعض الشكاوى المشتركة بين الأطراف.