أوضح وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ أن الأوامر الملكية بتخصيص 100 مليون ريال لما يتعلق بالدعوة والمساجد وتحفيظ القرآن، سيسهم في نقلة نوعية لبرامجها (500 مليون لصيانة وترميم المساجد، 300 مليون لمكاتب الدعوة والإرشاد، 200 مليون لجمعيات تحفيظ القرآن)، مشيرا إلى أن هذه الأوامر بشقها المعنوي والمادي «تاريخية» لتلك القطاعات في نهضة شمولية تتسم بمنهج الوسطية والاعتدال الذي هو دعامة البقاء. وأضاف آل الشيخ: باسمي واسم العلماء ومنسوبي مراكز الدعوة والإرشاد وأئمة وخطباء المساجد ومسؤولي الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم، نشكر لخادم الحرمين الشريفين هذه اللفتة الكبيرة لتخصيص هذه المبالغ لتتمكن تلك الجهات من سد ما ينقصها وتطوير أدائها وتدريب القائمين عليها، ليكون وفق متطلبات المرحلة القادمة، مضيفا: «ونشكر لخادم الحرمين الشريفين هذا الثناء العاطر على دور العلماء ودور المنتسبين للعمل من حملة الكتاب والسنة في توجيههم للناس». وأشار إلى أن ثناء الملك عبدالله على العلماء، لأنهم صادقون في مسيرتهم، وصادقون مع الله، ثم مع ولاة الأمور فيما يأتون وفيما يذرون، فإنهم يقولون عن علم وفقه وفهم ورعاية للمصلحة الشرعية في كل حال، ولما صدر بيان هيئة كبار العلماء صار عند الناس اطمئنان كبير للاعتماد عليه في رد كل هذه الدعوة المغرضة. ونوه آل الشيخ بدور المثقفين والمفكرين وأصحاب القلم الأمين، الذين كان دورهم واضحا في رد الفتن والدعوى المضللة، وحماية عقول الناس من الأفكار التي تضلل في ميدان صراع الفكر في مثل هذه الأزمات. وأكد أن الذين يحملون أمانة الفكر هم العلماء، وأصحاب الثقافة والفكر والقلم، مشيرا إلى أنهم يحققون مصلحة البلد في اعتمادها على دستورها، وهو الكتاب والسنة، وفي اعتمادها على توحيد الكلمة في الوطن وأرجائه، ويحققون الأخوة الإسلامية بين جميع أبناء الوطن بمبدأ التراحم والشفقة والتواضع لا سلطوية أو فوقية أو إثارة النعرات. وقال آل الشيخ معقبا: «لابد أن نستفيد من توجيهات خادم الحرمين الشريفين الكبيرة التي قرن فيها العلماء داخل هيئة كبار العلماء وخارجها، وأيضا أرباب القلم والمثقفين والمفكرين، لأنهم هم الذين يوجهون العقل والفكر، لابد أن يكونوا في رحمة للناس كرحمة الملك عبدالله». وأوضح أن «العلماء في تاريخ المملكة هم القيادة مع ولاة أمورهم دينا يدينون به الله، وعقيدة أهل السنة والجماعة، واتباع السلف الصالح لا تجيز منابذة ولي الأمر وتوجب مناصحته، هذه ثنائية مهمة في سلوك العلماء والمتبعين لمنهج السلف الصالح، وهي جاءت في بيان هيئة كبار العلماء الذي حرم المظاهرات والفوضى بجميع أشكالها، هذه الثنائية معتمدة على الإخلاص لولي الأمر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة، قال الصحابة: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)، والنصيحة لأئمة المسلمين كما فسرها علماء الإسلام أولا للوقوف معهم، وشد أزرهم ومعاونتهم في الشدة وفي الرخاء، ثم أيضا في بذل النصيحة لهم في ما نرى أنه هو الأصلح والأنفع للناس في دينهم وفي دنياهم». وأكد آل الشيخ أن «هذا الترابط في الولاء والسمع والطاعة لولي الأمر، وأداء النصيحة هذه الثنائية هي التي يحصل بها التوازن والكمال في سيرة الدولة الإسلامية، وهي الأمر القائم الآن في المملكة، فليس لدينا أحزاب لا يمثل العلماء حزب مستقل ينابذون الدولة كحزب معارضة، وليسوا أيضا مطبلين في كل شيء أو في ما يراه الناس أو ما تراه الدولة، بل هم دائما في وسط يقيمون الحق ويقفون مع ولي الأمر وفي عقيدة وقوة وثبات، هم أيضا ينصحون لهم وبينهم في هذين الأمرين معا، الحب والإخلاص والصدق مع الله تعالى ثم مع ولي الأمر، ثم لمصلحة الناس أيضا في ارتباطهم». وحول قراءة المواطن المواقف بوعي، قال آل الشيخ: «الشعب السعودي أهل لمحبة قائده، وأهل لفخر قيادته، فقد كان الشعب عاليا في فهم معطيات الأمور في تماسك داخلي، ومتعاطيا مع الأطروحات مع قوة في الحرص على الاتحاد مع ولاة الأمر وعلمائه، حتى لا نمكن لأي عدو خارجي أو داخلي أو مخطط لتفريق البلد أو لنزع الثقة بين أبناء الوطن وقادته، كان الشعب عاليا فوق المستوى، فحق لنا أن نفخر بقيادتنا ومليكنا وولاة أمورنا، وحق لنا أن نفخر ونرفع رؤسنا بهذا الشعب، الذي أثبت أنه واعٍ سياسيا، واعٍ لأصول بلده ودستوره وفكره، واعٍ لقيمة التماسك والمصلحة الداخلية، أثبت أنه ناصح في التعاطي مع الأحداث». وأكد أن الملك عبدالله بكلماته البليغة لشعبه بث فينا روح الطمأنينة، والقوة، والحب، والوئام، كلمات قليلة ولكنها أبلغ ما أثر على الوطن والمواطن، لأنها لا مست الجميع، معبرة عن حبه لشعبه، وأنهم في قلبه، ويستمد منهم العون والعزم بعد الله تعالى، موضحا أنها كلمات تعطي الشعب قوة كبيرة في تحقيق اللحمة التي تقوى بها الأوطان، ويتحقق ما يريده الناس في حياتهم ودينهم ودنياهم، مبينا أنها كلمة فيها تواصل مع أفراد الشعب، والعلماء، والمثقفين، والمفكرين، وحراس الأمن والوطن. وأوضح أن الأوامر الملكية لها شقان؛ الديباجة التي تكون قبل «أمرنا بما هو آت»، حيث لها أسس شرعية وقواعد في بناء الحكم الصالح، تمثل تأسيسا وتأكيدا واستمرارا لمنهجية الدولة القائمة على الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح، وهذه الأوامر فيها نظرة تأسيسية وتقعيدية إلى تحقيق معاني الحكم الصالح في ميدانه الأوسع، وفيها اعتماد واضح على نصوص الكتاب والسنة، والاستدلال في كل أمر بالدليل الشرعي من القرآن والسنة، أو من القواعد الشرعية، أو من تحقيق العدالة ومصالح العباد، أو من متابعة الناس باحتياجاتهم ومتطلباتهم. وأضاف: هذه الأوامر الملكية السابقة والحالية لا بد أن تقرأ قراءة واعية، لأنها شملت جميع مناحي الحياة، الأندية الرياضية والأدبية، الجمعيات الخيرية، مراكز الدعوة، المساجد، الإسكان، والمواطن، فهي تعطينا نظرة عميقة أن ولاة أمورنا يحرصون على التمسك بالأصل والعقيدة الإسلامية، وبناء الدولة على الشريعة والكتاب والسنة، واحترام أهل العلم وتقدير مكانتهم، وتحقيق اللحمة الوطنية، وإعطاء كل ذي حق حقه وفق متطلبات الدولة وإمكانياتها في الحاضر والمستقبل. وبين أن هذه الأوامر جاءت معتمدة على تحقيق ما قامت به المملكة في علاقتها مع المواطن، والتطوير، وإصلاح الشأن الداخلي على أسس الإسلام وقواعده، ومنهج الكتاب والسنة، ومنهج السلف الصالح، وتحقيق ما يتطلبه الناس بما لا يضر بمستقبل الدولة، ووفق عدالة اجتماعية، وتلمس الحاجات المتنوعة. وحول اهتمام الملك من خلال أوامره الملكية ب «الفتوى» وإنشاء مجمع فقهي سعودي، أوضح آل الشيخ قائلا: كأني بنظرة الملك التي ظهرت في الأمر الملكي، أن السعوديين فيهم طلبة علم كثير، وفيهم فقهاء درسوا الشريعة، وحملوا شهادات عالية في الفقه الإسلامي، وفي علوم الشريعة المختلفة، وإنشاء المجمع للعناية بالأطروحات الفقهية للمجتمع السعودي، وليكون أكثر فاعلية في التعاطي مع ما يطرح من مسائل فقهية سعودية في مختلف المجالات.