أعتقد أن هيئة الرقابة والتحقيق تستحق الشكر على ما قدمته مؤخرا، فهي لم تزور الأرقام وتقدم معلومات مضللة للمجتمع بكل مؤسساته، مع أنها أقرب للمؤسسات العامة منها لأي شيء. تقول هيئة التحقيق: «إن 92.3% من موظفي 28 وزارة حكومية وفروعها غير منتظمين في عملهم»، بعد تنفيذ 13643 جولة ميدانية قامت بها فرقها. ورصدت الهيئة 17 ظاهرة سلبية في الأجهزة الحكومية، أهمها: عدم تقيد الجهات المختصة والمسؤولين بدورها الإشرافي على إنجاز قضايا ومعاملات المراجعين دون تأخير. عدم تفعيل لائحة الخدمة المدنية المتعلقة بعدم استحقاق الموظف راتبا عن الأيام التي لا يباشر فيها العمل. عدم تفعيل المادتين 31، 32 من نظام تأديب الموظفين في حالة تكرار غياب الموظفين. عدم تفعيل لائحة انتهاء الخدمة المتعلقة بغياب الموظف لمدة 15 يوما متصلة أو 30 يوما متفرقة بالسنة، مع أن المؤسسة يجوز لها إنهاء خدمات الموظف. عدم أداء الجهات المختصة بوزارة الزراعة دورها الإشرافي على محال بيع وتخزين وصرف واستعمال الأدوية البيطرية والبذور ومبيدات الآفات الزراعية. وغيرها من الظواهر السلبية الكثيرة والتي تثير الدهشة والتساؤل والحزن، وتضعنا أمام سؤال كبير «لماذا / كيف حدث هذا؟». قلت: إن هيئة الرقابة والتحقيق قامت بدورها على أكمل وجه ووضعت المرآة أمام الجميع لنرى قبح الواقع، وبقي الدور على من يهمه الأمر للقيام بدوره. وأعني هنا مجلس الشورى، وما الذي سيفعله أمام هذا الرقم المخيف، وكيف سيشرع قوانين جديدة تحد من هذه الكارثة، ثم كيف ستوجد آلية لتطبيقها؟. لأن هناك لوائح موجودة ولم يتم تطبيقها، مع أن الكثير من الشباب يبحثون عن عمل ولديهم قدرة على العمل، بدلا من أولئك الذين يستلمون رواتب فيما هم غائبون ولا تطبق عليهم المادة التي تجيز إنهاء خدماتهم. ثم ماذا عن جامعاتنا، أو ما يمكن تسميتها بديلا عن مراكز البحوث؟. ألا تستحق هذه الظاهرة / الكارثة أن تدرس، ليعرف المجتمع أين مكامن الخطأ، ولماذا 92.3% من الموظفين يسرقون أموال الدولة، إن لم أقل يأخذون رواتب دون حق مشروع؟ وهل الأمر مرتبط بغياب القدوة، لهذا أصبحت المؤسسات العامة عرضة للسرقة دائما؟. وبعد معرفة أسباب هذه الكارثة، ما هي الحلول لإعادة التوازن لنصبح كباقي المجتمعات، ومؤسساتنا كباقي المؤسسات، التي عادة تجد غالبية موظفيها منضبطين في عملهم ، فيما قلة منهم يتلاعبون ويبحثون عن ثغرات في القانون ليستغلوها. أخيرا .. شكرا لهيئة الرقابة على المرآة التي كشفت حجم الكارثة. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة