إن من حكم الله تبارك وتعالى أنه فضل بعض الناس على بعض تارة في الرزق والمال وتارة في الجمال والصحة وتارة في العلم والأدب. والشيخ أحمد عبدالغفور عطار الذي انتقل إلى بارئه قبل سنوات خصه الله سبحانه وتعالى بالعلم وجعله من أهله وهذه والله نعمة كبرى للراحل الطيب. وكما هو معروف أن جميع الأشياء قد تنسى مع الأيام إلا سيرة العلماء والفضلاء الذين تركوا ميراثا للأجيال تلو الأجيال فأسماؤهم باقية وإن رحلوا بأجسادهم، وجهدهم يجري مثل الدم في الجسد يستفيد منه كل باحث عبر الزمن. فالعطار رحمه الله ترك شيئا كثيرا ومؤلفات جمة وقد قرأت له في الصحف والمجلات وفي الإذاعة والتلفاز أحاديث مفيدة أذكرها أياما وأياما، فكانت أحاديثه ذات أثر عظيم في نفوس المستمعين والسبب في ذلك شدة تمسكه وعنايته بالتراث بأنواعه أدبا ولغة وتاريخا. وهذا الذي رفع للشيخ أحمد العطار رحمه الله منزلة بين أدبائنا الكرام وعلى إثر ذلك نال جائزة الأدب من لدن خادم الحرمين الشريفين. وكان رحمه الله يجمع بين الجد والهزل فأول مرة اجتمعت به في بيته وجدته رجلا نحيلا ضعيف البنية وكأنه يعرفني منذ أمد بعيد لحسن خلقه وتواضعه مع الصغير والكبير، وكان مجلسه لا يخلو من الطرفة والفكاهة والهزل.وفي المرة الثانية سمعت له كلمة في المركز الإعلامي في مكة ووجدته رجلا آخر غير الذي عرفته في بيته يدافع عن العقيدة الإسلامية كما يدافع عن عرضه وبيته، وتيقنت يومها أن الرجل يملك ذخيرة طيبة من العلوم الدينية والعربية والثقافية والأدبية رحمه الله رحمة واسعة. عبد الغفور عبد الكريم عبيد