قال لي أبو عبد الله: مقالك كلام × كلام، وتنظير × تنظير، ولا يمكن تطبيق ما كتبت، فقلت له: لن أضرب لك مثالا خياليا ونموذجا مريخيا، سأعرض لك ميزانية عائلة فلسطينية لتشاهد بأبين دليل وأوضح برهان الفرق بين التدبير والإنفاق. أسرة تحت الاحتلال الصهيوني زوج يعول أربعة أولاد بجميع المراحل التعليمية زوجته تعمل، ومجموع الراتبين ثمانمائة دولار، قبل الشهر يجلسون جميعا باجتماع أسري رقيق رفيق يرسمون خطة الإنفاق بل والادخار ولو كان قليلا لمواجهة تأخر الرواتب أو احتمالية هجوم صهيوني يبدأ بتسديد فاتورة الكهرباء والهاتف والماء حوالى 120دولارا، ثم المرحلة الثانية شراء التموين الشهري دفعة واحدة حوالى 200 دولار، ثم ما ينفقه على الأبناء في المدرسة بدون مصروف جيبي لهم 40 دولارا، وتأتي المرحلة الثالثة من المصروفات اليومية والزيارات والمواصلات 100دولار ويقوم الزوج بإعطاء والدته 40 دولارا، والزوجة لأمها المسنة 35 دولارا، والعلاج 52 دولارا، و15دولارا هدايا ومجاملات، و150دولارا جمعية تنفق على الطوارئ والسلع المعمرة، ثم الادخار حوالى ( 25 : 50 ) دولارا. وتشير الزوجة لمجموعة من الاستراتيجيات التي تواجه بها العجز في الميزانية منها: التسوق المثالي، طبخ استراتيجي يكفي ليومين أو ثلاثة أو أكثر من وجبة، ترشيد استهلاك الماء والغذاء والكهرباء، إيجاد البديل لكل ما يؤثر في الميزانية مثل الخروج لمتنزه مجاني أو البحر بدلا من الملاهي، عمل وجبات بروتينية من النباتات بدلا من اللحوم، شراء حاجيات الصيف في فصل الشتاء والعكس، استغلال مواسم التخفيضات والعروض، محاولة أن تكون الأسرة منتجة لا مستهلكة من عمل الأبناء في الإجازات أو عمل مشغولات يدوية وبيعها.. وهناك أسر فلسطينية أقل دخلا يأكلون ويشربون ويضحكون ويتمتعون، وأيضا يجاهدون، ونحن في نهاية الشهر «مديونون»!!. * مدرب ومستشار أسري [email protected]