بتأثير واضح ألقى معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة كلمة، استعرض فيها مناقب الدكتور محمد عبده يماني -رحمه الله- ومكابدته للحرف والكلمة، بغية تقديم أدب تحتفي به الأجيال منذ ما يزيد على نصف قرن من الزمان، وكذلك ملازمته للأدباء الكبار في ذلك العصر. وقال الدكتور خوجة: «حين عرّض بعض المنتقدين لأحمد شوقي لكثرة ما رثى من شعره قال بيته النفيس: يقولون يرثي كلَّ خلٍّ وصاحبٍ أجل إنّما أقضي حقوقَ صحابي وأنا لا أجد فضيلة تفوق فضيلة الوفاء، ونحن إذ نستعيد حياة الإخوة والأصدقاء الذين توفاهم الله تبارك وتعالى، إنما نسير على سنّة من الفضل والخير دعاها إلينا ديننا الحنيف السمح، وثقافتنا العربية الأصيلة، وأنا إذ أقف هاهنا حيث وقف أخي الكبير معالي الدكتور محمد عبده يماني -رحمه الله- لأقضي حقًّا له عليَّ، وعلى الأدباء والمثقفين، ولطالما اعتادت المنابر ومنها منبر هذا النادي صوته محاضرًا، ومنتديًا، ومتداخلاً. وكم عرفت له الأندية الأدبية مؤازرته ومساندته، وكان يجد في صحبة الأدباء أنسه وسعادته، يستذكر معهم عهودًا أدبية مرت به، ومكابدة بالحرف والكلمة من أجل أن يقدم أدبًَا تحتفي به الأجيال. ولعل كثيرًا من المثقفين -ولاسيما الأجيال الجديدة- لا يعرفون أديبنا الدكتور محمد عبده يماني إلاّ من روايتيه الشهيرتين «فتاة من حائل»، و»اليد السفلى»، غير أن زملاءه، ورفاق دربه يعرفون أن الدكتور محمد عبده يماني -رحمه الله- كان من ألمع الأدباء الشباب قبل ما يزيد عن نصف قرن من الزمان، وكان ينشر قصصه القصيرة في صحف تلك الفترة، ويشارك زملاءه هموم الأدب والأدباء، ويحلو له أن يسمر في المركاز بحضور أقرانه من أدباء ذلك العصر الكبار أمثال أحمد السباعي، وأحمد عبدالغفور عطار، ومحمد عمر توفيق، وحسين عرب، وحين تصدر الصحف والمجلات المصرية تراه يهب إليها قارئًا عميق القراءة لرموز الأدب والثقافة في مصر والعالم العربي، ثم تراه بعد ذلك وقد تشبّع بالكتب الأدبية التي كانت تجاور الحرم المكي الشريف، فاستقامت لغته، وأصبح منذ شبابه المبكّر خطيبًا مفوّهًا، ومتكلمًا سريع البديهة، حاضر النكتة.. ولعل لأستاذه إسحاق عزوز -رحمه الله- الكثير من الفضل عليه في ذاك». وأبرز معاليه بعض الخصال الحميدة التي كان يتمتّع بها الأديب الراحل، ومنها الشفافية، والنبل، وعزة النفس، والتحلي بأدب النفس، والبساطة، والتسامح، والمحبة، والاعتدال في الحياة، وقال في هذا الصدد: «كان -رحمه الله- دائم الاطلاع على الأعمال الأدبية في الشعر والقصة والرواية، وكان راوية عجيبًا للشعر، يحفظ ألوفًا من الأبيات، وكان يستظهر قصائد كاملة، وهو أديب متمكن، استكمل أدوات الأديب روحًا وخيالاً وأداةً». كما تناول الدكتور خوجة مؤلفات الدكتور محمد عبده يماني، مبيّنًا أنها احتفظت من الأدب بإشراقة العبارة، وانسجام التركيب، وشبوب العاطفة، داعيًا الشباب لقراءة أعماله التاريخية عن سيرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وآل بيته الطاهرين وصحابته الأكرمين. وعبّر وزير الثقافة والإعلام عن شكره للنادي الأدبي بجدة ووفائه لتكريم الفقيد متطلعًا لتكريم الأدباء الراحلين بطباعة أعمالهم، ودراسة إبداعهم لتتعرّف عليهم الأجيال.