الوقت ليس من ممتلكات أحد وهو يمر سريعا دونما سيطرة للإنسان عليه ولا يمكن أن تستعيره أو تقتنيه عند الحاجة إليه، والشيء الوحيد الذي يسمح لك به الوقت أن تتعامل معه، هو أن نتفنن في استثماره وتحصيل أيامه ولياليه وساعاته ودقائقه، وقيمة الوقت ترتبط بالمواسم، فهي ترتفع قدرا وتغلو ثمنا في المواسم الربحية، وهناك شواهد وأمثلة كثيرة في النواحي الموسمية التجارية وشواهد وأمثلة كثيرة في النواحي الموسمية التعبدية، ونضرب هنا مثالا واحدا وهو موسم ليلة القدر، لاعتبار أنها ليلة ذات قيمة نوعية، حيث إنها ليلة مباركة كما قال تعالى (إنا أنزلناه في ليلة مباركة) كم أنها ليلة ذات دقائق ذهبية لأنها ليلة خير من ألف شهر كما قال تعالى (ليلة القدر خير من ألف شهر)، وبمعادلة حسابية ورياضية فإن ساعة ليلة القدر عندما يكون الليل مثل هذه الأيام عشر ساعات، تكون قيمة الساعة لليلة القدر خير من مائة شهر، وقيمة الدقيقة في هذه الليلة الفضيلة خير من خمسين يوما، وقيمة الثانية خير من خمسين ساعة، لذلك فإن الله سبحانه وتعالى قال (وما أدراك ما ليلة القدر ؟) تنويها وتنبيها لقدرها وعظيم شأنها. إنها دقائق ذهبية تحتم على كل عاقل أن يتبنى قرارا عمليا بكيفية استثمار كل ساعة وكل دقيقة في العشر الأواخر من رمضان للحصول على الفائدة الأكبر، وإدراكك لأهمية الوقت لليلة القدر يجعلك تركز على ما يؤمن المردود الأعلى لتحقيق المزيد من خيري الدنيا والآخرة، إن ليلة القدر هي ليلة حصاد أجر كبير في ساعات عمل قليلة، إنها موسم عبادي تستحق التفرغ الكلي والتخلي عن بعض الأمور الدنيوية مؤقتا لحصاد مستو عالٍ من الإنتاجية في وقت أقل. ويبقى السؤال الأخير عن ماهية تحري ليلة القدر؟ إن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أرشد أمته لكيفية التعامل مع هذه الليلة بطريقة واضحة، فهو أخذ عليه السلام بالعزيمة وشرع سنة الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان ليتقرب إلى الله وينقطع عن الناس ويتفرغ للعبادة ويتخفف من الشواغل وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله). ذلك لأن ليلة القدر إنما تكون حصريا في العشر الأواخر من رمضان، فحري بمن يقوم هذه الليالي العشر أن يكون مدركا لليلة القدر، لكن النبي الكريم عليه السلام وهو نبي الرحمة علم أن من الأمة من لا يستطيع ذلك أو يعتريه التراخي والكسل فجعل الباب مفتوحا لمن يستطيع أن يقوم ليالي الوتر من العشر الأواخر، حيث قال صلى الله عليه وسلم (تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان) متفق عليه، ثم هناك تخفيض آخر جعله النبي الكريم عليه السلام مفتوحا في هذا الموسم، وهو أن تكون في السبع الأواخر، فعن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (التمسوها في العشر الأواخر يعني ليلة القدر فإن ضعف أحدكم أو عجز فلا يغلبن على السبع البواقي) رواه مسلم. ولا يزال نبي الرحمة عليه السلام يعرض على أمته جني ربح موسم هذه الليلة باعتباره التركيز على أقرب ليلة مرجوة من السبع الأواخر وهي ليلة سبع وعشرين، حيث ورد في صحيح مسلم قول أبي بن كعب رضي الله عنه (هي الليلة التي أمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها هي ليلة صبيحة سبع وعشرين)، فجدير بكل مسلم أن يتحرى هذه الليلة وأن يحيي وقته ذكرا وتسبيحا وتلاوة واستغفارا، تقبل الله منا ومنكم ولا تنسونا من صالح الدعاء. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 120 مسافة ثم الرسالة